IMLebanon

ضغوط أميركية على صندوق النقد لعدم الاستجابة لمطالب لبنان

فقدان التغطية الإسلامية المسيحية لـ«لقاء بعبدا» يعكس عمق المأزق

على أهمية إبقاء خطوط الحوار مفتوحة بين الأطراف السياسية، من أجل تهدئة المناخات الداخلية وتفادي التصعيد الذي يتسبب بمزيد من التوتر والاحتقان، إلا أنه كان بإمكان «اللقاء الوطني» الذي عقد، أمس، في قصر بعبدا، أن يحظى باهتمام أكبر ويخرج بنتائج عملية تساعد جدياً في مقاربة الملفات الدقيقة التي ترخي بثقلها على الساحة الداخلية، لو لم يشهد مقاطعة إسلامية مسيحية واسعة، تجلت في غياب مكونات سياسية وازنة لها ثقلها على المستوى السياسي. في موقف اعتراضي واضح على جدول أعمال هذا اللقاء. إذ كان الأجدى بدوائر الرئاسة الأولى، على ما قالته مصادر نيابية معارضة لـ«اللواء»، أن «لا تقصر جدول الأعمال على سبل حماية لبنان من الفتنة الطائفية والمذهبية، بعد الذي جرى في بعض شوارع بيروت في الأسابيع الماضية. فهناك ملفات أكثر أهمية كان ينبغي للقاء أن يتطرق إليها، لو وضعت على جدول الأعمال، لما كانت هناك هذه المقاطعة الواسعة من جانب القيادات».

 

وتشير إلى أن «المتغيبين عن «لقاء بعبدا»، يأخذون على العهد تضييع الوقت في حوارات كانت تدور في الحلقة المفرغة، من دون الولوج إلى جوهر القضايا الشائكة التي تشكل محور الأزمات الداخلية»، متسائلة، «هل أن الممارسات الميليشياوية التي قامت بها مجموعات من المخربين المعروفي الاتجاهات السياسية والحزبية، تستدعي عقد مثل هذا اللقاء في مقر الرئاسة الأولى؟ وأما كان بالإمكان تكليف القوى العسكرية والأمنية، التعامل بحزم وقوة مع هذه العناصر الخارجة عن القانون، ومنعها من القيام بالأعمال التخريبية التي قامت بها في وسط بيروت، وما حاولت إثارته من فتن مذهبية وطائفية في مناطق أخرى؟. وألا يستدعي تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية، وتالياً البحث في سبل مواجهتها وإيجاد الحلول لها، وما تقتضيه التداعيات المحتملة لقانون «قيصر» على لبنان، أن يصار إلى وضع هذه الملفات الدقيقة على جدول الأعمال، من أجل وضع خطة مواجهة للمرحلة المقبلة؟».

 

وترى الأوساط المعارضة، أن «مقاطعة القيادات الوازنة للقاء، أفرغته من مضمونه وأفقدته أهميته، باستثناء كلمة الرئيس ميشال سليمان التي أعاد من خلالها الاعتبار إلى «إعلان بعبدا» الذي تناساه العهد وفريقه السياسي، محملاً «حزب الله» مسؤولية أساسية في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه»، مشددة على أن «هذه المقاطعة، تعكس في جانب مهم منها، اتساع الهوة بين السلطة الحاكمة، من جهة، وبين القوى المعارضة والثوار، من جهة ثانية. وهذا ما ظهر من خلال حركة الاحتجاجات الواسعة على طريق القصر الجمهوري، والتي استبقت عقد لقاء القصر، في رسالة شديدة اللهجة إلى المجتمعين، تعكس الاستياء العارم في صفوف الرأي العام الذي لم يعد قادراً على تحمل الخيبات في أداء هذه السلطة التي تفتقد إلى أدنى مقومات الإحساس بالمسؤولية».

 

ومن أبرز ما يمكن قراءته في أبعاد هذا الغياب النوعي عن اللقاء، برأي الأوساط، هو «مدى العزلة التي  بدأ يواجهها العهد، بعد سقوط التسوية الرئاسية التي أفضت إلى انتخاب الرئيس ميشال عون، في ظل إحجام السلطة الحاكمة عن مقاربة الملفات الحساسة التي تستدعي المعالجة السريعة، السياسية والاقتصادية والأمنية، في وقت أصيب اللبنانيون بخيبة أمل لا حدود لها، جراء تواضع الأداء الحكومي على مختلف الأصعدة، فيما يغرق البلد تحت وطأة تدهور معيشي غير مسبوق، يقابله ارتفاع جنوني في سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة، دون أن تتمكن الحكومة، ولا مصرف لبنان من تحديد الجهات التي تقف وراء هذه اللعبة الجهنمية، وتالياً التصدي لها وتوقيف المتورطين في الجرائم التي يرتكبونها بحق اللبنانيين. في وقت بدا أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وصلت إلى طريق مسدود، بعد 15 جلسة ودون تصاعد الدخان الأبيض حتى الآن، وفي ظل ما يتم تسريبه من معلومات بأن الأمور لا تشجع على الخير، لأن لا شيء محسوماً على صعيد أن يلبي الصندوق طلب لبنان بالمساعدة» .

 

وتعرب الأوساط المعارضة، عن اعتقادها أن «الأميركيين وبعد المواقف الأخيرة التي أطلقها عدد من المسؤولين، ليسوا في وارد إعطاء الضوء الأخضر لصندوق النقد للتجاوب مع طلب لبنان تقديم مساعدات لإخراجه من أزماته، باعتبار أن واشنطن والدول المانحة تأخذ على الحكومة ارتمائها في أحضان «حزب الله» الذي يمسك بقرارها ويفرض هيمنته على مفاصل الدولة. في حين أن الحكومة عاجزة عن القيام بالإصلاحات المطلوبة منها، لكسب ثقة المجتمع الدولي الذي ليس في وارد تقديم الدعم للبنان، إذا لم يلمس جدية الحكومة في تنفيذ الالتزامات التي وعدت بها. وقد حمل الاميركيون بشكل واضح «حزب الله» مسؤولية ارتفاع سعر صرف الدولار وتراجع الأداء الاقتصادي في لبنان، بإصرار على تهريب الورقة الخضراء إلى سوريا لإنقاذ النظام السوري من أزمته الاقتصادية، وإبقائه على معابر التهريب غير الشرعية التي تحرم الخزينة اللبنانية من مئات ملايين الدولارات».