الهدف واحد، وان سارعت موسكو الى تغيير العنوان من مؤتمر شعوب سوريا الى مؤتمر الحوار الوطني. ومن الوهم تصور الرئيس فلاديمير بوتين يتوقع خروج حلّ من كرنفال سياسي في سوتشي دعيت اليه ٣٣ منظمة سورية. فلا سوتشي هي نهاية الطريق الى التسوية السياسية بل محطة مثل جنيف واستانة على الطريق الى تسوية يراد تغيير الظروف لصنعها على الأرض وفي الكواليس خارج المؤتمرات. ولا التسوية السياسية هي كل ما تخطط له موسكو في زحام المشاريع الروسية والأميركية والايرانية والتركية والسعودية وحسابات النظام والمعارضين والكرد.
ذلك ان الواضح، خلافا لما قيل في بداية التدخل العسكري الروسي المباشر، ان مصالح روسيا في سوريا ومن خلال دورها في الحرب كبيرة ومهمة جدا. وأبسط الأدلة ان موسكو مستنفرة ليل نهار لادارة اللعبة عسكريا في الميدان، وسياسيا في اللقاءات، وديبلوماسيا في مجلس الأمن، واعلاميا على الطريقة السوفياتية في البروباغندا. فهي مارست الخيار العسكري بكل ثقلها من دون أن تتوقف عن الخطاب القائل انه ليس في سوريا حلّ عسكري بل سياسي. وساهمت عبر تفسيرها الخاص لبيان جنيف – ١ ثم تغيير مضمونه بالقرار ٢٢٥٤ في جعل محادثات جنيف تدور في الفراغ، للتوصل الى نوع معيّن من التسوية.
وليس غريبا ان تمهّد صحيفة البرافدا للمؤتمر بالقول انه سيتم في سوتشي رسم مستقبل سوريا. الغريب هو اعطاء الانطباع ان موسكو تراهن بالفعل على تنظيم مؤتمر شعوب لبلورة صورة سوريا. فما يعرفه الجميع من التجارب هو طبخ التسوية في مفاوضات بين أطراف الصراع على أساس مرجعية محددة، ثم الذهاب الى مؤتمر واسع لتتويج التفاهم. وما يحدث هو الانتقال من جنيف الى استانة ثم سوتشي، سواء كان الهدف تجاوز جنيف ومرجعية التفاوض والاشراف الدولي أو العودة الى جنيف.
لكن المفارقة كبيرة: شعار الدعوة الى سوتشي هو توسيع دائرة المشاركين في الحوار. وجدول الأعمال يعكس تضييق مواضيع الحوار. والسؤال هو: كيف يمكن الاتفاق على دستور جديد لسوريا في برج بابل من سوريين وسواهم، وان كانت موسكو أعدّت مشروع دستور للنقاش؟ أليس الأمر الطبيعي هو التفاوض بين طرفين للتفاهم على أسس التسوية ونوع النظام ثم انتخاب مجلس تأسيسي لصوغ دستور واجراء استفتاء شعبي عليه؟
لعلنا في حاجة الى قراءه كتاب بيتر بوميرانتسيف الذي عنوانه لا شيء صحيحا وكل شيء ممكن: القلب السوريالي لروسيا الجديدة.