IMLebanon

بعبدا تُبادر من جديد… مطالبات بقضايا سيادية وخشية من تعويم للسلطة

 

 

أمام التحديات الخارجية والداخلية التي يواجهها لبنان، قفزت الى الضوء فكرة عقد لقاء وطني جامع في قصر بعبدا في 25 حزيران الجاري، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ويُدعى إليه رؤساء الجمهورية السابقون، رؤساء الحكومات السابقون، رؤساء الكتل النيابية، نائب رئيس مجلس النواب، والاحزاب الممثلة في المجلس النيابي، ونشطت الاتصالات بين المقار لتأمين مقومات نجاح هذا اللقاء، وإعداد جدول اعماله.

 

وأكدت مصادر بعبدا لـ”نداء الوطن” ان التحديات المتعددة الجوانب في المنطقة وتداعياتها على لبنان وانعكاساتها على اوضاعه السياسية والامنية والمالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية، تستوجب الخروج بموقف وطني موحّد حيال القضايا المصيرية المطروحة. من هنا تأتي مبادرة رئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيسي مجلس النواب والحكومة بهدف الخروج بموقف يؤكّد وحدة اللبنانيين حيال التحديات المطروحة، بعيداً من الخلافات السياسية، لان مصلحة البلد تقتضي الترفّع عن الخلافات”. وسألت المصادر: “اذا كانت القيادات لا تجتمع في ظل احداث وتطورات ومواضيع بهذه الاهمية ومن هذا النوع، وفي ظلّ ظروف كهذه، فمتى تجتمع إذن؟”.

 

ثلاثة عناوين

 

على المقلب الآخر، أدرجت مصادر سياسية معارضة للعهد الدعوة الى هذا اللقاء في سياق ثلاثة عناوين أساسية: الأول، بلوغ الرأي العام اللبناني حافة الانفجار بسبب الوضع المالي، وكل ما يحكى عن مؤامرات، فالقوى الحاكمة والاجهزة الامنية تدرك جيداً أن جزءاً كبيراً من رد فعل الناس عفوي وناجم عن الفقر والعوز واليأس، وبالتالي هناك خشية من انفجار شعبي. العنوان الثاني يتصل بالازمة المالية وصعوبة الوصول الى تدفقات مالية خارجية، في ظل غياب الثقة الدولية بالحكومة والاجراءات الصفر المُتّخذة لغاية اللحظة. أما العنوان الثالث فالدعوة تأتي في ظل المزيد من الحصار الدولي وتحديداً الأميركي، على محور الممانعة الذي تُرجم بقانون “قيصر”.

 

وقالت: “ما بين الضغط الخارجي المتواصل والضغط الشعبي المستمر، تخشى الأكثرية الحاكمة من انفلات زمام الامور من يدها وتريد بالتالي شراء الوقت واعطاء اشارة الى الداخل والخارج، بأن هناك اجماعاً سياسياً في لبنان على معالجة الامور، وبأن الأكثرية ليست لوحدها بالرغم من تباين المواقف، لكنها بحاجة في هذه المرحلة الى شرعية ومشروعية، فتستفيد من اللقاء لامتصاص نقمة الناس من جهة وتستغلّه لتوجيه رسالة الى الخارج بأن اللبنانيين في حالة وحدة وطنية وسياسية في وجه أي مخاطر كبرى. وهذا هو الهدف السياسي للقاء، بينما كل هذه اللقاءات لا تُجدي نفعاً لأنها تندرج في سياق الاستعراض الذي لا يُقدّم ولا يؤخّر بشكل عملي، وحتى لو كان هناك جدول اعمال من نقطة او نقطتين، فهذه اللقاءات تفتقد الى قرار عملي وخطوات تنفيذية واجراءات يصار الى ترجمتها على ارض الواقع، وبالتالي لقاء بعبدا سيقتصر على مشهدية سياسية يحتاج اليها هذا الطرف لاضفاء شرعية على وضعيته السياسية المُتهالكة داخلياً، بفعل غضب الشارع، وخارجياً مع غياب الثقة، فيما كان الأولى بالأكثرية المُمسكة بمجلس النواب، وبالحكومة، ان تعمد الى خطوات عملانية بقرارات اصلاحية، وهذا ما لم يحصل لغاية اللحظة، وبالتالي تريد تغطية فشلها بلقاءات فولكلورية من هذا النوع”.

 

سليمان: لمواضيع سيادية

 

مصادر قريبة من الرئيس ميشال سليمان سارعت عبر”نداء الوطن” الى التشديد “على ضرورة ان يتناول الحوار المواضيع السيادية التي تشكّل اساس المشكلة، لأن المشكلة ليست اقتصادية بقدر ما هي مشكلة سياسية تنعكس سلباً على اقتصاد لبنان، وهذا ما انتهت اليه طاولة الحوار الوطني سنة 2014، أي العودة الى الالتزام باعلان بعبدا الذي ينص في البند 12 على تحييد لبنان عن صراعات المحاور والذي وافقت عليه الاطراف بمن فيهم الرئيس عون، ومن الضروري ايضاً العودة الى الاستراتيجية الدفاعية التي تضع إمرة السلاح بيد الدولة اللبنانية وحدها دون سواها”.

 

“الوطني الحر” يلبي الدعوة

 

وأعلن “التيار الوطني الحر” انه سيكون اول من يلبّي الدعوة وانه يؤيّد اي دعوة خصوصاً اذا كانت صادرة عن رئيس الجمهورية، لتوحيد كلمة اللبنانيين وتمتين قرارهم وتعزيز قدراتهم في مواجهة المتغيرات والاحداث الدولية والاقليمية وفي مواجهة الازمات الداخلية. وأكدت مصادره لـ”نداء الوطن” انه “اذا كانت هذه المواضيع مطروحة، فاننا نعتبر انفسنا معنيين كتكتل سياسي ونيابي، لا بل نُثّمن هذه الدعوة”.

 

“الكتائب” تنتظر تبلور الصورة

 

اما بالنسبة الى حزب الكتائب فيبدو انه لا يزال ينتظر بدوره ان تتبلور الصورة امامه وان يكون على بيّنة من سبب الدعوة وجدول اعمال الاجتماع والغاية منه قبل ان يُحدد موقفه من المشاركة فيه أم من عدمها، “علماً بأن تجربة اللقاء الوطني المالي في الامس القريب والذي دعا اليه الرئيس عون مع رؤساء الكتل النيابية في قصر بعبدا لبحث الخطة الاصلاحية للحكومة، لا تزال ماثلة امام الحزب، بعدما تنبّأ سلفاً بعدم خروجه بأي نتيجة ملموسة، مع خشيته الدائمة من أن تُفضي اجتماعات كهذه الى تعويم السلطة الحالية في الشكل، فيما المضمون يكون غير مثمر”.

 

“القوات اللبنانية”

 

اما “القوات اللبنانية”، فأشارت مصادرها لـ”نداء الوطن” إلى انها تلقت الدعوة الى اللقاء وانها في صدد درسها داخل تكتل “الجمهورية القوية” لاتخاذ الموقف المناسب، خصوصاً ان “القوات” تعتبر أن الأولوية يجب ان تكون دائماً للقرارات الفعلية والخطوات التنفيذية والاجراءات العملانية من خلال الاصلاحات أولاً واخيراً، فيما مآخذها الكبيرة هي على ما يحصل، في اعتبار انه “يندرج في سياق التنظير السياسي ولا يرتقي الى مصاف الترجمة التي تنتظرها الناس الجائعة، التي تريد خطوات عملانية لا اجتماعات شكلية فقط”.

 

“المردة” و”التقدمي”

 

وماذا عن موقف تيار”المردة”؟ بالطبع، مشاركة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ستبقى محط تساؤل واهتمام لدى الاوساط السياسية، خصوصاً وان فرنجية كان قرّر بأن يتمثّل “المردة” في لقاء بعبدا الاقتصادي والمالي الأخير بالنائب فريد هيكل الخازن، إلا ان إصرار بعبدا على حضور فرنجية الشخصي، دفع بالأخير الى سحب هذا التمثيل وإعلان موقف ساخر تمّثل بقوله: “أنا محجور ورقمي مفرد”.

 

أما الحزب “التقدمي الاشتراكي” فأكدت اوساطه لـ”نداء الوطن” انه يؤيد دائماً الحوار لأنه يتلاقى مع النهج الذي يعتمده رئيسه وليد جنبلاط، وذكّر بأنه تلقّف في السابق كل المبادرات المماثلة لا سيما على ضوء تدهور الأوضاع العامة بشكل غير مسبوق، وأكد انه سيدرس الدعوة وسيعلن موقفه منها.