يعتبر الكثيرون من المراقبين ان ما حصل في خان شيخون السورية سيكون له انعكاسات سلبية على الساحة الداخلية اللبنانية في ظل شد الحبال الذي قد يتطور الى ابعد من ذلك، وقد يكون اولى ضحاياه الاتفاق على قانون انتخابات، خصوصا ان التجاذبات بدأت تطل برأسها من تعيينات فرع المعلومات وتلويح وزير المال بحزمة اجراءات منها وقف مخصصات قوى الامن الداخلي السرية ما يعني شل المديرية عمليا بعد اقتصاصه نقلا من موظفين محسوبين على المستقبل في المالية بحسب مصادر التيار الازرق، في الوقت الذي تسرب فيه ان زيارة رئيس الحكومة الى السعودية لم تبحث قانون الانتخابات بل ركزت على الاوضاع الداخلية للطائفة السنية.
اللافت وسط كل ذلك ما رشح عن مصادر وزارية من ان لا جلسة لمجلس الوزراء الجمعة كما ان جدول اعمال يتضمن بند قانون الانتخابات النيابية خلافا لما يجري تداوله، حيث تم الاتفاق بين الرئيسين عون والحريري على عقدها يوم الاثنين افساحا في المجال امام كل الاطراف لحسم خياراتها، مؤكدة ان المشاورات التي جرت خلال الساعات الماضية بينت ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تراجع عن فكرة طرح مشروع قانون انتخابات ليصار الى بحثه، ليكتفي بتأييده لاي مشروع يتضمن المبادئ العامة التي سبق ان حددها، بحسب دوائر قصر بعبدا، التي اعتبرت ان المناقشات الجدية تبقى ساحتها الهيئة العامة للمجلس النيابي صاحبة القرار الاول والاخير، خصوصا ان ثمة جهات تصر على اقرار المشروع في الحكومة بالاجماع رافضة اي تصويت .
المصادر التي كشفت ان الجلسة ستعقد في بعبدا وبرئاسة العماد عون، اشارت الى ان رئاستي الجمهورية والحكومة ستطلبان من الوزراء الزامية الحضور جميعا نظرا لاهمية الجلسة، ما قد يستدعي التصويت، رافضة التأكيد ما اذا كان رئيس الحكومة سيطرح اقتراح قانون للتصويت عليه في الجلسة، ام سيترك الامر لوزير الداخلية، غامزة من قناة تفاؤل رئيس الحكومة قبيل مغادرته في جولته الاوروبية وتأكيده من باريس ان القانون الجديد سيبصر النور في غضون عشرة ايام، ما يوحي بان شيئا ما يجري التحضير له لجهة مفاجأة انتخابية قد تصدر عن مجلس الوزراء.
غير ان الضبابية السائدة وفقا لبعض الاوساط توحي بان اتجاه النقاشات داخل الحكومة باتت محصورة في خيارين، الاول، اتفاق الحد الادنى على مبدأ اعتماد النسبية كاملة او المختلط، بصيغة تحال الى المجلس ليمرر التمديد التقني تحت غطائها، والثاني، ان اقرار مشروع مبدئي بخطوط عريضة الى المجلس يؤدي الى تمرير التمديد،على ان تستكمل دراسة بنوده ونقاشه في المجلس النيابي، على قاعدة لا يموت الديب ولا يفنى الغنم. الا ان الحلين يصطدمان بارادة مسيحية جازمة بان لا تمديد ولا تأجيل محدوداً الا بشرط اقرار القانون مسبقا.
وفي هذا الاطار علم ان النواب المسيحيين يعتزمون طرح مسألة قانون الانتخابات خلال جلسة المناقشة العامة اليوم من باب سؤال وزير الداخلية عن سبب تلكؤ وزارته عن تقديم مشروع قانون الى الحكومة ليصار الى مناقشته واحالته الى المجلس النيابي، وعما اذا كانت الوزارة تملك تصورا ما لطرحه على الحكومة، في الوقت الذي سيعيد فيه الثنائي المسيحي الذي نسق تحركه خلال الجلسة التاكيد عن رفضه السير باي تمديد ايا كانت طبيعته ما لم يقترن ذلك باقرار قانون جديد.
على حافة هاوية الوقت القاتلة تمارس القوى السياسية لعبة شد حبال مصالحها مهددة الاطاحة بالوطن والكيان في لحظة حاسمة تحيط فيها الاخطار بالبلاد من صوب ومن الداخل بالتحديد. وسط كل ذلك يملأ الفراغ اليوم مسرحية ساحة النجمة ليواجه اللبناني من جديد مآسيه التي لن يلقى من سوق عكاظ الجلسة النيابية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية التي هدفها انتخابي احتياطي اي اجابات، فيما الفساد والفلتان سيدا الجمهورية.