IMLebanon

“حزب الله” في بعلبك الهرمل… “راسو براس أنطوان حبشي”

 

هل يفرّط بمقعدٍ شيعي أو سنّي لتخسر “القوات” المقعد الماروني؟

 

 

لا أحد يمكنه التكهن بنتائج انتخابات 15 أيار في دائرة بعلبك الهرمل ذات الخصوصية العددية والتركيبة الطائفية، وحدها إدارة المعركة ولعبة الحواصل والأرقام ونسبة الإقتراع تحدد ميزان الربح والخسارة.

 

على امتداد مساحة 3009 كيلومترات مربعة يتوزع أكثر من 341 ألف ناخب بين مسلمين ومسيحيين يصوتون لعشرة مقاعد (٦ شيعة، ٢سنة، ١ ماروني، ١ كاثوليكي)، ساهم القانون الأكثري في مصادرتها على مدى دورات متتالية لصالح الأحزاب التي تمثل الأكثرية العددية، فجاء القانون النسبي وأعاد الأمور إلى نصف نصابها، فتمثلت الطائفتان السنية والمارونية بمقعدٍ لكلٍ منهما، وكانت دورة 2018 النيابية «بروڤه» لكل الأحزاب والقوى السياسية لمعرفة طريقة إدارة المعركة الإنتخابية وفق القانون الجديد.

 

رفع «حزب الله» سقف خطابه الانتخابي، والشعارات التي أطلقها بوجه أخصامه في بعلبك الهرمل عام 2018، كان عنوان معركته في حينها ضد تيار «المستقبل» و»القوات اللبنانية» وبعض الشخصيات الشيعية المستقلة هو التحالف مع «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش»، غامزاً بذلك من قناة الشخصيات الشيعية التي نزلت في اللائحة ليعود ويجلس معها ويضمّها إلى حلفه. واليوم أعلن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد عنوان المعركة، وهو التطبيع مع العدو الإسرائيلي، فالحصول على الأكثرية النيابية بالسبل الديمقراطية هدفه التطبيع وإقامة علاقاتٍ مع الكيان الصهيوني وفق تحليله. ولأن المعارك الإنتخابية تستلزم شد العصب قبل يوم الإنتخاب وإطلاق الشعارات والإتهامات للأطراف الأخرى فله ولكل الأحزاب والقوى مبرراتها الانتخابية التي ينتهي مفعولها يوم 16 أيار.

 

أكثر من مئة وتسعين ألف ناخب إقترعوا عام 2018 في دائرة بعلبك الهرمل، وتوزّعت نسب الاقتراع بين الطوائف الاساسية (63%شيعة، 41%سنة، 61%موارنة، 48%كاثوليك)، ووصلت حينها اللائحتان الأساسيتان «الكرامة والإنماء» و»الأمل والوفاء» إلى الحاصل الأول وخرجت اللوائح الثلاث الأخرى من السباق، ليحصل تحالف «القوات» و»المستقبل» والمستقلين الشيعة على مقعدين من أصل عشرة عند احتساب الحاصل الثاني، فيما كانت تتطلب المعركة للوصول إلى الحاصل الثالث إدارة أفضل ومنع تزوير ووصول أصوات المغتربين التي تفوق ثلاثة آلاف صوت لصالح مرشح «القوات» أنطوان حبشي ومنعها عنه الوزير جبران باسيل.

 

تدور المعركة اليوم بين «حزب الله» و»القوات» بعد انكفاء «المستقبل»، مصحوبة بالتحالفات التي نسجها كل طرف مع شخصيات وأحزاب وقوى سياسية، ويعوّل كلّ منهما على الحيثية التي يتمتع بها وحلفاؤه، وفي حين تسعى»القوات» وحلفاؤها للحصول على حاصلين ونصف، يسعى الحزب إلى استرداد مقعدٍ من اثنين خسرهما عام 2018.

 

رفد «حزب الله» خلال الانتخابات الماضية بعض المرشحين على لائحته بأصوات كان أبرزهم النائب جميل السيد، كذلك دعم النائب وليد سكرية عن المقعد السني في حين وصل التصويت الشيعي إلى 120 ألفاً يضاف إليها أصوات سنة موالين، كذلك دعم النائب البير منصور اللائحة بأكثر من 5 آلاف صوت معظمها من الكاثوليك، ليواجه الحزب خلال هذه الانتخابات مشكلةً في دعم حلفائه جميعاً على اللائحة التي لم يعلن عنها لأسباب تتعلق باختيار الأسماء عن المقعدين الكاثوليكي والماروني المتروكين لـ»التيار الوطني الحر» وللحزب «السوري القومي الاجتماعي».

 

يسعى «حزب الله» كما أعلن نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم إلى رفع الحاصل الانتخابي عبر رفع نسبة الاقتراع مستنداً إلى عدة عوامل أبرزها التقديمات والخدمات التي قدمها للحلفاء وأبناء الطوائف الأخرى لا سيما السنية، وترشيحه شخصيتين من أكبر بلدة سنية في البقاع الشمالي ومن عائلة بعلبكية، غير أن العقبات التي تعترض وصول الحزب إلى 9 مقاعد عديدة أبرزها: غياب أصوات الناخبين الكاثوليك الذين صوتوا للنائب ألبير منصور وستصب للمرشح ايلي البيطار كون مرشح «التيار» لا يمكن أن يحصل على أكثر من ألف صوت خلافاً لما تسوق له وسائل إعلام «التيار» عن قاعدة شعبية قوامها 5 آلاف صوت، كذلك يحتاج مرشحاه السنيان إلى الدعم كونهما لن يحصلا على أكثر من ألف صوت سني من «سرايا المقاومة» وقد أسسها الحزب في البيئة السنية، إضافة الى دعم المرشح عن المقعد الماروني كون الكتلة المارونية تصبّ في خانة «القوات» ولصالح الدكتور أنطوان حبشي ووصلت إلى 14 ألف صوت عام 2018. ووفق الحسابات التقديرية سترتفع نسبة تصويت الناخبين الشيعة إلى 70 بالمئة ضمن بيئة الحزب أي ما يقارب مئة وسبعين ألفاً سيصار إلى توزيعها على المرشحين العشرة، يحسم منها أكثر من 17 ألفاً للنائب غازي زعيتر عن حركة «أمل»، إضافة إلى تصويت ما يصل إلى 5000 من السنة والمسيحيين إلى جانب لائحة الحزب ليحصل كل مرشح من اللائحة على ما يفوق 17 ألف صوت.

 

وفي وقت تصل لائحة «القوات» إلى حاصل ونصف، يبقى السؤال: ما هو المقعد الذي سيتم خرقه في حال قرر الحزب دعم مرشحه على اللائحة عن المقعد الماروني بأصوات أكثر لكي تخسر «القوات» المقعد؟

 

تشير مصادر متابعة إلى أن «حزب الله» لا يفصح عادةً عن تكتيكاته الانتخابية لكنه مرتاح إلى أجواء المعركة وانكفاء»المستقبل» عن الساحة كونه يعتبر نفسه أحد ورثتها، ولكنه يأخذ في عين الاعتبار الحيثيات التمثيلية للطوائف في بعلبك الهرمل ولا يمكنه أن يلعب هذه اللعبة لمجرد أن «القوات» تتمثل بهذا المقعد. غير أن مجريات المعركة لا يمكن لأحد أن يتكهن بها، وفي حال قرر الحزب ذلك فحتماً ستكون خسارته المقعد السني وتحديداً في مدينة بعلبك كونه يريد أن تتمثل عرسال بنائب في كتلته، كذلك ستكون خسارة حليفه «التيار» المقعد الكاثوليكي، أما أن يضحي بمقعدٍ شيعي مقابل الماروني فذلك غير وارد ومن المستحيلات كون المنطقة خزان المقاومة ولا يمكن أن يمس تمثيلها الشيعي. وتضيف المصادر أن «الحزب» يفكر أيضاً في الوصول إلى العشرة نواب لكن ذلك من المستحيل أيضاً، فنسبة الاقتراع عند المسيحيين سترتفع أيضاً، كذلك ستكون نسبة الإقبال عند الطائفة السنية جيدة رغم غياب «المستقبل»، وبدعم من الرئيس فؤاد السنيورة الذي يعمل على صعيد لبنان بأكمله، وتختم المصادر أن الأمور في تطورات جديدة لحين ساعة الصفر إلا إذا حدث ما لا يتوقعه أحد، وعليه تبقى المفاجآت سيدة المشهد.