Site icon IMLebanon

من همس في أذن بشّار؟

 

قرّر بشّار الأسد أنّ أزمته الإقتصادية سبّبتها المصارف اللبنانية المتعثّرة. فهي ابتلعت مليارات الدولارات التي كان قد أودعها فيها رجال الأعمال السوريون.

 

غسل يديه من كلّ ما ارتكبه نظامه بحقّ السوريين ونفضهما.

 

كلّ ما حصل منذ أطبق هذا النظام الأسدي على هذه البقعة من الجغرافيا ليس سبباً ليجوع الشعب بفِعل القمع والإضطهاد، ويثور فيموت.

 

هي مصارف لبنان وحدها، وليست العقوبات وليس قانون “قيصر”، وليس فساد الطغمة الحاكمة وذوي القربى والشبيحة.

 

أما عامّة الشعب السوري، وتحديداً الذين اذا ضُبط معهم دولار واحد يتمّ اعتقالهم وتجهيل مصيرهم، فهذا ليس له أي اعتبار.

 

ولا اعتبار لواقع أنّ تداول الدولار ممنوع في سوريا، ومنذ زمان سحيق، وله ثلاثة أسعار وسوق سوداء كانت مزدهرة ولا تزال. واذا ضُبطت العملة الخضراء مع مواطن غير مشمول برعاية الباب العالي وعنايته يصبح نسياً منسياً.

 

في الأصل، لماذا انتقل الدولار السوري الى مصارف لبنان؟

 

لسببين لا ثالث لهما.

 

السبب الأول، هو تهريب هذه الأموال من النظام الأسدي حتى لا يتحكّم بأصحابها، ما دفع رأسماليين كباراً الى الهجرة باتّجاه جنّة نظامنا المصرفي منذ خمسينات القرن الماضي، ليودعوه أموالهم خوفاً عليها من إبتزاز النظام البعثي ومن ثم الأسدي لهم، وسرقتهم على عينك يا تاجر.

 

والسبب الثاني هو إستغلال هذا النظام لإقتصادنا الحرّ، عن طريق أموال رجال أعمال يدورون في فلكه فيستفيدون منه، ويموّلونه، هذا عدا تهريب الأموال التي يمون عليها من العقوبات التي فرضت عليه.

 

نسي بشّار الدولارات التي كان يتمّ تهريبها بالحقائب من لبنان الى الداخل السوري طوال السنوات الماضية لفكّ ضيقته، برعاية أذرع الممانعة. ومنطقة البقاع تعرف حاملي هذه الحقائب وخطّ سيرهم برعاية قوى الأمر الواقع.

 

وتجاهل أنّ إقتصاد لبنان يموت كلّ يوم، مع تهريب كل ما هو مدعوم الى سوريا من وقود ودواء وطحين و..و..و.. وكأنّ واجبنا أن ننصاع لأساليب النهب المُمنهج المستمرّ منذ ما قبل إتفاق الوفاق الوطني في الطائف، والمستفحل بعده، في ظل حكّام عنجر وأتباعهم من مسؤولين سوريين ولبنانيين، والذي تواصل مع رعاية رأس الممانعة للنظام الأسدي واستغلال إستمراريته في المشروع الإقليمي.

 

والرجل معذور، فهو يعرف يقيناً أنه تنازل عن السيادة مقابل حماية منصبه واستمراره في الحكم. وبالرغم من معرفته هذه، لا يزال يعتبر لبنان لزوم ما يلزم على الخريطة. وكأنّه وبعدما فقد القدرة على التحكّم والتشفّي بنا، لم يجد إلا تحميلنا سبب أزمة الإقتصاد السوري..

 

لن نقول “اللي استحوا ماتوا”..

 

لا أمل أن يستحوا.. ونحن والشعب السوري فقط من يموت.. وهم باقون ليخطفوا المزيد من أنفاسنا..

 

أمّا لماذا استفاق الأسد على واقع المصارف اللبنانية المتعثّرة ليحمّلها تبعات تفليسة دولته؟؟ لماذا يسعى الى الإستخفاف بالسوريين واللبنانيين معاً؟؟ لماذا أسقط ما ارتكبه من حروب ودمار وبراميل متفجّرة وأسلحة كيماوية و… تهجير ندفع أغلى الأثمان من جرّائه؟؟

 

لعل ّهناك من همس في أذنه ليتمّ إستغلال الأمر في بلاء لا تعرف ملامحه حتى اليوم!!