تقول مصادر سياسية معارضة، إنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يهدف من لقاءات الحوار التي يعقدها، الى “تعويم” عهده، فيما هي فعلياً تكشفه وتُضعفه أكثر. وتعتبر أنّ حوار بعبدا المقرّر غداً، سحب الغطاء عن السلطة القائمة نهائياً، إذ إنّ عون بات عاجزاً حتى عن دعوة أفرقاء سياسيين الى التشاور أو “شرب فنجان قهوة” في بعبدا، فسخّر رئيس مجلس النواب نبيه بري قدراته التفاوضية، لجمع من يستطيع إقناعهم حول طاولة في القصر الرئاسي. فضلاً عن أنّ مقاطعة رؤساء الحكومات السابقين، وأفرقاء أساسيين لهذا الإجتماع، ضربت الحوار وهدفه المُعلن، تأمين توافق داخلي لـ”تحصين السلم الأهلي”.
بعد إقرار غالبية الأفرقاء، الذين سيلبّون دعوة عون أو سيقاطعون لقاء بعبدا، بأنّ “لا جدوى” من هذا الحوار، يعتبر معارضون أنّه بعد رفع الغطاء الخارجي عن لبنان، أتت المقاطعة الداخلية من أفرقاء رئيسيين في البلد للقاء الخميس، لتكشف العهد والحكومة الحالية بنحوٍ شبه كامل، سياسياً وشعبياً. وتقول مصادر سياسية: “العهد يبحث عن حلول للمشكلة التي يعاني منها لبنان خارج مكمنها، فيما أنّ مشكلة البلد سياسية، ولا حلّ لها لا بلقاءات ولا بتفاهمات، بل أن يقول الناس للسلطة الحاكمة لمرة نهائية: “game over”، انتهت اللعبة”.
وفي حين تعتبر جهات كثيرة،إنّ لا جدول واضحاً للحوار، وإنّ الأولوية الآن هي لإخراج البلد من أزمته السياسية – الإقتصادية – المالية، سبق أن أعلن عون عن أنّ موضوع اللقاء الأساس هو تحصين السلم الأهلي، تفادياً للانزلاق نحو الاسوأ وإراقة الدماء، بعد التطورات الأمنية التي شهدتها بيروت وطرابلس قبل أسبوعين.
وفي رأي مصادر قريبة من عون، أنّ هذه الأحداث الخطيرة التي كادت أن تفجّر الوضع، تحتّم على اللبنانيين أن يتيقظوا وينظروا الى المخطط الكبير الذي يستهدف لبنان، إذ إنّ توقيف فلسطينيين وسوريين وسودانيين ضالعين في هذه الأحداث، يدلّ الى أنّ هناك جهات تدفع الى القيام بشغب وتوتّر، ويشير بديهياً الى أنّ هناك مخططاً لإستغلال الثورة وانتفاضة الناس والجوع والضائقة الإقتصادية لتخريب البلد.
وتؤكّد، أنّه لو لم تكن هناك جهوزية لدى الجيش وقوى الأمن، لكانت الأمور اتجهت الى أسوأ ممّا حصل، وترى أنّ الجميع متضرّرون من هذا التخريب، وأوّلهم القوى السياسية بمختلف تلويناتها وانتماءاتها واصطفافاتها. فأيّ مواجهة بين اللبنانيين تتضرّر منها الأحزاب اللبنانية، بصرف النظر عن الجهات التي تقف خلفها وغاياتها.
إلّا أنّ تحصين السلم الأهلي، بحسب معارضين، لا يستدعي حواراً بين الموالاة والمعارضة، بل إنّه عمل السلطات الدستورية والقضائية والأجهزة العسكرية والأمنية. ويعتبرون أنّه تمويه لهدف اللقاء الفعلي، وهو “تحصين” العهد وتغطية “حزب الله”، خصوصاً في وقت تزداد النقمة الشعبية على السلطة، بعد أن وصل قسم كبير من اللبنانيين الى حافة الجوع، وفي وقتٍ يشتد الخناق الداخلي على “الحزب” ولبنان جراء العقوبات الأميركية التي تطاول إيران والنظام السوري.
ويقول سياسي عريق: “لا أفق للبلد إلّا من خلال الإنتفاضة الشعبية. فالتغيير لا يأتي من فوق بل من الناس لتبدّل المجموعة الحاكمة. ولا يُمكن ترك من حرق الطبخة 600 مرة مسيطراً على المطبخ. وإذا ظلّ الفريق نفسه مستلماً السلطة فإنّ النتائج السيئة على البلد ستتفاقم”. ويعتبر “أننا في مرحلة إستحالة الإصلاح، ويجب تغيير الأشخاص، ولا وسائل إصلاحية أو تغييرية أخرى، لأنّ الزمام بيد من يجب تغييرهم”. ويؤكّد أنّ “البلد يمرّ في مرحلة لم يمرّ فيها سابقاً، إذ إنّ الأزمة الآن ناتجة من الموجودين في الحكم، فهم العلّة والسبب بدلاً من أن يكونوا الحلّ”.
في المقابل، يؤكّد مطلعون على موقف عون، أنّه لا يتعدّى على صلاحيات أحد، ولا يطلب من أيّ معارض أن يُصبح موالياً، وهو يسعى في هذه المرحلة الدقيقة الى التشاور مع القيادات انطلاقاً من موقعه الدستوري. ويعتبرون أنّ الحديث عن أنّ السنتين المتبقيتين من عهد عون ستشهدان مصير عهد الرئيس إميل لحود، وسيُقاطع الرئيس داخلياً وخارجياً، ليس إلّا دعاية مركّزة إستباقياً لغايات حزبية وشخصية، وتحليل سياسي خلفيته معروفة. ويؤكّدون أنّ “العهد ليس غارقاً لكي يجري تعويمه، ولا يعمل وفق منطق تصفية الحسابات، بل هناك أطراف تأخذ مواقف سياسية”.
ويضيفون، إنّ “الرئيس عون لم يفعل أيّ شيء في كلّ ولايته يُمكن أن يُلام عليه، وهو يلتزم الثوابت الوطنية والتقاليد و”اتفاق الطائف”، ويُهاجَم لأنّه فتح ملف الفساد، وهذا الأمر أزعج المستفيدين الذين يضعون له العصي في الدواليب. وكلّ رئيس يحاول الإنجاز يواجهونه بـ”كليشيه” أنّه يستأثر”.
في المقابل، تؤكّد جهات سياسية معارضة، أنّ المشكلة الآن في لبنان في مكان آخر، وأنّه لم يعد ممكناً “تغطية” العهد و”حزب الله” تحت حجة “الوفاق الوطني”. وتقول: “إنّ المسار الذي أخذناه بالتغاضي عمّا هو “حزب الله” بالنسة الى لبنان والمنطقة، والإعتبار أنّه أمر طبيعي، ومطالبة العالم بأن يتفهمنا، أثبت فشله. فالخارج لم يعد يريد أن يتفهّم هذا الوضع”.
وإذ تعتبر أنّه على رغم أنّ “لا ديموقراطية في ظلّ سطوة السلاح، ولا أكثرية ولا أقلية”، تسأل: “يملك “حزب الله” وحلفاؤه الأكثرية ويُمكنهم الحكم بمفردهم الآن، فلماذا لا يحكمون ويسعون الى التوافق الوطني؟”. وترى أنّ “الحزب يستخدم لبنان واللبنانيين متراساً، ولا نتيجة من أيّ حوار أو توافق لا يؤديان الى تحرير البلد الذي يأخذه الحزب رهينة”.