دعوى القلق على السّلم الأهلي عليها أن تأخذ زاوية ويخجل دعاة الحرص على هذا السّلم من أنفسهم فلا تحتاج واقعيّة أن “حرب أهلية جديدة تحت الرّماد” إلى كثير برهنة ولكن وفي مقابل هذه المقولة فإنّ جماعة “ذرّ الرّماد في العيون” يعرفون أكثر من الجميع أن نيران الحرب ووقودها وسلاحها بيد حليفهم حزب الله وهو الذي وضع رؤوس الرئاسات الثلاث في مناصبهم، وهو الذي يبقيهم فيها وهو القادر على الذّهاب بهم والمجيء بغيرهم، فليسمحوا لنا كلّهم لأنّهم لا يملكون زمام أمرهم فكيف يملكون زمام ضمان السّلم الأهلي والاستقرار السياسي؟!
البلد “كومة خراب”، وعلى قمّة هذا الخراب سيضعون اليوم طاولة لتذرو مع رياح الانهيار رماد “التكاذب” وليدّعي كلّ هذا الطّاقم السياسي أنّه يعمل تحت عنوان أقلّ ما يقال فيه “الهروب إلى الأمام”، سلطة الكذب على النّفس والشّعب اعتادت على خداع نفسها ومناصريها، وهذه سلطة لا تُبدي اكتراثاً أو احتراماً للشعب اللبناني الذي يأتي في أدنى سلّم اهتماماتها، ولكن الإصرار على الكذب إلى هذا الحدّ وبهذه الوقاحة هو أمرٌ غير مسبوق في تاريخ لبنان!!
لبنان.. إلى أين؟ لا يوجد أحد يستطيع أن يجيب اللبنانيين عن هذا السّؤال؟ فنحن في بلدٌ غارق على جميع المستويات، والأفق اللبناني مسدود بالكامل، والذين يلون أمور اللبنانيين ويجتمعون اليوم في لقاء رمادي ليذرّوا الرّماد في عيون اللبنانيين بعضهم كانوا طوال عقود ولا يزالون “مافيا” مدرّبة على نهب ثروات الشعب، ومع هذا يتواطؤون لـ”يبلفونا” اليوم تحت عناوين “مطّاطة” من عيار “السّلم الأهلي” و”الاستقرار السياسي”! أساساً، المتحلّقون في لقاء طاولة الخراب، أصحاب الوجوه الرّمادية، تجربتنا معهم تؤكّد صدق المثل القائل “الدّنيي وجوه وعتاب”، فما أسرع ما عمّ الخراب لبنان، وفي هذا الوقت المزري من تاريخ لبنان وأزماته لم يعد يجدي أن ننتظر أن يجد اللبنانيّون من يأخذهم على محمل الجدّ ويحترم عقولهم بعيداً عن “العناوين العامّة” الواهية والواهنة، التي لا تزيد الأمور إلا غموضاً!!
في لبنان لا يوجد خطوط مستقيمة ولا يوجد صدق ولا نوايا صادقة ولا من يحزنون، وأزمتنا أكبر بكثير من طلب مساعدة المجتمع الدولي للبنان فيما هذا المجمتع يطالبنا بأن نساعد أنفسنا أوّلاً، وتفضح القشرة الهشّة التي يستر الجميع نفسه بهشاشتها اليوم خصوصاً المتحلقين حول طاولة لقاء الخراب هل يعتقدون أنّهم يخادعون المجتمع الدوليّ بأنّهم جدّيّون في معالجة “الكارثة” اللبنانيّة؟ ما يحدث اليوم عمليّة خداع منظّمة لإلهاء اللبنانيّين وإيهام دول العالم أن الجماعة “يشتغلون” لحلّ أزماتنا، لن يلتفت أحد إلى لبنان أمام هذا الحال ولبنان ذاهب إلى ما هو ألعن وأضلّ سبيلاً بفضل تحكّم حزب الله بمصير طاولة “لقاء بعبدا” والجالسون عليها، هذه هي الحقيقة مهما كابر وكذّب وتآمر اللبنانيّون حتى على أنفسهم!
الجالسون ذرّاً للرّماد في العيون في على طاولة لقاء بعبدا هم اللاعبون أنفسهم وهم شهود على أنفسهم وولاءاتهم شاهدة عليهم وهم أنفسهم المستمرون في المقامرة بحياة الشعب اللبناني… على وجه الحقيقة؛ نحن نعيش تكاذباً طويلاً، لم نصارح بعضنا بعضاً كلبنانيين، نحن طوائف غالباً تتآمر على بعضها، وأحياناً على نفسها، وكلّما استقوت طائفة سعت لسحق الطوائف الأخرى وقهرها، وحزب الله وبيئته الحاضنة اليوم دليل واضح على ذلك.