الإجتماع الذي حصل بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الرياض، وحضره عدد من المسؤولين الكبار من كلا الطرفين منهم: وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، ونائب وزير الخارجية الروسي ومبعوث الرئيس الروسي الى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف كان لافتاً.
الأخطر من الإجتماع ما قاله وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، إنّ الأزمة السورية تتطلب حلاً، وأنّ هذا البلد بحاجة الى العودة لحضنه العربي. وأوضح في المؤتمر الصحافي المشترك مع لافروف أنّ حل الأزمة في سوريا تتطلب توافقاً بين أطراف الأزمة، من معارضة وحكومة، وأنّ الرياض حريصة على عودة سوريا الى الحضن العربي.
عندما قرأت هذا التصريح قلت لنفسي: إنّ الوفد السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وشقيقه وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، كلهم لم يكونوا موجودين في السلطة أيام المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ولو كانوا موجودين لما قالوا هذا الكلام الذي أقل ما يمكن القول فيه إنه لا يؤمن أي ضمانة بأنّ بشار الأسد سيتخلّى عن إيران. هذا أولاً.. وما هي الأثمان التي ستُقدّم له، كي يتخلّى عن إيران… هذا إن فعل. وهذا ثانياً.
ثالثاً: بالرغم من الوعود الكاذبة التي أعطيت للملك عبدالله، تبيّـن لاحقاً أنّ الرئيس بشار الأسد شخص لا يمكن أن يوثق به، لأنه بصراحة إنسان لا يعرف أي نوع من الصدق.
قد يتساءل البعض لماذا هذا الموقف من الرئيس بشار الأسد؟ أقولها وبكل صراحة: لأنّ تاريخ هذه العلاقة عشته دقيقة بدقيقة، وكان لي الحظ أن أطّلع على كثير من الأمور التي سأرويها كي يحكم القارئ على موضوعية كلامي.
عندما توفي المغفور له الرئيس حافظ الأسد الذي كانت تربطه علاقات مميّزة بالمغفور له الملك عبدالله الذي يُعتبر العروبي الأوّل في العالم العربي… ووفاءً لصديقه الرئيس حافظ الأسد، أرسل الملك عبدالله عند الوفاة وبتاريخ 10 حزيران يوم السبت الساعة الواحدة ظهراً عام 2000 وديعة الى المصرف المركزي السوري بقيمة 2 مليار دولار أميركي خوفاً من حدوث أي محاولة للإنقلاب على بشار… هذا أولاً.
ثانياً: أرسل الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز مدير الأمن القومي في المملكة الى أميركا التي كان سفيراً فيها لمدة طويلة، وكانت له علاقات مميّزة مع الحكام هناك طالباً منهم أن يرتّبوا أوضاع بشار مع الأميركيين.. وهذا ما حصل، وللتأكيد على هذا الكلام فقد بقي جثمان الرئيس حافظ الأسد في الطائرة لمدة ساعتين، ينتظر اللقاء الذي حصل بين الأمير بندر والرئيس بشار. ولم تقتصر القصة عند هذا الدعم، بل بقي الدعم مستمراً وبشكل منتظم وسنوي.
ولكن عندما اغتيل شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري قام بشار بزيارة الى المملكة، واستقبله الملك عبدالله، وسأله من قتل الرئيس الحريري؟ وكان يتحدث بشكل لافت للنظر والغضب بادٍ على وجهه، فأجاب بشار، نافياً معرفته بالعملية. ثم قام بعدها بزيارة ثانية فاستقبله الملك في صالون المطار، ولم يأخذه الى القصر، ودامت الزيارة ساعة واحدة فقط، وهنا سأل الملك: «يا بشار هل قتلت الحريري؟». أجاب بشكل (متلعثم) كلاّ. ولكن تبيّـن للملك أنه لم يكن صادقاً.
وبالرغم من ذلك حاول أن يستوعب بشاراً وسامحه على قتل رفيق الحريري ولم يتوقف يوماً عن دعمه مالياً، حتى بعد بداية الثورة عام 2011، فقد أرسل الملك عبدالله ابنه الأمير عبدالعزيز بن عبدالله، الذي كانت تربطه علاقات صداقة ببشار حاملاً حقائب تحويل 500 مليون دولار لبشار، و500 مليون دولار أيضاً للملك عبدالله الثاني ملك الأردن.
بعد مرور 3 أيام على إرسال الحقائب بالمبلغ المذكور أعلاه، وبينما كان الملك عبدالله يتابع الأخبار على شاشة التلفزيون، رأى مشهداً إستفزازياً حيث شاهد الدبابات تقصف جامع خالد بن الوليد في حمص، فاتصل بالأمير عبدالعزيز وقال له: «كنت تقول لي إنّ التظاهرات قد انتهت، وأنّ الناس تقوم بالتظاهرات بسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية، ولكن ما شاهدته على التلفزيون أخطر وأكبر من المعقول».
وهكذا انقطعت العلاقات.. وبالمناسبة نسيت أن أذكر أنّ الملك عبدالله أخذ معه الى دمشق الرئيس سعد الحريري محاولاً أن يرتب العلاقات بين بشار الأسد وبين الرئيس سعدالدين الحريري. ولكن الأسد، حالة فريدة يصعب شفاؤها لأنه مريض بمرض الكذب وضعف الشخصية، لذلك عندما قرأت البيان قلت لنفسي إنّ الامير محمد بن سلمان ولي العهد لا يعرف تاريخ بشار، لذلك لا بد أن أعطيه لمحة عن تاريخ بشار الأسد تاركاً الأمور بين يديه ليقرّر ما يشاء.
الّلهم اني قد بلغت….