التعقيدات السياسية ما زالت كامنة تحت جمر الخلافات
بدا ان السجالات الخطيرة التي حصلت بين التيار الوطني الحر وحركة امل الاسبوعين الماضيين، والتي عكرت اجواء الميلاد ورأس السنة، قد انحسرت بفعل تحرك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بين الرئاستين الاولى والثانية، والتي تُوّجت بالاتصال الهاتفي منه ومن الرئيس ميشال عون بالرئيس نبيه بري، لكن التعقيدات السياسية مازالت كامنة تحت جمر الخلافات حول مسائل كثيرة، منها مؤخراً جدول اعمال الدور الاستثنائي لمجلس النواب، والدعوة لإنعقاد جلسات لمجلس الوزراء لمناقشة وإقرار موازنة العامين 2012و2022، واخيراً دعوة رئيس الجمهورية رؤساء الكتل النيابية الى طاولة حوارحول مواضيع مختلف على طبيعتها واولويتها ايضاً.
ad
لكن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أجرى خلال اليومين الماضيين اتصالاته برؤساء او ممثلي الكتل النيابية الممثلة بالمجلس النيابي والتي كانت عادة تحضر جلسات الحوار الوطني، وطلب حضورهم لمقابلته للبحث في عقد طاولة الحوار وبنودها، وسيتم توجيه الدعوات اعتبارا من اليوم حسب ظروف كل طرف، وسيلتقي الرئيس عون بهم اعتباراً من يوم غد الثلاثاء. للبحث معهم في دعوته للحوار وجدول الاعمال.
وفي هذا الاطار كانت زيارة الرئيس نجيب ميقاتي الى قصر بعبد عصر الجمعة، وابلغ عون موقفه، والمرجح ان يكون الحضور كونه رئيس حكومة لا رئيس كتلة نيابية فقط، ولا يمكن ان يتغيب مع حضور الرئيس بري، لكنه ابدى تحفظاً حول جدول اعمال الحوار لا سيما اللامركزية المالية الموسعة.
واوضحت المصادرالمتابعة للموضوع، انه في ضوء لقاءات عون بالكتل والقوى السياسية سيتم تقييم الموقف من الدعوة للحوار او عدمها. مع ملاحظة مصادر معارضة عدم حماسة بعض القوى كالقوات اللبنانية للمشاركة بسبب جدول اعمال الحوار واعتبار بعض هذه القوى «ان العهد يحاول ان ينقذ نفسه في الاشهر الاخيرة من الولاية. وان الحوار كان يجب أن يكون في مطلع العهد او بعد تفجر الازمات مباشرة قبل سنتين بهدف درس سبل معالجة الوضع الصعب الذي تمر به البلاد والعباد، او على الاقل ان الحوار يجب ان يجري بعد الانتخابات النيابية لتحديد وجهة التعاطي السياسي مع المرحلة المقبلة بوجود برلمان جديد وربما قوى جديدة من المستقلين والمجتمع المدني».
واشارت المصادر الى ان غياب الرئيس سعد الحريري عن طاولة الحوار لا يلغي ميثاقيتها الطائفية، خاصة اذا حضر ميقاتي كممثل عن السنة، اضافة الى وجود قوى سنية اخرى الارجح ان تحضر كنواب كتلة اللقاء التشاوري. كما ان غياب قوى مسيحية لا يلغي الميثاقية مع وجود تكتل لبنان القوي والارجح تيار المردة. فيما تأكد حضور الرئيس نبيه بري وكتلة الوفاء للمقاومة، مع تأرجح احتمالات حضور او عدم حضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ربما بسبب مرضه (كريب)، وهو الذي حدّد امس رأيه بالحوار بالقول: «للخروج من دوامة التعطيل المدمرة فان افضل طريقة هي في ان يجتمع مجلس الوزراء من دون اي شروط مسبقة، وتبتدئ ورشة العمل وفي مقدمها التفاوض مع صندوق النقد الدولي .هذا هو الحوار الاساس ولا بديل عنه».
لكن في كل الاحوال غياب مكوّن واحد او اكثر سياسي وطائفي اساسي قد يُضعف من تأثير وجدوى الحوار وقد يحول دون تنفيذ ما يتقرر خلاله. وفي حال لمس الرئيس عون اسباباً تحول دون عقد طاولة الحوار او وصولها الى نتائج متفق عليها، فقد يكتفي باللقاءات المباشرة الثنائية بينه وبين القوى السياسية لمحاولة التوصل الى ما يُخرج البلد من الازمة.
ومن المواضيع التي يخشى البعض أن تُطرح موضوع صيغة النظام وطريقة الحكم وصلاحيات الرئاسات وفق ما يطرح التيار الوطني الحر، ولو انه امر مستبعد نظراً لمواقف بعض القوى السياسية الرافضة للبحث في اي تعديل دستوري او إجرئي على صيغة الحكم، لكنها تطالب بتغيير الممارسات التي عطلت اوتجاوزت الدستور احيانا.ً اما بند اللامركزية المالية الموسعة فليقى معارضة بالتأكيد من اغلب القوى إن لم يكن كلها بإستثناء التيار الوطني الحر.
على هذا لا يُتوقع ان تحمل الايام المقبلة اي تطورات جذرية تساهم في حلحلة الاوضاع الكارثية التي تعيشها البلاد على كل المستويات، وربما تحمل استعادة جلسات مجلس الوزراء من باب بحث الموازنة (التي تحتاج الى اسبوعين لإنجازها حسب التسريبات)، وطاولة الحوار في حال انعقدت، مؤشرات معينة على حلحلة ما تبقى دون المطلوب، في ظل استمرار الازمة المعشية الخانقة، نتيجة التجاهل الرسمي لسرقة اموال الناس تارة عبر تجار السوق السوداء وطوراً عبر تعاميم المصرف المركزي وممارسات المصارف، ما ادى الى حالة من الضيق المعيشي تجاوزت كل ما عاشه لبنان من سنوات طويلة.