IMLebanon

بعبدا بلا «رئيس» ولا بلدية: عنوان «الضياع»

تتربّع بعبدا على عرش «الضياع» البلدي. ابتلعت سطوة العائلات وحساباتها هيبة الأحزاب. يكاد انتخاب 15 عضواً لبلدية منحلّة يتحوّل الى حرب مفتوحة بين البيوتات الواحدة. هنا مثل آخر عن «معاناة» تفاهم معراب. لا العونيون على رأي واحد، ولا «القوات» و «التيار» على الموجة نفسها، ولا الثنائي المسيحي قادر على فرض شروطه.

عصفت الخلافات ببلدية بعبدا – اللويزة بعد فترة قصيرة من انتخاب مجلسها البلدي في العام 2010، والذي افتتح «عهده» بزيارة الى العماد ميشال عون في الرابية في أيلول من العام نفسه.

اول دفعة كانت استقالة ثلاثة من أعضائها كانوا يغرّدون خارج سرب فريق رئيس البلدية. ثمّ توالت الاستقالات والخلافات التي لم توفّر حتّى العونيين بين بعضهم البعض، فدخل بدري جلخ «العوني» في كباش مباشر مع نائب رئيس البلدية المحسوب على الرابية.

تكفّلت استقالة أديب النوار، نائب رئيس البلدية في حزيران من العام الماضي، بسبب خلاف مع «الريّس»، بتطيير المجلس البلدي برمّته الذي بات بحكم المنحل، بعدما تجاوز عدد المستقيلين نصف أعضائه. يومها أصدر مجلس شورى الدولة قراراً قضى بكفّ يدّ رئيس بلدية بعبدا هنري كرملو الحلو، وطلب من محافظ جبل لبنان أن يتولّى مهامه. وقد استند المجلس بقراره إلى المخالفة الواضحة لرئيس البلدية الذي أصرّ على ممارسة مهامه على الرغم من استقالة أكثر من نصف الأعضاء، وهذا ما يُعتبر مخالفاً للقانون.

ولم تفلح كل محاولات نواب القضاء في السنوات الماضية في وقوع المحظور: بعبدا بلا رئيس للجمهورية… وبلا بلدية!

شغور قصر بعبدا من منصب الرئيس تقابله جهود حثيثة لإعادة ترميم المجلس البلدي المنحلّ عبر انتخابات يبدو أن أقصى طموح «التيار الوطني الحر» فيها، وهو القوة الأكبر في البلدة، عدم استنساخ تجربة 2010 الفاشلة.

يومها فازت لائحة هنري حلو وخرقت بثلاثة أعضاء من اللائحة المقابلة، اثنان منهم من «القوات»، لكن فريق العمل تفتّت لاحقاً تحت وطأة الخلافات بين أعضائه والتي وصلت الى حدّ التراشق باتهامات مخالفة القوانين.

يبلغ عدد الناخبين في بعبدا نحو خمسة آلاف يقترع منهم نحو ثلاثة آلاف. ومن ضمن ألف ناخب سني يقترع نحو 450، إضافة إلى 150 من الناخبين الشيعة.

الصورة لا تزال غامضة في بعبدا. مرشّحون لرئاسة البلدية وللعضوية بالجملة، لكن مشاريع اللوائح لم تكتمل بعد. تطرح أسماء عدة في مدار الرئاسة، انطوان خوري الحلو الذي كان رئيساً لبلدية بعبدا في الدورة السابقة (وهو ابن أخت الرئيس شارل حلو)، انطوان ابو نجم حلو (والده كان رئيساً سابقاً للبلدية) شارل حلو، شقيق رئيس البلدية المنحلّة الذي يتردّد أنه قد يعلن ترشيحه ايضاً في محاولة لـ «الثأر» من عملية إقصائه عن رئاسة البلدية عبر موجة الاستقالات، مع العلم أنه كان قد قدّم نفسه في الانتخابات الماضية على أنه على مسافة واحدة من الأحزاب المسيحية. لكن آخر الكلام في بعبدا بأن كرملو لن يترشّح مجدداً، وبأن شقيقه قد يلتحق بلائحة أنطوان بو نجم حلو.

المعلومات تفيد بأن «التيار الوطني الحر» يفاوض في المرحلة الحالية انطوان خوري الحلو، في ما «القوات اللبنانية» كانت قد طرحت اسم سامي معماري ثم سحبته.

وتصعّب الاعتبارات العائلية في بعبدا الشديدة الحساسية مهمّة فرض الثنائي المسيحي شروطه. تقول أوساط «التيار الوطني الحر» في هذا السياق «لنا شروطنا حين نفاوض وأهمّها أخذ الضمانات الكافية لاستمرارية المجلس البلدي للسنوات الست المقبلة من دون أن نجد أنفسنا فجأة أمام مجلس بلدي منحلّ»، مشيرة الى ان «الاتفاق تام مع «القوات» على خوض المعركة سوياً لكن لم نصل الى شيء بعد».

وفق المعطيات المتوافرة، تقود كثرة المرشّحين الى لائحة أو لائحتين. الاولى برئاسة انطوان خوري حلو، والثانية تتأرجح بين انطوان بو نجم حلو وجيرار كميل حلو.

التوافق العوني القواتي لم يتبلور بعد في ظل تباعد وجهات النظر. لكن اللافت أن عدوى الانقسام العوني في الحدث انتقلت الى بعبدا حيث ينقسم العونيون بين انطوان خوري حلو وانطوان بو نجم حلو، في وقت يقول البعض إن «القوات» تفضّل خيار جيرار حلو.

نائب رئيس البلدية المنحلّة اديب النوار (من اللويزة) سيترشّح لكن ليس على لائحة انطوان خوري حلو الذي اختار سلفاً على لائحته مرشّحَيْن اثنين من اللويزة، وهي الحصّة «المقطوعة» للمنطقة ضمن مجلس بلدية بعبدا، وبالتالي سينتقل الى لائحة انطوان بو نجم حلو.

نواب قضاء بعبدا دخلوا على الخط لكن لا نتيجة حتى الآن. يقول النائب ناجي غاريوس «للمرّة الاولى نشهد هذا الانقسام الهائل داخل البيوتات والعائلات، ما يجعل الأحزاب تلقائياً في حيرة من أمرها. بعد اتفاق معراب خلقوا لنا عدواً وهمياً وقالوا إننا تسونامي سنجتاح كل شيء. لكن معظم المعارك في البلديات لا تحتاج الى خطاب سياسي. بلدية بعبدا نموذجاً حيث إن الطاسة ضائعة والتأليف متعثّر»، يضيف قائلاً «أهالي بعبدا يغيّرون رأيهم بسرعة، نسمع منهم شيئاً صباحاً وشيئاً آخر مساء… ما عمّ نفهم عليهم».

وعلى الخط نفسه يعمل نائب عاليه هنري حلو في مهمة للتوفيق بين المرشّحين بالتنسيق مع نواب بعبدا.