IMLebanon

لا يلدغ المؤمن من جُحْر مرتين  

 

 

لم يحصل في تاريخ البشرية أن يُكافأ مجرم قتل مليوناً وخمسماية ألف مواطن من شعبه، وشرّد نصف هذا الشعب، أي 12 مليوناً… وتأتي الدول التي تسمّي نفسها عربية، وتعيد العلاقات مع المجرم وكأنّ شيئاً لم يحصل…

 

يا عالم… يا جماعة… أين الانسانية؟ وأين الرحمة، وأين القانون، وأين الدستور؟ كل هذا ضُرِبَ عرض الحائط… وبدل أن يحاسب على ما اقترفت يداه الملطختان بدماء الشعب البريء، من أطفال وعجائز وشباب ونساء كلهم ذهبوا ضحيّة مجرم سفاح لا يهمه في الحياة إلاّ البقاء على كرسي الحكم، يكافأ بإعادة العلاقات معه طبيعية جداً.

 

والعجيب الغريب، ان أميركا، الدولة العظمى التي تحتل قسماً من أراضي سوريا الغنية، أعني أراضي النفط والغاز والأراضي الزراعية التي تستطيع أن تطعم العالم العربي كله لو استغلت، ردّت على المجرم بأنها لا تزال تفرض عليه عقوبات ما يسمّى بـ»قانون قيصر» الذي صدر عام 2019 والقاضي بفرض عقوبات اقتصادية لتعزيز المساءلة عن الأعمال الوحشية التي يرتكبها بشار. و»قيصر» كما يعلم الجميع المصوّر الشجاع الذي هرّب صوَراً الى خارج سوريا توثّق جرائم بشار، هذا بالرغم من انه يوجد لدى أميركا مئات الآلاف من الوثائق والصوَر، التي توثق الأعمال الاجرامية والقتل والتعذيب، ولا تنسوا البراميل التي كانت تلقيها طائرات الهيلوكوبتر محشية بالنترات التي كانوا يستوردونها عبر مرفأ بيروت، والتي تسبّبت أيضاً بجريمة كبرى بحق اللبنانيين، حيث قتل وجرح 7000 مواطن وهجّر 300 ألف مواطن ودُمّر 100 ألف منزل في أجمل منطقة من مدينة بيروت…

 

وبما اننا نتحدّث عن قرار الجامعة العربية القاضي بعودة سوريا، فلا بد أن نتوجّه الى المملكة العربية السعودية لنذكّر ملكها وولي عهده، بأنّ هذا المجرم ارتكب جريمة كبرى بحق لبنان وبحق المملكة، حين شارك في اغتيال شهيد لبنان وشهيد العروبة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه… وهذا العمل يعتبر أكبر عمل إجرامي في وجه المملكة العربية السعودية التي لولا أن بذل ملوكها من الملك فهد رحمه الله الى الملك عبدالله رحمه الله أيضاً كل غالٍ ونفيس من أجل السلام في لبنان. ولولا السعودية لما وصلنا الى «اتفاق الطائف» الذي كرّس السلام في لبنان بعد سلسلة حروب بدأت عام 1975 ولم تنته إلاّ في «قمة الطائف» التي على أثرها انتخب الرئيس رينيه معوّض… لكنه مات شهيداً حيث فُجّر موكبه بعد أيام معدودة من انتخابه لأنه كان يريد أن يحل المشاكل بسلام.

 

على كل حال، الملك عبدالله أرسل عند وفاة الرئيس حافظ الاسد ملياري دولار نقداً بطائرة خاصة الى سوريا وُضعت في مصرف سوريا المركزي خوفاً من انقلاب محتمل، وأرسل الأمير بندر بن سلطان الى أميركا ليرتب الأمور بين الاميركيين وبين بشار الأسد، ثم عاد الى سوريا قبل دفن الرئيس الأسد، وأبلغ بشار الأسد بما يجب عليه فعله، وهكذا استطاع بشار أن يتسلم الحكم بعد تعديل الدستور لأن عمره كان يومذاك 34 سنة، والقانون ينص على أن يكون الرئيس قد أتم الـ40 سنة، فأجري التعديل، وتسلم بشار الحكم.

 

ولكن بدل أن يَرُدّ جميل المملكة وجميل الملك عبدالله، قام بالمشاركة في قتل شهيد لبنان الرئيس الحريري، رجل المملكة في لبنان..

 

عندما شعر بشار الأسد بهول الجريمة التي شارك فيها ذهب الى السعودية، وكان الملك عبدالله رافضاً استقباله.. ولكنه وبعد استشارة بعض العقلاء وتدخلهم بدءاً بإخوانه ومنهم الملك الحالي سلمان قَبِل أن يستقبل «بشار» في مطار الرياض، وقال له: يا بشار هل أنت قتلت الرئيس الحريري؟ فأجاب بأن لا دخل له وأنه يحمّل الامن تبعة هذا الأمر.

 

فتح الملك عبدالله صفحة جديدة مع بشار على أمل أن يغيّر بشار موقفه وعلاقاته ويرفض الأوامر الايرانية، ومن أجل ذلك أجْبِرَ ابن الشهيد الرئيس سعد الحريري على الذهاب معه الى دمشق واجراء مصالحة بين القاتل وابن القتيل… وبالرغم من ذلك ما زال بشار واقعاً تحت تأثير الايرانيين، وما زال ينفّذ الأوامر الايرانية ضد إخوانه العرب.

 

انطلاقاً من ذلك، نقول إنّ ما قامت به المملكة بالامس في الجامعة العربية لن يعطي أي نتيجة، ما دام الغدّار لم يعاقب ولم يحاسب على أعماله، و»أنّ الذي يجرّب المجرّب يكون عقله مخرّب»، هذا مثل شعبي مشهور.

 

أخيراً، نذكّر المملكة بالحديث النبوي الشريف: «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين».

 

والأيام آتية.