لن ينتظر أحد مفاجأة في نتيجة الانتخابات الرئاسية السورية التي تقرر اجراؤها في 26 أيار. ويمكن لأنصار سلطة الوصاية الدائمين في لبنان، إرسال برقيات أو رسائل تهنئة ممهورة بالدم منذ اليوم الى قصر المهاجرين لئلا يفوتهم شيء من اللياقات والواجبات.
لكن يحق للبناني ان يجدد طرح السؤال عما اذا كان الأسد الخارج من صناديق 2021 سيكون مختلفاً عن الذي “أفرزته” انتخابات 2014، خصوصاً ان مسافة سبع سنوات كافية لاختمار التجربة واستخلاص عِبر الحرب المدمرة التي طحنت سوريا على مدى عقد كامل، وحوَّلت “الصراع على سوريا”، الذي دوَّنه باتريك سيل في 1988 رافعاً من شأن موقعها الجغرافي – السياسي، صراعاً فيها، بعدما تحوّلت ملعباً للدول ومسرحاً للميليشيات.
نعلم ان الانتخابات المزمع ان تجدد للأسد سبع سنوات إضافية “وفق الدستور”، مرفوضة من معارضي النظام ولا تستجيب للقرار الأممي 2254 الذي يدعو الى انتخابات بإشراف الأمم المتحدة، ويكفي انها مرعية من روسيا وايران ليتبين حجم الصدقية والشفافية والنزاهة. لكن فلنترك الأمر الى السوريين لأن أهل سوريا أدرى بـ”شِعاب” النظام بعدما عاشوا في ظله منذ العام 1970 وعلى وقع “المرسوم رقم 10″، ووعود التحديث مع الرئيس الوريث لينتهي الأمر بما يعيشونه اليوم، موالين أو نازحين أو مشردين في أصقاع الأرض. فما يهمنا بالمباشر ذلك التشابك في العلاقات اللبنانية السورية في مجموعة ملفات تمس مباشرة بسيادة الدولة وحياة اللبنانيين.
تحت عنوان “الاستقرار” وإعادة تأهيل النظام سيجدد سيرغي لافروف للأسد بعد خمسة أسابيع محاولاً جذب الدول الخليجية للمساهمة بإعادة الإعمار. وتحت العنوان نفسه تضغط موسكو لتثبيت سعد الحريري رئيساً فعلياً لحكومة ما تبقى من “نظام” في لبنان، بعدما فقد العهد قوته واستُنزف الرئيس عون. وإذا كان من المبكر تصور الحريري عائداً لوصل ما انقطع مع دمشق استجابة لرغبة “الثعلب الروسي”، فإن الفطنة توجب التحذير المبكر من معاودة الأخطاء، ذلك ان سوريا التي زارها الرئيس الحريري في اطار الـ”س. س” في 2009 لا تزال تعيش حال إنكار، وهو أول العارفين.
يصعب توقع جديد من العهد السوري الجديد. فلبنان الدولة لا يزال غير موجود بالنسبة الى النظام، وكذلك الأحزاب الحليفة!. وليست تصريحات بشار الجعفري الأخيرة الرافضة الاعتراف بكيان لبنان إلا الوجه الآخر لاعتبار الاسد “مزارع شبعا سورية”، وأن “حزب الله” حالة “يمكن ضبضبتها” اذا استعاد الجولان. (فصل من مذكرات “هوف” لم تنفه دمشق).
لذا لا أمل في مفاوضات ترسيم بري او بحري تجرى تحت عنوان الأخوة أو توازن المصالح، ولا ضوء في نفق عودة النازحين، أو ضبط الحدود لوقف التهريب، او منع عبور السلاح والمسلحين.
لن تغير “سباعية” الأسد العتيدة قدَر السوريين. هو فصل جديد من الانتظار تحت يافطة الاستقرار على أمل تفاهم إقليمي دولي على توزيع النفوذ في المنطقة والداخل السوري. أما قدَر اللبنانيين فأن يبقوا على عهد قيام الدولة واستعادة السيادة وجلاء مصير المفقودين.