مرة جديدة تعود بعلبك الى واجهة الاهتمام ومن باب التفلت الأمني أيضاً وأيضاً، جراء ما شهدته المدينة من إشتباكات مسلحة وسلاح ثقيل متفلّت واخلال بالأمن وعلى عينك يا شرعية. سكتت أصوات الأسلحة وانكفأ المسلحون موقتاً. لكن الوضع لا يزال ناراً تحت الرماد في ظل السؤال المركزي الذي يردده عامة الناس: هل تعجز الدولة عن القاء القبض على مطلوبين لا يتجاوز عددهم اصابع اليد ممن يتسببون يومياً بمشاكل داخل البلدة ومحيطها، وفي الوقت الذي بإمكان الدولة إن أرادت منع مخالفة بناء غرفة على سطح مبنى لفقير؟
قاصد مدينة الشمس أو المطمئن الى ن أحوال ناسها ولو عن بعد لا يعود إلّا بكمّ من الاسئلة التي يرددها أهل بعلبك ومنطقتها، فهل يجوز استسهال القتل بالطريقة التي تحصل بحيث لم يعد الموضوع مقتصراً على اطلاق نار في الهواء، بل تحول إلى تصفية جسدية مع تجرّؤ الفاعلين على إرسال رسائل صوتية يتباهى فيها القاتل بجريمته؟ وهل يعني ان المطلوبين باتوا يقدمون أنفسهم بديلاً عن الدولة؟ أخيراً أرسل أحد هؤلاء رسائل صوتية إلى أصحاب محطات الوقود مهدداً بإشعالها في حال وجد في الخزانات المقفلة وقوداً؟ هو نفسه ارتكب جريمتين في غضون شهر. والسؤال الأهم: ماذا عن دور نواب المنطقة في ما يحصل أبعد من الإستنكار والوقوف على خاطر اهالي الضحايا؟ وهل يعقل أن يستباح أمن خزان المقاومة من قبل عدد من المرتكبين الخارجين على القانون؟ وماذا عن السلاح الذي ظهر علناً وهو سلاح ثقيل كما بدا، فمن أين يأتي هؤلاء بكل هذا السلاح؟ ومن يمدّهم به؟
وهل باتت الأجهزة الأمنية عاجزة عن وقف هذه العراضات المتنقلة داخل المدينة وخارجها ومن قبل أشخاص معروفين بالأسماء وأماكن الاقامة ولم يخفوا وجوههم؟ ألا يعني ما حصل بالدليل القاطع أن لا دولة ولا من يراهنون على هيبتها ووجودها؟ وأين هم النواب الذين أغدقوا وعودهم على الاهالي عشية الانتخابات ونزلوا الى ساحاتهم وعاشوا بينهم، ثم صاروا ضيوف الآحاد والاعياد؟ أين هو ذاك النائب الذي أزال الزجاج الداكن عن سيارته في موسم الانتخابات ثم أعاد تركيبه بعد صدور النتائج؟ الناس في بعلبك لا تنسى، وهي وفية وكل الأسى أن يقابل وفاؤها بتركها رهينة زمرة من الخارجين على القانون. وقد يبدو تافهاً ربط ما حصل في غضون اليومين الماضيين بتأجيل قانون العفو. في ذهن الأهالي في بعلبك أن “حزب الله” لا يريد لهذا المشروع أن يبصر النور ولذا هو يتلطى خلف “التيار الوطني الحر” وهل يعني هذا أيضاً ترك الخارجين على القانون يعيثون في الأرض فساداً؟ وإلى من يلجأ الاهالي ويشكون مظلوميتهم، وكيف يمكن السماح بكل هذه الاهانات تكال إلى اهل المدينة بمناسبة وبغير مناسبة؟
وأين الخطة الامنية التي سبق وأعدت لمنطقة بعلبك؟ والحواجز الأمنية داخل المدينة وعلى مداخلها؟ وكيف يمكن لمسؤول أمن المنطقة ان يفرض الأمن وهو يتنقل متخفياً من المطلوبين؟ ولماذا لا تعيّن لجان للعشائر مختلفة عن تلك الموجودة يكون بيد اصحابها الربط والحل، وليس من ممثلين درجة عاشرة لا كلمة لهم ولا حضور؟ كما في الانتخابات كذلك اليوم بات الامر بحاجة ملحة الى تدخل قيادات “حزب الله” و”حركة امل” مباشرة، لأن ما تشهده المدينة يصعب على الكافر. وضع المدينة وحالها لم يعد يكفيه أن يدرج في إطار بند على جدول اعمال كتلة نيابية، ولا عبارات الاستنكار والادانة والنظر إلى ما نراه مريباً، من دون أن نحرك ساكناً بينما لا يتم تعيين خفير أو قائد سرية مسؤول عن المنطقة، إلا بعد العودة إلى الأحزاب ونيل موافقتها. في سياق بيانها تجدد “كتلة الوفاء للمقاومة” و”للمرة الألف” دعوتها لقيادات الجيش اللبناني والأجهزة الامنية كافة “كي تتحمل مسؤوليتها” فهل هو اتهام للمؤسسة العسكرية والقوى الرسمية بالتلكؤ في فرض الامن في بعلبك؟ أم هو تقاذف كرة العشائر التي تقف الأحزاب على خاطرها بينما تتهيب القوى الامنية مواجهتها من دون غطاء من تلك الأحزاب؟