لم تشفع سنين الإنتظار والمعاناة التي عاشها البقاعيون حتى إنشاء محافظة بعلبك الهرمل وبعدها تعيين محافظ في إنهاء مشقات وصعوبات يعاني منها المواطنون جراء إنجاز معاملاتهم، لتتمتع المحافظة معها بالإستقلالية الإدارية، بل استمرّت حتى هذه الساعات رغم كلّ المطالبات.
بعد قانون إنشاء محافظة بعلبك – الهرمل الرقم 522/2003 بتاريخ 16 تموز 2003، أقرّ مجلس الوزراء في الثاني من أيار 2014 تعيين محافظين بينهم بشير خضر محافظاً لبعلبك – الهرمل، وما بين القانون والقرار صدر المرسوم الرقم 11861 في 11 شباط 2004 الذي يقضي بإحداث أجهزة للوزارات في محافظتي بعلبك – الهرمل وعكار.
ومنذ 12 عاماً، بقيَ المرسوم حبراً على ورق، ولا يزال أهالي البقاع من قاعها حتى الهرمل وصولاً إلى بعلبك ومروراً بكلّ القرى والبلدات التي تقع ضمن نطاق المحافظة الإداري، يقضون الساعات على الطرقات لإنجاز معاملاتهم وأوراقهم ربطاً بمدينة زحلة.
تلك المعاملات التي لم تعمد الدولة إلى إنشاء أجهزتها وداوئرها الخاصة في المحافظة (أمانة السجل العقاري، دائرتا التربية والنفوس، وغيرها الكثير) بسبب تراخي المعنيّين والمسؤولين وممثلي الأمة في المنطقة، لكي يتسنّى للمواطنين توفير الجهد والتعب والمعاناة.
وفي إنتظار المراسيم التطبيقية بإستحداث الإدارات المعنية وفصل بعلبك – الهرمل عن زحلة إدارياً، أوضح محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر لـ«الجمهورية» أنّ عدداً من الدوائر الرسمية إنفصل عن مدينة زحلة مثل التعليم المهني والتعليم الأكاديمي في إنتظار تعيين رئيس منطقة تربوية، كذلك السجل العدلي الذي إفتتح مركزاً له في ثكنة قوى الأمن في بعلبك، وأيضاً قسم الصحة».
وعن إنفصالها ورقياً عن زحلة، أشار خضر إلى أنّ بعض القوانين والقرارات يحتاج إلى قانون من مجلس النواب مثل تعيين مدير لمصلحة الأشغال التي إنفصلت بدورها»، مؤكداً أنّ مركز المحافظة سينتقل من مبنى سراي بعلبك (المركز الحالي) كون بلدية بعلبك حصلت على هبة إيطالية لترميمها، وإذا لم تبدأ أعمال الترميم خلال فترة قريبة سيتمّ إلغاء الهبة، وسيكون مركز المحافظة الجديد (الموقت) مدرسة رسمية خلف السراي تملكها الدولة اللبنانية بعدما نقل طلابها إلى مجمع المدارس في منطقة عمشكة إسوة بكلّ المدارس الرسمية بقرار من وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، وقد تحمّلت بلدية بعلبك بدل أتعاب نقل الطلاب لهذه السنة.
ولأنّ مركز المحافظة هو الأساس في اللامركزية الإدارية حيث يجمع بين كلّ الدوائر الرسمية والمؤسسات الحكومية ويوفّر على المواطن التنقل من مكان إلى آخر لإتمام أيّ معاملة، صدر القرار الرقم 34 عام 2001 بإخلاء ثكنة غورو في بعلبك وتحويلها إلى سراي حكومية (ثكنة بناها الفرنسيون خلف قلعة بعلبك على مساحة 26 ألف متر مربع)، ولم ينفذ القرار لصعوبات جمّة أهمّها التعويضات الكبيرة للعائلات القاطنة فيها والتكلفة الباهظة للترميم، وما رافق ذلك من عقبات عجزت خلالها بلدية بعلبك ومعها وزارة الأشغال عن إيجاد قطعة أرض مناسبة لإنشاء مركز للمحافظة، إستعيض عنها بالإتفاق مع وزارة التربية بنقل المركز إلى المدرسة الواقعة خلف السراي الحالية.
وعن الوضع القائم، يؤكد أحد المتابعين أنّ تراخي المعنيين واللامسؤولية سيبقي الوضع على ما هو عليه، فالمركز الموقت (المدرسة) الذي سيتمّ نقل مركز المحافظة إليه سيصبح دائماً عملاً بالمبدأ السائد في لبنان، الموقت يصبح دائماً، وأنّ المكان المحدّد سيتسبّب بزحمة سير، هي موجودة أساساً، ولن يُخفّف عن المواطنين أيّ معاناة ومشقات لإنجاز معاملاتهم، كون المركز الجديد ليس بالمستوى المطلوب من حيث السعة والحجم.
فالدوائر والأجهزة التي ستنتقل مع المحافظة والمحافظ (مركز أمن الدولة الإقليمي، دائرة النفوس، دائرة التربية، هيئة الكوارث، قسم الصحة) ستفرض استحداثَ دوائر بعد فصلها، لأنّ ذلك سيدفع إلى إيجاد مراكز جديدة للأجهزة المنفصلة عن زحلة وستقع المشكلة مجدّداً، مؤكداً أنّ الحلّ يجب أن يكون جذرياً وليس على قاعدة التسكين الموضعي.
واعتبر المصدر أنّ «الأهمّ من كلّ ذلك أن تكون للمحافظة قيادة منطقة إقليمية في قوى الأمن الداخلي، فالمحافظ وحتى الآن يطلب الدعم من قيادة منطقة البقاع التي هي خارج سلطته الإدارية، ما يدفع إلى عدم تلبية الطلبات بالسرعة المطلوبة، خصوصاً أنّ الأمن في البقاع والمحافظة حدّث ولا حرج ويحتاج إلى عديد وعتاد على مستوى حجم المحافظة الجغرافي».
ولفت المصدر الى أنّ الفصل في الإدارات وأجهزة الوزارات لا يزال حبراً على ورق والدليل أنّ قرار تعيين الدكتور محمود ياغي مسؤولاً لقسم الصحة في البقاع لم يصل حتى الآن إلى المحافظة، ولم تتبلّغ الجهات المعنية القرار، بل إقتصر الموضوع على قرار يحمله المعني في جيبه.
إذاً تحققت اللامركزية الإدارية لبعلبك الهرمل بالإسم فقط، من دون أن تتحقق على صعيد أجهزة الدولة والوزارات وهيكلية الدوائر الرسمية، وبالتالي لم تتحقق معها اللامركزية الإنمائية التي حُرمت منها بعلبك الهرمل منذ عقود، ما يحتّم على المحافظ ونواب المنطقة ووزرائها تقديم الأفعال وليس الكلام فقط.