IMLebanon

بعلبك ــ الهرمل: طموح قواتي بخرق خزان المقاومة

 

المتغيّر الوحيد في الانتخابات النيابية المقبلة، في دائرة بعلبك ـــ الهرمل، أن نتائج الإنتخابات لن تكون معروفة سلفاً. حزب الله، كعادته، لا يدخل في لعبة التسميات، ويبدو مرتاحاً الى وضعه وأداء نوابه. فيما يسعى فريق 14 آذار، جاهداً، إلى إحداث خرق في الخزان الأكبر للمقاومة

خلط القانون النسبي الأوراق الانتخابية في منطقة بعلبَك ــ الهرمل. سقطت سطوة التركيبة العددية بعدما أحكمت قبضتها ــــ بحكم القانون الأكثري ــــ على غالبية مقاعد هذه الدائرة لأكثر من ربع قرن. وهذا ما يشجّع جهات كثيرة على التهيّؤ لخوض الانتخابات. ورغم أن الحركة لا تزال خجولة نسبياً، يتوقع أن تزداد حماوتها مع كل يوم تقترب فيه الانتخابات من موعدها.

هذا المسُتجد الذي سيسمح بدخول تيارات وأحزاب وشخصيات جديدة (مستقلين و14 آذار) على خط العملية الانتخابية، يفرض على القوى الأساسية (حزب الله وحركة أمل وحلفائهما) عدم التهاون، خصوصاً أنه ربطاً بنتائج الانتخابات السابقة، فإن فوز أيّ لائحة بكامل أعضائها بات شبه مستحيل. وإذا ارتفعت نسبة الاقتراع إلى 70 في المئة في الانتخابات المقبلة (49 في المئة في الانتخابات السابقة)، فإن الحاصل الانتخابي لن يتجاوز عتبة 23 ألف صوت. وفي هذه الحال، يمكن لائحة لفريق 14 آذار تأمين هذا الرقم بسهولة.

مشهدية التحالفات واللوائح والأسماء ليست واضحة بعد، وكمّ المعلومات والتحليلات والتقديرات بشأنها كبير ومتشعّب، ولا شيء فيها محسوماً.

حزب الله وحلفاؤه: هل يأتي التغيير؟

جعجع مهتمّ بالمعركة شخصياً ويعتمد في الخرق على كتلتي التصويت السني والمسيحي

يبلغ عدد النواب في هذه الدائرة عشرة (6 شيعة، 2 سنّة، 1 ماروني، 1 روم كاثوليك). شيعياً، تمّ التداول أكثر من مرّة باسم اللواء جميل السيّد بديلاً لنائب حزب البعث عاصم قانصوه، وهو أمر ينفيه السيد حتى اللحظة، خصوصاً أن القانون الجديد يزيد من حظوظه في دائرة زحلة. وفي حال عدم ترشح السيد في هذه الدائرة، يبقى اسم المرشح البعثي عقدة في ظل «صراع الأجنحة» الذي يشهده الحزب. وفيما يؤكد قانصوه أن ترشيحه رهن بقرار دمشق وحزب الله، رفضت مصادر بعثية الدخول في الأسماء، مشيرة الى أن «الثابت الوحيد هو أن الحزب سيرشّح حزبيين في أكثر من منطقة»، لافتة إلى أن «الوزير السابق فايز شكر سيترشّح بشكل مستقل، ومن غير المعروف ما إذا كان الحزب سيدعمه».

وفي ما يتعلق بالمقعد الوحيد لحركة أمل في هذه الدائرة، فقد أكدت مصادر حركية أن النائب غازي زعيتر سيحتفظ بمقعده، رغم التداول بأسماء عدة، من بينها الدكتور حسن اللقيس والصحافي عباس ضاهر.

أما بالنسبة الى المقاعد الشيعية الأربعة المحسوبة على حزب الله، فقد أشارت معلومات الى أن الحزب قد يستبدل اثنين منها «نتيجة تراكم اعتراضات جمهوره على أداء النواب»، من دون التداول بأسماء جديدة. أوساط الحزب تؤكد أنه «لم يحسم أمر الترشيحات بعد، ولن يدخل في لعبة التسميات إلى ما بعد نهاية العام»، وترى أن «كل الكلام عن سخط جمهور الحزب ليس صحيحاً. وهي حملة يروّج لها شيعة المعارضة في المنطقة، وعدد من التجار الخارجين عن القانون، لا سيما أن نواب الحزب اصطدموا بهم في محطات كثيرة». وتؤكد أن في جعبة نواب حزب الله الأربعة «الذين يتعرضون لحملة شرسة» تقرير عن «إنجازاتهم منذ عام 2009، سيعلن عنه في مؤتمر قريب، لمواجهة هذه الحملة».

المقعدان السنيان اللذان يشغلهما النائبان الوليد سكرية وكامل الرفاعي يعدّان من حصة كتلة «الوفاء للمقاومة». وفيما راجت معلومات عن نية حزب الله ترشيح شخصية سنية من عرسال بدلاً من سكرية، أكدت مصادر حزبية أن «خيار ترشيح عرسالي أمر وارد بقوة، لكن ليس على حساب سكرية»، فيما أكّد الأخير لـ«الأخبار»: «أنا مرشّح، لكنني لن أخوض في تفاصيل الانتخابات الآن».

من بين المقاعد العشرة في هذه الدائرة، تبدو عقدة المقعد الماروني الأبرز. المحسوم في كلام المسؤولين العونيين هو «التحالف مع حزب الله»، وأن المقعد الماروني في بعلبك الهرمل من حصّة التيار. ويبدو أن النائب إميل رحمة الذي أتى به إجماع حزب الله والتيار الوطني الحرّ والمردة يواجه، هذه المرّة، معركة صعبة. فهو أساساً مرشّح التيار، ومقرّب من حزب الله حدّ التلاحم السياسي، وقد أسهمت علاقته الجيدة بالوزير سليمان فرنجية في حصوله على مباركة بنشعي. وبصرف النظر عن دخول القوات على خط المنافسة هذه المرّة، يواجه رحمة مشكلة سخط المردة عليه نتيجة موقفه من الملف الرئاسي. الوزير المردي السابق يوسف سعادة أكد وجود مشكلة مع رحمة، لكنه نفى أن «يكون التيار تحدّث إلى حزب الله في موضوعه، علماً بأننا كنا طرفاً أساسياً في تسميته». لكنه لفت إلى أن «تغيير القانون الانتخابي يفرض علينا الانتباه ودراسة اسم المرشّح، خصوصاً أن إمكانية الخرق في هذا المقعد واردة جداً».

من جهته، يخرج رحمة نفسه من دائرة المنافسة مع أي اسم آخر. يعتبر نفسه «المرشّح الأقوى، نظراً لعلاقتي الممتازة مع التيار الوطني الحرّ وحزب الله»، إضافة إلى «كوني نجحت في خلق حيثية شعبية في المنطقة، واستطعت استمالة نسبة كبيرة من جمهور الفريق الأخر»، ويشير الى تحسّن العلاقة بينه وبين خاله، النائب السابق طارق حبشي، الذي كان حتى عام 2010 قريباً جداً من القوات اللبنانية. وبحسب رحمة، هذا ما دفع القوات إلى «ترشيح شخص من عائلة حبشي لكسب ودّ العائلة».

يحسم العونيون

أن المقعد الماروني من حصتهم بالتحالف مع حزب الله

لكن هذه ليست معضلة رحمة الوحيدة، إذ يبدو أنه لا يُعدّ خياراً وحيداً لدى التيار الوطني الحرّ بعدما خرج إلى العلن اسم المرشّح باتريك فخري، الذي تصطف خلفه عائلة ذات ثقل انتخابي، ويقال إنه مقرّب من البطريرك الماروني بشارة الراعي. يؤكد فخري لـ«الأخبار» أن «علاقتي بفريق 8 آذار قوية جداً، وأنا ناشط بين الناس، وأصحاب القرار في الترشيح يبحثون عن أسماء لها حيثية شعبية». لكنه يؤكد أنه لن يترشّح «إلا في حال كان هناك اتفاق حولي من قبل الأحزاب».

وفي المعلومات أن قيادة التيار أوكلت الى شركة مختصة القيام باستطلاع رأي لتحديد الأوفر حظاً لخوض الانتخابات من بين لائحة تضم محازبين وأصدقاء، من بينهم رحمة وفخري والنائب السابق طارق حبشي، وخليل شمعون، والدكتور شاكر حبشي، ومنير رحمة، والمحامي عدلي شمعون. ويتوقع أن تصدر نتائج الاستطلاع في غضون عشرة أيام.

حسم المقعد الماروني للتيار يعني بقاء المقعد الكاثوليكي الذي يشغله النائب مروان فارس من حصّة الحزب القومي السوري، علماً بأن جمهور حزب الله في المنطقة يحبّذ ترشيح النائب السابق البير منصور كونه صاحب تاريخ خدماتي طويل، وهو «يلتقي مع المقاومة في الخط الاستراتيجي» بحسب فاعليات شيعية تحدثت اليها «الأخبار». رغم ذلك، يبدو أن فارس لا يزال الأوفر حظاً، رغم بروز أسماء أخرى، منها المحامي إياد معلوف الذي يواجه عقبة كونه من قرية حدث بعلبك، فيما العرف يقضي بأن يكون المقعد من نصيب بلدة القاع أو رأس بعلبك. ومن الأسماء أيضاً شفيق أنطون، ومدير مديرية الحزب في القاع خليل التوم وميشال عاد. معلوف أكّد أن «الحزب لم يتخذ قراراً حتّى الآن في هذا الشأن»، مشيراً إلى أن «التغيير وارد، والأهم أن نذهب إلى معركة مضمونة النتائج». وكشف عن «اجتماعات حصلت في المنطقة استمع خلالها للمنفذيات، حيث كان هناك تشاور وإبداء الآراء في شأن الانتخابات في المنطقة».

القوات و«المعارضة الشيعية»

على المقلب الآخر، حسمت القوات أمر مشاركتها في انتخابات البقاع الشمالي بترشيحها أنطوان حبشي عن المقعد الماروني. وفي المعلومات أن القوات تسعى إلى تشكيل لائحة تضم مرشحين شيعة مستقلين يتقدّمهم الشيخ عباس الجوهري، فيما لا يزال البحث جارياً مع تيار المستقبل الذي تقول مصادره إنه على الاغلب سينضمّ الى لائحة كهذه. وتعوّل القوات والجوهري على الثقل المسيحي في دير الأحمر حيث النفوذ القواتي الكبير، وعلى الصوت السنّي «الذي لم ينجح حزب الله في اختراقه داخل هذه الدائرة». وبحسب المصادر، فإن «هذه نقطة قوة، لا سيما أن الانتخابات البلدية الأخيرة تشير الى أن التصويت السنّي سيكون مرتفعاً، بخلاف انتخابات عام 2009». مصادر القوات ترجّح أن تتمكن لائحتها من «الخرق في المقاعد التي لن توزّع عليها أصوات تفضيلية، وعلى الأرجح في المقعد الماروني أو أحد المقعدين السنيين، فيما يبدو الخرق في مقعد شيعي احتمالاً وارداً، وإن كان غير محسوم». المصادر نفسها تؤكد أن «الدكتور سمير جعجع مهتمّ بهذه المعركة بشكل شخصي، ويريد أن تدار معركة مرشّحه الماروني بشكل دقيق، حتى لو اضطر إلى تأمين نقل مغتربين من أبناء منطقة الدير، وهم بأعداد كبيرة، لتمكين حبشي من أن يكون صاحب الحظ في الخرق، بما أن تأمين الحاصل الانتخابي للائحة محسوم من خلال كتلتي التصويت السنّي والمسيحي».

أما المقعد الكاثوليكي، فالحديث عنه داخل فريق 14 آذار مجمّد حتّى الآن إلى حين معرفة وضعية الوزير السابق ألبير منصور، لما يشكلّه من قدرة تجييرية لا يستهان بها، خصوصاً في رأس بعلبك.

وتتداول أوساط فريق 14 آذار أسماء شيعية أخرى قد تضمّها لائحة هذا الفريق، من بينها رفعت المصري وحسن نبها، فيما يبدو تيار المستقبل ضائعاً، إذ تقول مصادره إن «الملف الانتخابي محصور بيد الأمين العام للتيار أحمد الحريري»، وأن الأكيد حتى الآن «أنه لم يتخذ أي قرار لا على مستوى الأسماء ولا التحالفات».

والى هؤلاء، يجري التداول بأسماء مستقلين قد يخوضون الانتخابات، من بينهم رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني الذي تجزم مصادره بأنه ينوي خوض المعركة، «لكن الأكيد أنه لن يكون على لوائح المعارضة». كذلك يبرز بين هؤلاء اسم الوزير السابق فايز شكر، والنائب السابق يحيى شمص.

«شيعة السفارة» لخوض الانتخابات: سنستهدف حزب الله بعناوين إنمائية

منذ عام 2005، رضخ من يسمّون أنفسهم «معارضة شيعية» لصعوبة إحداث أي خرق في «بلوك» الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل). الالتفاف الشعبي حول الثنائي في ظل الاستقطاب الطائفي الحاد، معطوفاً على قوانين الانتخاب الأكثرية، جعلا من أي محاولة خرق ضرباً من المحال. وثائق «ويكيليكس» التي أظهرت تواصل كثيرين من هؤلاء مع السفارة الأميركية ألصقت بهم وصف «شيعة السفارة»، لدى الجمهور الشيعي، وصعّبت مهمتهم أكثر. أضف إلى ذلك أن «المعارضين» لم ينجحوا في تقديم بديل مقنع، خصوصاً أنهم خاطبوا هذا الجمهور إما بأسماء عائلات إقطاعية، أو بأسماء هامشية ذات تاريخ مرتبط بمشاريع معادية للمقاومة.

لكن يبدو أن قانون الانتخاب الذي يعتمد شيئاً من النسبية فتح «نافذة أمل» أمام هذه «المعارضات» ذات الخلفيات السياسية والثقافية المختلفة، والتي يجمعها عداء مطلق لحزب الله خصوصاً. وينطلق هؤلاء من فرضية أنهم إذا أحسنوا إدارة المعركة، فإنهم قادرون على خرق لوائح الثنائي الشيعي، بقاعاً وجنوباً، وحصد «كتلة تضم بين نائبين وخمسة نواب»!

ومن حسموا أمر ترشيحهم، من بين هذه المجموعة حتى الآن، الشيخ عباس الجوهري وأحمد إسماعيل وعماد قميحة، ومعهم مجموعة ناشطين مستقلّين (بينهم مستشار شاب لأحد الوزراء). وهم قرروا، بحسب مصادرهم، اعتماد «استراتيجية جديدة». إذ إن «المعركة ضد حزب الله على أساس الهجوم على السلاح والمقاومة تُربحه بدل تخسيره. لذلك، قررنا التركيز على القضايا الإنمائية، وتحييد الملفات الخلافية الكبيرة حول سلاح الحزب وقتاله خارج لبنان، تماماً كما تفعل الحكومة الحالية»، وبالتالي «خفض سقف الهجوم على الحزب، خصوصاً أنْ لا طائل منه ولا فائدة، مع وجود رئيس جمهورية يدافع عن هذا السلاح في المحافل الدولية».

ويشير أحد الناشطين إلى ثلاث تجارب يجب البناء عليها و«التعلّم» منها لعدم تكرار أخطاء «المعارضات السابقة». الأولى «تجربة أحمد الأسعد الذي استفاد من الدعم الإقليمي في مشاريع شخصية، بدلاً من استثمارها في الجنوب». والثانية «تجربة النائب عقاب صقر الذي ذهب إلى سوريا لتوزيع الحليب، فيما استخسر إقامة نشاط واحد في منطقة شيعية». والثالثة توزير إبراهيم شمس الدين ونيابة أمين وهبة اللذين «لم يسجّل لهما حتى تصريح سياسي ساعد في تحصين المعارضة الشيعية أو تقويتها».

ماذا عن التحضيرات على الأرض؟ يقول الناشطون إنّ «الحلف الانتخابي حسم مع القوات اللبنانية في البقاع الشمالي، حيث سيترشّح الشيخ عباس الجوهري، فيما النقاش مع تيار المستقبل مستمر، وتحديداً مع أمينه العام أحمد الحريري، لحين يحسم التيار أمر تحالفاته، علماً بأنّ قاعدته تفضل التحالف معنا على التحالف مع حزب الله، وهو أمر نلمسه خلال جولاتنا». أما في الجنوب «فلم تتضح الأمور بعد. الأمور قيد النقاش والاجتماعات تحصل مع شخصيات معارضة، فيما يتوقع أن تحسم الأسماء قريباً».

وماذا عن التمويل؟ هل يدعمكم الأميركيون؟ ينفي أحد أفراد هذه المجموعة ذلك، مؤكداً أن «التمويل يأتي من رجال أعمال شيعة». أليس رجل الأعمال «م. أ» هو الوحيد الذي يموّل حركتكم؟ يجيب المصدر نفسه: «هذا صحيح». لكن «م. أ.» معروف بأنه يحصل على تمويل أميركي. «لا يهمنا من أين يأتي بأمواله»، يختم المصدر!

الى ذلك، علمت «الأخبار» أن لقاء سيعقد في أحد فنادق العاصمة غداً، سيضم شخصيات عدة غالبيتها شيعية. وسيتوجّه المجتمعون، كما تقول مصادرهم بـ «نداء وطني» الى الطائفة الشيعية، لوقف «الإنحدار المستمر وضرورة المشاركة في تغيير السلطة السياسية التي تنقل الطائفة من حريق الى حريق».

ميسم…

بالأرقام

تمتد محافظة بعلبك ــ الهرمل على مساحة 3009 كيلومترات مربعة، وتضم أكثر من مئة مدينة وبلدة وقرية. وبحسب إحصاءات وزارة الداخلية، بلغ عدد الناخبين في المحافظة في الانتخابات البلدية الأخيرة 303102 ناخب، اقترعوا لانتخاب عشرة نواب (6 شيعة، 2 سنّة، 1 ماروني، 1 روم كاثوليك).