IMLebanon

بشّار الجزّار والقيصر الأميركي

 

 

في معلّقته الشهيرة «أمِنْ أُمّ أوْفَى دِمْنَةٌ  لمْ تَكَلّمِ» يقول الشاعر الحكيم زهير بن أبي سُلمي «فشَدَّ، ولمْ يُفزع بيوتاً كثيرةً/ لَدى حيثُ ألقتْ رَحلَها امُّ قَشعَمِ»، وأمّ قَشعم: هي أنثى النسر، التي تستقرّ، حيث تَكثرالجُثث، التي تخلّفها الحروب وما أكثر الجثث التي كشفتها صور «قيصر» المنشق عن نظام بشّار والذي وثّق جرائم يشيب لها الولدان ارتكبها نظام مجرم منحرفٌ: «فشَدّ ولم يُفْزِعْ بُيوتاً كثِيرةً/ لدَى حيثُ أَلقَتْ رَحْلَها أُمُّ قَشْعَمِ . وبصرف النّظر عن تعدّد المسميات فإنّه يضرب للشّيء الذّاهب الذي لا ترجى عودته، عسى أن يذهب قانون قيصر بهذا النّظام المجرم ذاهباً إلى غير رجعة وحلفاؤه قبله.

 

من يتذكّر اليوم أنّه في العام 2018 وصف الرئيس دونالد ترامب نظام بشار الأسد المجرم بـ»الحيوان»، ثمّة قناعة شبه جامعة بأنّ قانون قيصر وعقوباته أقلّ من كافٍ لخنق نظام مجرم منذ قيامه، منذ لحظة ولادته بل قبلها حتى، نظامٌ قتل رفاق انقلابه وسيطرته على «الشام» ثم انقلب على رفاقه وأجهز على الجميع ثم خنق بلاده وشعبه بالمعتقلات «شغّل» شعبه كلّه جاسوساً على بعضه البعض نظام جعل الأب يشي بابنه والإبن بأبيه والأخ بأخيه والجار بجاره، حتى حوّل الجميع إلى أعداء محتملين، فيما هو المجرم الحقيقي، كثيرون يجدون أنّ الحلّ الأمثل هو في أن يذوق بشّار الأسد وحلفاؤه المجرمون كلّهم خصوصاً اللبنانيين منهم ما أذاقه لشعبه وبمنتهى البساطة.

 

هل تكفي العقوبات لاسترجاع حقوق كلّ الذين قضوا تحت أيدي سفّاحي النّظام وحلفائه غالباً أثبتت أنّها مع الديكتاتوريات تحتاج عقوداً وأمامنا إيران نموذجاً، إلى أي مدى يستطيع الناس أن يثقوا بالقوانين الأميركيّة هذا سؤال مشروع جدّاً، فمنذ العام 2013 والعالم يشاهد المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري، كم مرّة قصف بشار الأسد الغوطتين الشرقية والغربيّة وجوبر وترما وزملكا وخان شيخون وخان العسل وحمص وسراقب وكفرزيتا بغاز السارين وغاز الكلورين، كم مجزرة علينا أن نعدّ؟ كم قرار صدر عن الأمم المتحدة متعلّق باستخدام الغازات السامّة ضد المدنيين السوريين، وآخرها البيان رقم 2209 الذي يدين استخدام غاز الكلورين في سوريا، وهدد باستخدام إجراءات تحت الفصل السابع إذا استمر استخدام غاز الكلورين، نهاية الأسبوع الماضي تم استخدام غاز الكلورين مجدّداً فلا طبّق فصل سابع ولا من يحزنون بحق بشّار ونظامه وحماته مثلّث الشرّ الجديد التركي ـ الروسي ـ الإيراني؟!

 

بالأمس أطلّ أمين عام حزب الله حسن نصرالله ويتحمّل تنظير نصرالله بالأمس عن كون «العالم في حال انحطاط أخلاقي»، أو عدم السّماح «بذهاب بلدنا إلى الفوضى والفتنة»، وبصرف النّظر عن عقوبات قيصر الأميركي التي ستضيّق الخناق عليه وعلى كلّ الموالين له في لبنان، نجد أنّه من واجب «قانون قيصر» أن يذكّره بأنّ الشّعب السوري لن ينسى لك أنت بشخصك، ولا لحزبك، ولا لحلفائك طوال السنوات الماضية..

 

يبقى النّظر إلى «قانون قيصر» يجب أن يكون شديد الحذر إذ لا ثقة بأميركا، ولا بدونالد ترامب رئيسها، ولا بالمجتمع الدولي الذي وقف متفرّجاً طوال السنوات الماضية مرّة تلو الأخرى أمام مشاهد الموت الجماعي في سوريا، فعلاً لا ثقة بأميركا ولا بأوروبا، ولا حتى بالعرب أيضاً!