IMLebanon

حوار «بيت الطّاعة»  

 

 

كلّما أراد السّاسة اللبنانيّون اللعب على حبال التعقيدات اللبنانيّة التي بلغت حدّ الانفجار هربوا سريعاً إلى الدّعوة إلى «الحوار»، والحوارات في لبنان أكبر «تفنيصة» سياسيّة، على الأقل خلال الخمسة عشر عاماً الماضية جرّب اللبنانيّون طاولات الحوار ونتائجها الفاشلة ولم يعد سهلاً أبداً الضّحك عليهم وإلهائهم بهذه اللعبة، تأخرت بعبدا كثيراً جداً في إثبات نوايا شعار الإصلاح والتغيير الذي كانت ترجمته الفعليّة قيام «جبران باسيل» بوضع يده على ما استطاع من مفاصل البلد وتهيئة الأرضية لوراثته السياسية من دون أن تُظهر بعبدا أنّها أخذت العبرة من تجارب ثورات الربيع العربي والدّمار الذي ألحقته بالمنطقة عقليّة «توريث» الإبن فكيف بـ»توريث الصهر»!

 

ماذا يُريد فخامة رئيس البلاد أو «بيّ الكلّ» من جمعة الحوار هذه، ماذا وراء أكمة دعوة قيادات ـ بينها وبين العهد وصهره ما صنعه الحدّاد ـ المعارضة إلى «بيت الطّاعة» في بعبدا؟ يدعو رئيس البلاد عندما تحتدم المواقف إلى مراجعة تاريخه، عند هذه الدّعوة إلى الحوار، استيقظت من تاريخه صور العام 1988، فالذي دخل قصر بعبدا رئيس حكومة إنتقالية وظيفتها فقط تأمين انتخاب رئيس للجمهوريّة خلال ستة أشهر، فإذا به يتحوّل إلى «رئيس جمهوريّة» وأقام حفلة استدعاء لكلّ شخصيات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنيّة، استدعى فيروز فجاءه منصور الرحباني، استدعى ماجدة الرومي فحضر زوجها السابق، استدعى سلوى القطريب فحضرت مع روميو لحود، هكذا ظنّ إنّه انتزع شرعيّة المنطقة الشرقيّة لحكومته فاقدة الشرعيّة آنذاك لعدم ميثاقيّتها، تحوّلت نشرة الأخبار على القناة 5 يومها لتشبه نشرة التلفزيونات العربيّة استقبل وودّع، إلى أن انفجرت حرب التحرير المشؤومة والتي أسفرت عن تدمير لبنان وعن لجوء بطلها إلى السفارة الفرنسيّة..

 

ماذا يريد رئيس البلاد من وراء هذه الدّعوة؟ من دون مواربة يريد مصادرة الإعلان عن الورقة الاقتصادية وتقديم صورته لدول سيدر ودعم لبنان على أنّه المنقذ، ليحجّوا إلى بعبدا ويدخلوا في مفاوضات معه، من همس بأذن رئيس الجمهوريّة بالدّعوة إلى هذا الحوار «سطحيّ التفكير جداً»!! لا يستطيع فخامته «جلب» قيادات معارضة عهده وصهره بالقوّة إلى قصر بعبدا، وهذا الجلب لن يوصل عهد فخامته من صوت الثورة الصارخ مهما أكل شبابها ونساؤها خبيطاً بعصيّ الجيش، وأمام صورة هذه العصيّ المرفوعة لضرب الشّعب الجيش هو الخاسر، لم يكن هناك من داعٍ لهذا الانزعاج الذي أبدته كتلة المستقبل والحديث عن الدستور، أساساً التسوية بين نادر الحريري وجبران باسيل «دعست بقلب الدستور»، وأوصلتنا إلى هنا،وأفقدت السُّنيّة السياسيّة دورها وحقوقها وأضاعت ما دفع ثمنه دماءً خلال الحرب الأهلية لانتزاع حقّ لا لبس فيه، أضاعته تسوية لم يدرك مرتكبوها أنّ التسوية شيء و»الانبطاح» شيء آخر، وليس هناك من داعٍ لهذا الردّ العنيف من جانب القصر، لأنّ هذه المظاهر ولحوارات الاستدعائيّة لن تستطيع تجاوز اتفاق الطائف وما نصّ عليه إلا بارتكاب حربٍ جديدة ستقود إلى القضاء على ما تبقّى من حقوق المسيحيين اللبنانيين وتهجير من تبقّى منهم!!

 

لم أفهم «نفسنة» كتلة المستقبل بالأمس، لماذا شخصنة الموقف إلى هذا الحدّ، معراب بقدّها وقديدها وقّعت مع العهد وصهره اتفاقاً ومهّدت له الطريق إلى القصر والتسوية مع المستقبل، و»لحسوا» توقيعهم وأنكروه ثلاث مرات قبل صياح الديك، ولم «تتنفسن» معراب و»تشخصن» الأمر بل ستوفد من يمثّلها إلى القصر، كذلك وليد بك جنبلاط الذي شنّ عليه العهد وصهره حرباً أيقظت ذاكرة حرب الجبل وأرادت نبش الموتى من قبورهم ومع هذا يوفد من يمثّله إلى القصر.. إذهبوا إلى بعبدا وقولوا «لا» كبيرة في وجه العهد وصهره ولحكومة حزب الله!

 

هذه الورقة التي أنتجتها حكومة حزب الله وتباهى بها رئيس الحومة حسان دياب ليس بإمكانها أن تضحك على الدول الدّاعمة للبنان وليس بمقدورها استدراج أموال صندوق النقد الدولي الذي يطلب إجراءات هرب العهد وكلّ حكوماته من تنفيذها، ولن ينفّذها لأنّها ستقفل أبواب الرّزق في وجه التيار الوطني الحرّ وتجفف مزاريب البواخر والكهرباء والفيول وهلمّ جرّاً، قال «حوار» قال.. لقد شاهدنا على «طرز» هذا الحوار «حوارات ياما»!