عندما استشهد الضابط بول معلوف في تشرين الأول 1990، ظن كثيرون أن حلم العائلة العونية سيندثر وأحداً لن يذكرها. لكن يوم أمس، كانت هيئة قضاء المتن الشمالي برفقة نجله إدي معلوف، تضع اكاليل الورد على نصب والده التذكاري في بلدة كفرعقاب المتنية.
ابن الشهيد، سيكون مرشح التيار الوطني الحر عن المقعد الكاثوليكي في المتن الشمالي (فاز بأعلى الأصوات في الانتخابات الحزبية الأخيرة)، وسيكمل ما بدأه والده في التشريع والسياسة. هكذا، يحرص التيار الوطني الحر في كل ذكرى 13 تشرين على القول بطريقته إنه لا ينسى شهداءه ويقاتل من اجل المبادئ التي آمنوا بها. لذلك، ورغم الهدوء السياسي العوني في انتظار ما ستؤول اليه مبادرة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، لن يقف التيار متفرجا ولن يساوم على ما اعتاد القتال من أجله. وبحسب المصادر العونية، الحماسة لم تخمد هذا العام نتيجة الهدنة المؤقتة، فخبر حضور العماد ميشال عون لالقاء كلمته من بعبدا هذا العام أشعل القاعدة العونية وها هي الأقضية، من المتن الشمالي الى أقصى الجنوب، تعدّ كوادرها ومناصريها لملاقاة الجنرال الى «قصر الشعب» الأحد المقبل.
لا تزال المواجهة الاحتمال الأكثر شعبية عند القاعدة العونية
تكتسب ذكرى 13 تشرين أهمية كبيرة هذا العام، فهي، ربما، المرة الأخيرة التي يخطب فيها عون كزعيم تيار سياسي. من هذا المنطلق، ستحمل كلمته أربعة عناوين مختلفة بدءا بالدولة ككل مرورا بالوضع السياسي الراهن وصولا الى الشق الوجداني لهذا التاريخ وأخيرا المنحى الشخصي. شباب التيار الوطني الحر في بعبدا والمتن الشمالي وجبيل وكسروان وعكار وغيرها من الأقضية التي تمثّل خزانا عونيا واثقون بأن «العونيين كما دائما لن يخذلوا الجنرال وسيأتي الحشد بحسب التوقعات وأكثر، وخصوصا اذا كان عون حاضرا بنفسه». ففي العادة، يضع العدّاء جهده قبيل وصوله الى نقطة النهاية ببضعة أمتار لضمان فوزه، فكيف اذا كانت المسافة التي “تفصلنا عن الهدف 100 متر لا غير؟».
الأقضية اليوم خلايا نحل تنشط في كل اتجاه ولكنها ستجتمع في نقطة محددة نهار الأحد المقبل قبل التوجه الى بعبدا. هدوء خطاب الرابية الأخير لم يحبط عزيمة البرتقاليين، «فالنزلة الى القصر هي تحية وفاء سنوية للشهداء وللعماد عون». وهنا لا يستغرب العونيون الهجوم الممنهج على احيائهم ذكرى الشهداء من شخصيات كالرئيس السابق ميشال سليمان والنائب السابق فريد هيكل الخازن والمسؤولة الاعلامية في تيار المردة فيرا يمين، فهؤلاء «كانوا يومها أصلا ضمن فريق المعتدين على الشرعية ويجدر بنا تهنئتهم على بقائهم أوفياء لهذا النهج. من جهتنا نترك للشعب اللبناني والجيش أن يحكم على كلامهم المعيب بحق الجيش؛ سقطت الأقنعة وبات واضحا اي فريق يريد بناء دولة وأي فريق ينبش في قبور شهدائه العسكريين لحماية مصالحه الخاصة».
اليوم، بات يمكن للعونيين، كوادر ونواباً، قول ما كانوا يتحسرون عليه في السرّ عن الحلم الذي استشهد شهداء 13 تشرين من أجله. فالاغتيال لم يطل «الأجساد فقط بل السيادة والحرية ووحدة الصف المسيحي أيضا، وفيما استرجعنا سيادتنا عام 2005 الا أن الوحدة المسيحية بقيت شوكة في حلقنا». أخيرا، «ضُمّدت الجروح مع اعلان النيات بين حزب القوات والتيار الوطني الحر وشفيت كليا مع ترشيح جعجع لعون الى رئاسة الجمهورية». وهذه المعادلة يفترض أن تقود الى «تصحيح الخلل والعودة الى الشراكة الوطنية. بعبدا والميثاق أقرب من أي وقت مضى». ما سبق لا يعني أن فرحة العونيين اكتملت، فـ»قصر الشعب» قريب وبعيد على حدّ سواء. وكلما اقترب عون من رئاسة الجمهورية، علت الحواجز والعراقيل قبيل باب القصر وهم متيقنون من الأمر. لذلك لا يزال احتمال المواجهة، الاحتمال الأكثر شعبية عند القاعدة العونية.