جنون الدولار وارتفاع أسعار المحروقات يُربكان العودة إلى المدارس
مع بداية شهر أيلول، فتحت معظم المدارس الخاصة أبوابها معلنةً بدء العام الدراسي المجهول المصير، وحددت أقساطها ودولرت بعضها رغم اعتراض وزارة التربية التي لم تقدم بدائل وحلولاً، وارتفعت الأصوات اعتراضاً وألماً لعدم قدرة الأهل على الدفع والمعلمين على التحمل.
تحت نار جنون الدولار الأسود وفلتان الأسعار، يعيش اللبنانيون حالة ترقبٍ وانتظار واضعين أيديهم على قلوبهم التي ترتجف خوفاً من سوء الأيام المقبلة. وبين تحديد الأولويات وضغوط الهموم المعيشية يرزح معظمهم تحت وطأة العجز والإفلاس وعدم القدرة على مجاراة الواقع الأليم ، وسط صمت وغياب السلطة الحاكمة وانكفاء الأحزاب ما خلا منها المستفيد الصاعد على أنقاض الليرة اللبنانية والذي يدفع بالدولار.
دون أدنى حساب للأيام المقبلة ومصير الأزمة الإقتصادية وسعر صرف الدولار، بدأت المدارس عامها الدراسي بعدما أثقلت الأهالي بالأقساط ورفعتها أضعافاً مضاعفة، وحددت جزءاً منها بالدولار لتحمي نفسها ومعلميها من تفلت أسعار سعر الصرف في السوق السوداء، ولتستطيع تأمين المحروقات للتدفئة في فصل الشتاء والتي تتقاضاها الشركات وأصحاب المحطات بالدولار، ليلتحق بها البنزين بعد تحريره ويبدأ شق طريقه صعوداً كل يوم، وتتراجع في المقابل قدرة الأهالي على ايصال أولادهم الى المدارس، وقدرة المعلمين على الوصول إلى صفوفهم بعدما احتسب عدد من المدارس بدل النقل على الليرة اللبنانية. ورغم خضوع الأهل الذين لا حول لهم ولا قوة ويرجون تعليم أولادهم، بدأت طلائع الزيادات على الأقساط تظهر مع التفلت الحاصل في سوق الدولار والمحروقات، حيث وضع معظم المدارس رسوماً على التلاميذ بدل تدفئة إحتسبت على الليرة ووفق السعر القديم، كذلك أصحاب الفانات والنقليات بدأوا يعيدون النظر بالأجرة الشهرية وكيفية احتسابها بالتزامن مع صعود سعر البنزين اليومي.
حمت بعض المدارس التي حددت جزءاً من أقساطها بالدولار نفسها، ورغم معاناة الأهل يبقى الطرفان مستفيدين في اتمام العام الدراسي، لتبقى المدارس التي استوفت أقساطها بالليرة اللبنانية مع زيادات على الرواتب أيضاً وبالليرة اللبنانية تستعدّ للسقوط وعدم قدرتها على مجاراة الوضع القائم المتفلت من أي عقال. وفي هذا الإطار يشير أحد مدراء المدارس لـ «نداء الوطن» الى أن الزيادة مطروحة في أي وقت كي تتمكن المدارس من الصمود، وهنا نتحدث عن المدارس التي استوفت الأقساط بالليرة دون الدولار، مضيفاً أن الزيادات سببها ارتفاع أسعار المحروقات وبالتالي زيادة الأعباء على المدارس، كذلك تراجع قدرة المعلم الشرائية ونسعى الى أن تبقى ولو بالحد الأدنى ليتمكن من أداء واجبه، ومشكلة النقل اليوم تنسحب على التلاميذ والمدرسين معاً ولا أحد يستطيع اللحاق بها في ظل ارتفاع سعر البنزين يومياً ويمكن أن يصل سعر الصفيحة الى مليون ليرة، يضاف اليه سعر المازوت المفقود اصلاً في المنطقة ونحتاج منه الى ألفي ليتر كل اسبوع وبالفريش دولار ليتمكن الطلاب من الحصول على الدفء ومتابعة دراستهم. واكد ان كلفة نقل التلاميذ في بعلبك الهرمل تبقى أقل من غير مناطق ولا تتجاوز سعر صفيحة البنزين للطالب الواحد، لكن شكوى الأهالي بدأت اليوم في ظل ما يحصل وخصوصاً من لديه ثلاثة أولاد، تاركاً كل الخيارات مفتوحة ومرتبطة بالوضع الاقتصادي والسياسي بما فيها الاقفال.
على صعيد الأهل، عاد البعض منهم يراجع حساباته، حيث توقف عن ارسال أولاده الى المدرسة بانتظار بلورة الصورة وفق ما يقول محمد ش. لـ»نداء الوطن»، وهو سائق باص يقلّ تلاميذ الى احدى الثانويات، مؤكداً أنه وزملاء له وقعوا في خسارة هذا الشهر لانهم يتقاضون مسبقاً بدل النقل، ومع غلاء البنزين والمازوت وعدم قدرة الأهل على الدفع بدأوا التفكير جدياً بالتوقف عن عملهم والبحث عن عمل آخر، فهم لا يستطيعون تحمل الخسائر ولا يمكنهم جلد الأهل أكثر.