لا ندري هل يلتقط بشار الأسد فرصة اتصال محمد بن زايد به ليعاود حساباته أم انه سيضحك في سرِّه وأمام مريديه مقنعاً نفسه بمزيد من “الانتصارات”.
قبل هذا الاتصال “الإنساني” الاستثنائي جرت محاولات كثيرة لإعادة الرئيس السوري الى الحضن العربي فظنّها اعترافاً بقوّة موقفه وبراعة سياساته وخضوعاً لوقائع يفرضها، وأشهرها مبادرة العاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز لطي صفحة الخلاف الكبير عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري. حينها أمسك الملك بيد “الرئيس الشاب” واصطحبه الى بيروت (2010) علّه يعود كعودة “الابن الضال”، غير ان الأخير، وانطلاقاً من خيار استراتيجي، فضَّل افتراش السجادة العجمية بدل التدثُّر بالعباءة العربية.
واقع الكورونا ونتائجه وتبعاته أكبر من قدرات محور الممانعة على الاحتمال، خصوصاً بعد انكشاف طهران في مواجهة الوباء وثبوت انّ كل طموحاتها وتخصيبها النووي لا يشتري كمامة واقية أو جهاز تنفس اصطناعي ولا يحول دون طلب مساعدة صندوق النقد الدولي وتحريك المناشدات لرفع العقوبات بعدما بات معظم الشعب الايراني تحت خط الفقر.
اتصال ولي عهد أبو ظبي قد يكون خشبة إنقاذ لتخفيف مآسي كورونا عن الشعب السوري، وهو بالتأكيد خطوة سياسية مهمة في وقت يتحول النزاع السوري الى “حرب منسية” وينقسم النفوذ في سوريا بين روسيا راعية جيش الأسد وقصر المهاجرين، وتركيا المتدخلة بوحشية عند حدودها بجيش وميليشيات، والولايات المتحدة الضامنة للمنطقة الكردية النفطية شمال البلاد.
ربما هو الوقت المثالي لكي يتفكر بشار الأسد ملياً بوضع ما تبقى من شعبه الذي طحنته الحرب. فالجمهورية الاسلامية العاجزة في قُم ومشهد وأصفهان وطهران لم تعد صاحبة كلمة أساسية في المسرح السوري، و”حزب الله” الذي يكتشف الداخل اللبناني والدولة في محنة الفيروس، سيقتنع عاجلاً أم آجلاً بعبث حرب شنّها بالوكالة على ثورة شعب شقيق ولم يخرج منها إلا بخفَّي حُنين رغم المكابرة والادعاءات.
لم يعد لدى الأسد فعلياً إلا فتات النفوذ والقرار الذي يتيحه له فلاديمير بوتين. فزعيم الكرملين يملك السلاح والبراميل المتفجرة لكنه لا يدفع دولاراً واحداً لإطعام فقير سوري.
اليوم، ومع عودة كل مواطن الى بلده الأصلي واسترجاع كل دولة رعاياها المنتشرين على الكوكب الأرضي، يُفترض بالأسد أن يدرك أن لا يد حانية سوى اليد العربية. وإذ تشير الأنباء الواردة من سوريا الى تفشٍ كبير للوباء وطمس للمعلومات وافتقار الى أبسط مقومات مواجهة الجائحة، فقد حان وقت عودة سوريا الى العرب، مثلما حان وقت استعادة سوريا ابناءها من مخيمات النازحين.
فهل يكون اتصال محمد بن زايد فاتحة خيرٍ في زمن كورونا وما بعده، وهل يسترجع الأسد انتماءه الطبيعي ويتصرّف استناداً إلى حجم قوته الفعلي وعِظم الخطر المتمثل بفيروس غير مرئي؟