بينما يستعد حزب الله لإطلاق ماكينته الانتخابية يوم غد الجمعة، في احتفال يقيمه في بعلبك، لا تزال صورة التحالفات في البقاع الشمالي ضبابية، وكذلك أسماء المرشحين المنافسين للائحة ثنائي حزب الله ــ حركة أمل، التي لم تحسم بعد
التململ الشعبي، بقاعاً، من إعادة ترشيح بعض الأسماء للانتخابات النيابية المقبلة يمكن تلمّسه بوضوح، على الأرض وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. اللافتة التي رُفعت في بلدة تمنين ضد أحد مرشحي حزب الله، وإن سُحبت على عجل ونُسبت إلى «تصرف فردي»، مؤشر على تصاعد وتيرة التململ من تكرار ترشيح الوجوه نفسها منذ نحو عقدين، بعدما كان البقاعيون ينشدون تغييراً ينعكس إنماءً حقيقياً في الخزان الشعبي للمقاومة.
لا يُقنع البقاعيين كثيراً أن حزب الله القادر على تغيير معادلات إقليمية ودولية، غير قادر على إخراج المنطقة من حرمانها المزمن، ولا نوابه غير قادرين، مثلاً، على افتتاح مركز للمعاينة الميكانيكية في البقاع الشمالي، بما يجنّب أهل المنطقة عناء «رحلة طويلة» الى زحلة ليدفعوا الرسوم المتوجبة عليهم للدولة.
حاول الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في كلمته أول من أمس، امتصاص جزء من هذه النقمة. لكن ذلك لن يسهّل المهمة كثيراً على الحزب الذي عليه أن يزين بميزان الذهب توزيع الأصوات التفضيلية بين مرشحيه ومرشحي الحلفاء، آخذاً في الاعتبار الحساسيات العائلية والعشائرية التي تتقدم في كثير من الأحيان على الحسابات السياسية. وكذلك الخليط الطائفي والمذهبي والعشائري الذي يضفي على هذه الدورة الانتخابية نكهة خاصة في ظل القانون القائم على النسبية.
وفيما أعلن تحالف حزب الله ــ حركة أمل أسماء مرشحيه الخمسة عن المقاعد الشيعية (حسين الحاج حسن، علي المقداد، إبراهيم الموسوي بدلاً من حسين الموسوي، إيهاب حمادة بدلاً من نوار الساحلي وغازي زعيتر)، وتخصيص المقعد الشيعي السادس للواء جميل السيد (من بلدة النبي ايلا الزحلاوية)، بدأت الماكينتان الانتخابيتان لحزب الله وأمل عملهما على الأرض، جبراً للخواطر وفكفكةً للعقد، انطلاقاً من الثقة بأن البيئة البقاعية حاضنة للمقاومة بامتياز، ولا يمكن ترجمة التململ في صناديق الاقتراع. رغم ذلك، فإن الحسابات يجب أن تكون دقيقة، في ظل ما يتردد عن نية التحالف الحؤول دون حصول خرق في أي من المقاعد الشيعية الـ 27 في كل الدوائر. وهذا يحتّم توزيع الأصوات التفضيلية بدقة شديدة على المرشحين الستة، وخصوصاً في ظل تأكيد الوزير السابق فايز شكر نيته تشكيل لائحة من ثمانية مرشحين، وكذلك نية الصحافي علي حجازي تشكيل لائحة تضمه مع عصام العزير (شمسطار) وحسن البزال ويوسف روفايل، كما يتجه الشيخ صبحي الطفيلي إلى دعم ترشيح رئيس بلدية بريتال السابق عباس زكي اسماعيل على لائحة القوات اللبنانية.
وفيما رجحت مصادر، تشكيل الرئيس حسين الحسيني، متحالفاً مع المستقبل، لائحة تضمه الى عباس ياغي ورفعت المصري وعلي صبري حمادة، أبلغ الحسيني «الأخبار» أنه لا يزال في مرحلة استمزاج الآراء، وإذا ما قرر فسيعلن ترشحه الأسبوع المقبل «متحالفاً مع كل من يؤمن بإقامة دولة مدنية».
ويعتبر تحالف المستقبل مع الحسيني، إذا حصل، مسألة جوهرية يمكن أن تغير في المعطى الانتخابي، ولا سيما إذا كان خامس المرشحين النائب السابق يحيى شمص، الذي أكد لـ«الاخبار» أن قراره النهائي رهن المشاورات التي يجريها مع بعض الأطراف والعائلات. وقال: «قراري حتى اليوم ليس لا ولا نعم. لا أتبع أحداً ولا تحالف مع أي جهة بعد»، نافياً أن يكون على تواصل مع الحسيني «الذي أعزّه وأقدره». وعن حضوره ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط الجاري، أكد أنها «ليست مؤشراً على التحالف مع المستقبل».
اسما المرشحين للمقعدين السنيين على لائحة حزب الله ــ أمل لا يزالان غير محسومين، مع اتجاه الى تبني ترشيح النائب الوليد سكرية وحسان الرفاعي (الأحباش). وتبدو إمكانية الخرق في واحد من المقعدين السنيين واردة جداً، مع وجود أكثر من مرشح من عرسال، أكبر البلدات السنية في دائرة البقاع الثالثة. فيما لم يحسم تيار «المستقبل» أمر تحالفاته بعد، ولا يزال في مرحلة جوجلة الأسماء ولو أن الترجيحات تميل الى ترشيحه حسين صلح من بعلبك. مصادر «المستقبل» تؤكد أن لا شيء محسوماً بعد، والقرار مرهون بمعطيات عدة؛ من بينها مدى توحد القوى الشيعية المعارضة للثنائي، وواقع الصوتين المسيحي والسني. الثابت الأكيد أن لا تحالف مع حزب الله.
أما المقعد الكاثوليكي في لائحة التحالف، فيبدو أنه سيكون من نصيب الوزير السابق ألبير منصور بعد أن يتبنّى الحزب السوري القومي الاجتماعي ترشيحه، رغم اعتراضات كثيرة من المحازبين الذين يرفضون التخلي عن المقعد لغير حزبي.
يبقى أن الصراع على المقعد الماروني يبدو الأكثر حماوة بين مرشح القوات طوني حبشي ومرشح لائحة التحالف الذي لم يُحسم اسمه بعد. حظوظ النائب إميل رحمة تبدو اليوم ضئيلة جداً، فيما تفيد المعلومات بأن التيار الوطني الحر أبلغ حزب الله وأمل رغبته في خوض المعركة على لائحتهما بالمرشح باتريك فخري (متأهل من البترون وتربطه صداقة بالوزير جبران باسيل)، ابن دير الأحمر والمسؤول السابق في حزب البعث، علماً بأن ترشيحه يثير حساسية لدى عشيرة آل جعفر على خلفية ثأرية بين العائلتين. وقد صدر قبل يومين بيان يحذّر من أن ترشيح فخري سيدفع العشيرة الى عدم السماح بدخول صناديق الاقتراع الى البلدات والقرى التي ينتشر أبناؤها فيها وإلى مقاطعة الاقتراع. غير أن مصادر بقاعية وضعت ما حصل في إطار «محاولات تشويش مجهولة المصدر».
مارونياً أيضاً، تردد أن «وجيه» عائلة آل حبشي، طارق حبشي، عزف عن الترشح في اللحظات الأخيرة وسط معلومات بأنه يميل إلى تأييد ترشيح النائب إميل رحمة تجنباً للإحراج، ولا سيما أن مرشح القوات هو ابن عائلته. مصادر مطلعة قالت إن ترشيح حبشي لا يزال وارداً، وبناءً عليه يحدد ثنائي حزب الله ــ أمل توجهه النهائي بهذا الخصوص.
القوات اللبنانية، من جهتها، ترى أن حضورها المسيحي القوي يخوّلها تشكيل لائحة بالتعاون مع شخصيات شيعية، قد يكون من بينها رئيس بلدية بعلبك السابق خالد ياغي وابن بلدة بدنايل المحسوب على 14 آذار حارث سليمان والمرشح علي صبري حمادة، الذي أعلن في حديث سابق لـ«الأخبار» عدم ممانعته التحالف مع القوات.