IMLebanon

طريق بعبدا سالكة وآمنة؟

بادئ ذي بدء، لا بدّ من نقل البشرى إلى جميع اللبنانيّين: الطريق إلى قصر بعبدا أصبحت سالكة وآمنة، وفق رؤية الزائرين والموفدين. إلا أن التحفّظ واجب.

أما التوقيت فلا يزال في انتظار جلاء كل التفاصيل المكمّلة لخطوة ملء الفراغ الرئاسي. وكما ذكرنا أمس، المسألة الرئاسيّة لم تعد معلَّقة بحبال الهواء. فالقرار قيد الإعداد. والتفاهم الدولي الاقليمي اكتملت حلقاته تقريباً… إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها.

ثمة مَنْ سيسأل من أين لك هذا؟

من الجهات التي نصفها عادة بالينابيع. ولا موجب لتكرار العوامل والأدوار والدول والعواصم.

لقد حلّ التفاؤل محلّ التشاؤم، وسيحلّ الرئيس الجديد محلّ الفراغ قريباً، وعلى الأسس ذاتها: التفاهم على الرئيس التوافقي الذي تتناسب مؤهّلاته وكفاياته وخبراته مع متطلّبات المرحلة اللبنانيّة العربيّة الاقليميّة المقبلة.

الذين كانوا يراهنون على “عنصر” إهمال الدول الفاعلة والمؤثِّرة في المنطقة وخارجها لأزمات لبنان وفي مقدّمها الفراغ الرئاسي، فوجئوا عند المفترق المصيري واللحظة الحاسمة بأن لهذا البلد أكثر من أم حنون وأب رؤوف وصديق وفي. ولا يزال في هذه الدنيا غيارى وأوفياء يحمون ظهر الضعيف المستهدَف، ويلبّون النداء عجالاً.

فالصيغة المميَّزة لعبت دورها نظراً إلى ما تتخبّط المنطقة العربية في وحوله وذيوله. والتركيبة الطوائفيّة المذهبيّة الميثاقيّة قد صمدت في وجه التجارب الضارية و”إغراءات” التشرذم. وفشلت كل محاولات جسّ النبض والتلويح بالمكافآت الجذّابة.

وحين جدّ الجدُّ وحانت ساعة التصدّي ووضع حدود رادعة لكل مَن زيّنت له التطوّرات أن البلد قد انزلق إلى شفير الانفراط، تدفَقَ الموفدون الدوليون من كل حدب وصوب على بيروت، محمَّلين بالتطمينات وتهدئة الخواطر، مع إبلاغ المرجعيّات المعنيّة حرص أصدقاء لبنان في المنطقة والعالم على تقديم كل أنواع الدعم مما يساعده على مغادرة حقل الألغام الذي دُفِع إليه…

وقد تبلورت هجمة القلق الدولي بوصول مبعوثين وموفدين من شتّى العواصم، في مقدّمها روسيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي وغيرها، مما شكّل أصدق جواب ومفاجأة ودليل على أن لبنان لا يزال يحتفظ برصيد وافر من الأصدقاء الخلَّص. وظهره لا يزال محميّاً. وعنده في الاحتياط مَنْ يدافع عنه عند ساعة الحشرة.

هذا كلُّه لا بعضُه، يصبُّ في خانة وضع حدّ للفراغ الرئاسي وعودة الاستقرار إلى هذا البلد الذي يستضيف في أضيق رقعة جغرافيّة ما يفوق المليوني لاجئ سوري وفلسطيني، ما عدا السهو والخطأ. وعدا المتسلّلين.

مع “نهاريات” اليوم سيزداد حتماً عدد الذين يتّصلون بي مستغربين من أين لي كل هذا التفاؤل وهذا الإصرار.