الهدنة الاقليمية التي اتاحت للافرقاء المعنيين من اللاعبين على الحلبة المحلية الافراج عن الاستحقاق الرئاسي ووصول العماد ميشال عون الى رأس الهرم وانهاء الشغور في القصر الجمهوري انتهت وفق الاوساط المواكبة للمجريات ليعود الاشتباك الاقليمي الذي تظهر تضاريسه من خلال عجز المعنيين انفسهم عن اقرار قانون انتخاب جديد يضع العهد العوني على سكة الانطلاق حيث يختلف الاقطاب حول جنس ملائكة القانون المرتقب بعدما نفضوا ايديهم من قانون الستين، حيث يفضل عون الوصول الى الفراع عن اعتماد القانون المذكور او التمديد للمجلس، واذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يتكلم لغة رئيس الجمهورية حيال القانون الانتخابي الذي يقوم على النسبية او المختلط، الا انه لا يوافقه الرأي على تفضيل الفراغ الذي يطيح ليس بالسلطة التشريعية بل بكافة المؤسسات اي «لا دولة» وفق بري.
وتضيف الاوساط ان التصعيد الكلامي في موقف رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل القائل ان قانون الانتخاب المرتقب اهم من العهد نفسه كان تعقيباً على كلام عون عن تفضيل الفراغ على اعتماد قانون الستين او «الدوحة»، وهذا يترجم في فن الممكن ان «التيار البرتقالي» لا يمانع في تطيير النظام اذا لم يتم اقرار قانون انتخابي جديد للانتخابات النيابية المقبلة، دون النظر الى العواصف في المنطقة ونتائج المعارك على الرقعة السورية التي باتت مقسمة ميدانياً حيث تتوزع مناطق النفوذ بين اللاعبين الاقليميين والدوليين تحضيراً لولادة دويلات في كل منها، ولا يخفي احد الكبار من اهل السياسة ان وزير الدولة لشؤون الخليج تامر السبهان ابلغ لدى زيارته الاخيرة للبنان ان ثمة 6 اشهر خطرة جداً ستمر على المنطقة وان الساحة المحلية لن تسلم من تداعياتها، اضافة الى ان الموقف السعودي من استقرار لبنان دخل بعد موقف عون من دعمه سلاح المقاومة على خط التوتر، ويبدو ان المملكة التي لم تهضم كلام عون وضعت لبنان تحت المجهر وان هذا التوتر يترجم حتى الآن بعدم تعيين سفير جديد للمملكة كما بشر السبهان في زيارته، اضافة الى معلومات تقول ان وزير الخارجية عادل الجبير الذي زار العراق الغى من «اجندته» في اللحظة الاخيرة زيارة كانت مرتقبة لبيروت، وان الكلام الذي قيل ابان زيارة مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان للسعودية عن زيارة الملك سلمان للبنان ليست واردة مفضلاً عليها التوجه الى ماليزيا وسلطنة بروناي.
وتشير الاوساط الى انه وسط هذه الصورة القاتمة التي تحيط بالساحة المحلية، فان الوصول الى الفراغ اذا حصل لا سمح الله، سيكون اللحظة المؤاتية لتفجير الاوضاع انطلاقاً من مخيم «عين الحلوة» حيث تستعد الفصائل التكفيرية من «القاعدة» ومشتقاتها للاطباق على المخيم والانفلاش الى الداخل اللبناني وفق معلومات ميدانية فلسطينية والدليل على ذلك ان اخراج المطلوبين التكفيريين للسلطات اللبنانية لم ينفذ ولن يحصل وفق وعود عزام الاحمد حيث شوهد الارهابي شادي المولوي يؤدي صلاة الجمعة في جامع حي الصفصاف الى جانب بلال بدر الذي يعتبر من اعتى قيادات «النصرة» في المخيم يوم الجمعة الفائت، وهذا الامر يعتبر رسالة الى من يعنيهم الامر في الداخل وفي الخارج.
وما يقلق المراقبون لايقاع «عين الحلوة» ان المعارك الاخيرة بين التكفيريين و«فتح» رسمت خطوط تماس بين الفريقين واذا كانت «فتح» استقدمت 300 مقاتل من المخيمات الفلسطينية لتحول دون سقوط «عين الحلوة» في قبضة التكفيريين، فان هذا الدعم الموقت سينهار بشكل بديهي اذا وصلت الامور الى الفراغ على مستوى السلطة التشريعية، وربما يؤجج الامر طموح المغامرين للوطن البديل الذي سيجعل من العامل الفلسطيني والنزوح السوري ادوات حكم جديد على الساحة المحلية ولا ينسى احد كلام الراحل ياسر عرفات عن حكمه لـ80% من لبنان ابان حروب العبث، فهل نسي المعنيون كلام الراحل كمال جنبلاط عن «الانتداب الفلسطيني» على لبنان؟