جعجع سيشارك ورؤساء الحكومات متريثون ربطاً بجدول الأعمال
يجهد رئيس مجلس النواب نبيه بري في أكثر من اتجاه، سعياً من أجل تأمين أوسع مشاركة من جانب القيادات السياسية في حوار بعبدا المزمع عقده في الخامس والعشرين من الجاري، برعاية رئيس الجمهورية ميشال عون، وحضور الرئيس بري ورئيس الحكومة حسان دياب، إضافة إلى رؤساء الجمهورية والحكومة السابقين ورؤساء الكتل النيابية، في إطار العمل على تعزيز التواصل والتلاقي بين المكونات السياسية، في ظل الظروف الضاغطة التي يمر بها البلد، حيث باتت الأمور على درجة كبيرة من الخطورة، بعد الأحداث الأمنية المقلقة التي أعادت إحياء التوترات الطائفية والمذهبية، وما أعقبها من عمليات إحراق لعدد من المحال التجارية والمؤسسات في وسط بيروت وطرابلس. وهو مؤشر مزعج ترك تداعياته على الوضع الداخلي، وشكل بمثابة جرس إنذار للجميع بوجوب التنبه لما يحاك للبلد في الغرف السوداء، وبأنه ما عاد مقبولاً التفرج على ما يجري، ولا بد من المبادرة للإنقاذ قبل أن يسقط البلد في أتون الفتنة والخراب.
ومع توزيع رئاسة الجمهورية الدعوات للمشاركة في حوار بعبدا، على الشخصيات السياسية من غير رؤساء الكتل النيابية الذين سبق للرئيس بري أن تولى دعوتهم في اليومين الماضيين، فإنه يتوقع أن تنشط الاتصالات على أكثر من صعيد، ترقباً لمواقف المدعوين من تلبية الدعوة الرئاسية للمشاركة في هذا الحوار الذي أرادته رئاسة الجمهورية، مناسبة للعمل من أجل تهدئة المناخات السياسية وتخفيف الاحتقان المذهبي والطائفي، في وقت يتعرض لبنان لضغوطات اقتصادية ومالية خطيرة، تستدعي تضافر الجهود، وتحصين الوحدة الداخلية وحماية الوفاق الوطني. وهي مسلمات يجب أن تتضافر جهود المسؤولين والقيادات السياسية للتمسك بها، في مواجهة أي محاولة لزعزعة الاستقرار الأهلي، وضرب وحدة المؤسسات والتأثير في مسار عملها.
وعلى أهمية الحوار الوطني، باعتباره أكثر من ضرورة، وتحديداً في هذا الوقت العصيب الذي يمر به البلد، إلا أن عدداً من القيادات السياسية التي تلقت الدعوة للمشاركة في حوار بعبدا المنتظر، لا تتردد في إبداء الخشية من أن يكون مصير هذا الحوار، كمصير غيره من الحوارات التي سبق وعقدت في مقر الرئاسة الأولى، باعتبار أنه ليس المطلوب إعطاء صك براءة للعهد وحكومته، من خلال تلبية هذه الدعوة، بقدر ما أن المطلوب أن يعي أهل السلطة خطورة المرحلة، ويبادروا إلى القيام بما هو مطلوب منهم، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعد الإخفاقات التي مني بها هذا العهد، في ضوء اتساع رقعة الفساد وغياب الشفافية وتراجع الأداء الاقتصادي على مختلف المستويات، في حين أن وضع الحكومة الحالية ليس أحسن حالاً، في ظل ما تعانيه من تخبط وارتباك، دون أن تتمكن منذ تشكيلها في تحقيق ما هو مطلوب منها، رغم ما قاله رئيسها حسان دياب، بأنها حققت ما يقارب الـ97 بالمائة من برنامجها، في وقت تتزايد وتيرة الاعتراضات على وجود هذه الحكومة، على وقع تسريبات من حين لآخر، عن وجود مشاورات في الخفاء لدفع هذه الحكومة للاستقالة، وتشكيل حكومة بديلة برئاسة الرئيس سعد الحريري.
وإذا كانت مشاركة حلفاء العهد، وحلفاء حلفائه، شبه مضمونة في حوار الخامس والعشرين من هذا الشهر، فإن الصورة بدت مغايرة في المقلب الآخر، ويكتنفها الكثير من الغموض حتى الساعة، بانتظار نتيجة المشاورات التي ستجري بين أركان المعارضة، لاتخاذ الموقف المناسب من الدعوة. لكن يظهر من خلال بعض المواقف التي أعلنت أن الرئيس الحريري، ليس متحمساً كثيراً للمشاركة، وهو سيبحث هذا الموضوع مع كتلة المستقبل الأسبوع المقبل، لإعلان الموقف النهائي، في حين أن رؤساء الحكومات السابقين، فأشارت مصادرهم لـ «اللواء»، أنهم يتريثون في تحديد موقفهم، ربطاً بجدول أعمال الحوار، وما إذا كان يلبي فعلاً الحاجة إلى حوار مجد ومفيد، ولا يكون حواراً من أجل الحوار فقط، على ما شهده القصر الجمهوري من جولات سابقة، ما أدت الغاية المطلوبة منها، بقدر ما كانت مضيعة للوقت، في ما يشبه دوراناً في الحلقة المفرغة، وتسطيحاً للحلول المطلوبة والجدية .
أما مصادر حزب «القوات اللبنانية»، فتقول ل» اللواء»، أنه سيصار إلى التشاور بين الدكتور سمير جعجع، كرئيس لتكتل «الجمهورية القوية»، وبين التكتل، لاتخاذ الموقف المناسب، بعد إجراء المشاورات اللازمة.
لكن المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، تفيد بأن جعجع سيشارك في الحوار المرتقب، بعدما سبق له أن شارك في الاجتماع الاقتصادي الذي عقد في القصر الجمهوري قبل مدة، عدا عن أن رئيس «القوات»، لا يعارض في الأساس كل ما من شأنه تقريب المسافات بين اللبنانيين، في ظل الظروف الضاغطة التي يمر بها البلد، والتي تستدعي حماية استقراره وتفعيل عمل مؤسساته، وإبعاده عن سياسة المحاور، وتجنيبه صراعات المنطقة. في إشارة مباشرة إلى تورط «حزب الله» في الحرب السورية، وهو ما كان سبباً أساسياً في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه في لبنان.