على عبارة «انشالله خير» اتفق الرئيسان بري وميقاتي في توصيف اجواء اللقاء الرئاسي الثلاثي الذي جمعهما مع الرئيس عون في يوم الاستقلال، لكن احداً منهما لم يبح بسر هذا الاجتماع الذي قيل انه كسر الجليد بين رئيسي الجمهورية والمجلس واثلج قلب رئيس الحكومة الذي يعتقد ان تقاربهما يساعد على ايجاد مخرج للمأزق الحكومي.
ويقول احد المطلعين القلائل على الاجواء التي سبقت اللقاء بان ميقاتي كان متحمسا لجمع الرئيسين عون وبري، خصوصا انه حريص على ترطيب الاجواء قدر الامكان بينهما لاعتقاده بان مقاربة المعالجات المطروحة لازمة المحقق القضائي طارق بيطار تصبح اسهل واكثر مرونة.
ورغم التكتم حول ما دار بين الرؤساء خلال النصف ساعة التي جمعتهم في بعبدا وقبلها الدقائق القليلة التي جمعتهم ايضا في سيارة رئاسة الجمهورية، فان المعلومات القليلة التي تسربت لا تؤشر الى تحقيق تقدم ملحوظ في هذا الشأن. فالرئيس عون يصر على فصل الشأن القضائي عن مجلس الوزراء وابقاء المسار القضائي بيد السلطات القضائية المختصة، متجاهلا او انه «ينأى بنفسه» عن مطالبة وتأكيد بري على ان الدستور ينص صراحة على عدم جواز محاكمة الرؤساء والوزراء الا من قبل هيئة محاكمة الرؤساء والوزراء وان اي سلوك اخر يعتبر تجاوزا للدستور وللقانون.
وبرأي المصدر نفسه ان التباين في مقاربة هذه القضية بين الرئيسين عون وبري لا يعني ان اللقاء الثلاثي كان فاشلا او لم يحقق شيئا، ويكفي ان الرؤساء الثلاثة اجتمعوا سويا وتباحثوا في هذا الشأن وشؤونا اخرى.
ووفقا للمعلومات ايضا فان الاجتماع ساده جو من الصراحة والجدية، خصوصا لجهة التأكيد على اهمية تفعيل دور الحكومة بعد معالجة الاسباب التي ادت الى توقف جلسات مجلس الوزراء.
ويتوقع ان يؤسس هذا اللقاء لمرحلة من المداولات والمشاورات المكثفة بين اهل الحكم، حيث ينتظر ان ينشط الرئيس ميقاتي بعد عودته من الفاتيكان التي يزورها غدا، في اطار البحث عن مخرج لعودة اجتماعات مجلس الوزراء على قاعدة التوافق وليس على قاعدة الامر الواقع.
وتقول المعلومات ان محاولة جرت قبل ايام من لقاء الاستقلال لحل عقدة القاضي بيطار تتمحور حول حل قضائي يتلخص بقرار يصدر عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز بكف يد القاضي بيطار، لكن هذه المحاولة لم تحظ حتى الان بموافقة الجهات القضائية المعنية التي ما زالت تتريث او تتحفظ على هذا الحل.
وتضيف المعلومات ان هناك اقتراحات اخرى قيد التداول ابرزها فصل قضية الرئيس حسان دياب والوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق ويوسف فنيانوس عن مسار التحقيق الذي اجراه القاضي بيطار عن باقي عناصر التحقيق، بحيث تتولى هيئة محاكمة الرؤساء والوزراء قضية هؤلاء المسؤولين وتتوقف مفاعيل قرارات قاضي التحقيق في انفجار المرفأ.
وهناك صيغة ثالثة تقضي بان يتولى مجلس القضاء الاعلى وضع المخرج القانوني الذي يعالج اسباب اعتراض الثنائي الشيعي والمردة على مسار تحقيق القاضي بيطار من دون ان يتضح معالم وتفاصيل هذا المخرج.
وبرأي مصادر مطلعة ان هذه الاقتراحات المطروحة تأخذ كلها بعين الاعتبار التي يأتي الحل عبر المسلك القضائي والقانوني بحيث انها تراعي مبدأ فصل السلطات ولا تتجاوز صلاحيات المؤسسات الدستورية الاخرى لا سيما مجلس النواب.
ووفقا للمعلومات المتوافرة فإن ميقاتي عازم على السعي بكل جهده للدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء في اقرب وقت لكنه ليس في وارد القيام بخطوة من جانب واحد او تجاوز موقف الثنائي الشيعي والمردة لأنه يدرك ان مثل هذا السلوك سيؤدي الى مضاعفات سلبية تنعكس اولا على الحكومة وعلى الوضع العام في البلاد.
ويأمل رئيس الحكومة في العمل خلال الايام المقبلة على تحسين الاجواء لايجاد المخرج المناسب الذي يفتح الباب امام عودة جلسات مجلس الوزراء وبالتالي اعادة تفعيل وتنشيط عمل الحكومة ولا يمس جوهر الملف العدلي والقضائي لانفجار مرفأ بيروت.
وينطلق ميقاتي في مسعاه بالتعاون مع الرئيسين عون وبري من ان هناك اجماعا لدى كل القوى والجهات اللبنانية على السير في التحقيق بشأن انفجار المرفأ الى الاهداف المنشودة بكشف الحقيقة وتحقيق العدالة، وان الخلاف الحاصل لا يفسد في الود قضية.
وتقول مصادر مقربة من الثنائي الشيعي ان الاعتراض على مسار تحقيق القاضي بيطار ينطلق من حقائق وثوابت دستورية وقانونية، ولا يهدف ابدا الى عرقلة التحقيق او العمل لكشف حقيقة انفجار المرفأ. لا بل ان ثنائي «امل» وحزب الله حريصان على سلامة هذه القضية الوطنية التي تخص الجميع.
وتؤكد المصادر ان اعتراضها على القاضي بيطار والمسار الذي ينتهجه لا يعني بأي شكل من الاشكال ان الثنائي الشيعي يعرقل التحقيق لا بل ان هذا المسار الذي يسلكه يشكل بحد ذاته اساءة للتحقيق ويؤدي الى نتائج لا تخدم الحقيقة والعدالة عدا عن انها تتعارض مع الاصول الدستورية.