اعتاد الرئيس السوري بشار الاسد منذ تسلمه الرئاسة بعد وفاة والده حافظ الاسد، النكوث بالوعود للعديد من الرؤساء والوسطاء في الدول العربية والاجنبية، والانقلاب على الاتفاقات المعقودة، في الازمات والمشاكل التي واجهت سوريا، إن كان في التعاطي مع لبنان، إبان وجود القوات السورية، وتواطؤ النظام بجريمة اغتيال الرئيس الشهيدرفيق الحريري، واضطراره للانسحاب قسرا من الاراضي اللبنانية، او في مواجهة انتفاضة الشعب السوري المطالب بالحرية والمشاركة بالسلطة ومقدرات الدولة منذ نشوبها في العام ٢٠١١، بكل اسلحة وادوات القتل المحرمة دوليا،وما ترتب عليها من تداعيات على وحدة سوريا، واستجلاب التدخلات الايرانية والروسية، والاستقواء بها لحماية نظامه الاستبدادي، ما ادى إلى قتل مئات الالاف وتهجير ملايين السوريين إلى خارج اراضيهم، وتدمير واسع النطاق، وتقسيم سوريا مناطق نفوذ للدول المذكورة، واخرى كالولايات المتحدة الأميركية التي تحتفظ بقواعد ومراكز عسكرية على طول الحدود السورية مع العراق، واحتلال تركيا للشمال بحجة مواجهة المتمردين الاكراد ضدها.
لم تنفع كل محاولات اقناع الرئيس السوري، التزام تنفيذ القرار ٢٢٥٤ الصادر عن مجلس الأمن الدولي في العام ٢٠١٥، لحل المأساة السورية سياسيا، ضمن آلية حددها القرار وتنص على انتقال ديمقراطي للسلطة واشراك الشعب في سلطة القرار، بإشراف من الأمم المتحدة، وانتهج المماطلة والتسويف، من لقاء سوتشي إلى استانة، وكان يستقوي بمسار المصالحات التي رعتها القوات الروسية، لتوسيع رقعة نفوذ النظام، والتنكيل بالمعارضة، من دون أن تقدم نحو الحل السياسي.
أكثر من فرصة أعطيت للرئيس السوري لكي ينتهج المسار السياسي لحل الازمة السورية، ويفك تحالفه مع ايران، مقابل اعادة تطبيع علاقات سوريا مع الدول العربية، والغرب، وانهاء العقوبات الاميركية المفروضة على النظام، ودُعي للقمة العربية التي انعقدت بدولة البحرين العام الماضي لهذه الغاية، بعد قطيعة عربية معه منذ اندلاع الثورة السورية، ثم دُعي للقمة العربية الاسلامية في الرياض مؤخرا، ولكنه تجاهل هذه الفرص والمحاولات، واستمر في علاقته مع النظام الايراني، بالرغم من الرسائل الإسرائيلية بعمليات القصف الجوي الإسرائيلي لمقرات ومواقع ايرانية داخل الاراضي السورية، واغتيال العديد من الضباط والمستشارين الايرانيين فيها.
وكان الرئيس الاسد رفض سابقا دعوة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان للتلاقي والمصالحة مع تركيا بمسعى روسي، لبحث كيفية حل الأزمة السورية سياسيا، والتنسيق لاعادة النازحين السوريين الى بلادهم،وفتح صفحة جديدة في العلاقات السورية التركية، بعدما وضع شروطا مسبقة، اولها سحب القوات التركية من الاراضي السورية.
بعد تحرك المعارضة السورية عسكريا منذ ايام، واحتلالها مدينة حلب وضواحيها، والتقدم سريعا نحو المناطق المجاورة،وتراجع ملحوظ للجيش السوري والمليشيات الايرانية الداعمة في مناطق اخرى، ضاق هامش المناورة والتلاعب والانقلاب على الاتفاقات، واصبح امام الرئيس السوري خياران، احلاهما مرٌّ، الاول المبادرة للجلوس مع المعارضة سريعا، لتسريع الحل السياسي للازمة السورية،واعلان انهاء تحالفه مع ايران او الاستمرار في مواجهة المعارضة حتى النهاية، في ظل موازين قوى لصالح المعارضة وليست لصالحه.