في السياسة تم تجاوز خلاف أمل والتيار الوطني الحر، لكن في الانتخابات لا شيء من هذا القبيل حاصل على الارض وفي الكواليس الانتخابية، فرئيس التيار الوطني جلس جنباً الى جنب في مجلس الوزراء «الكتف على الكتف» الى جانب وزير حركة أمل من دون ان يتبادلا الحديث، الامر ذاته انعكس وجوماً في قداس مار مارون ومن المتوقع ان تشكل الانتخابات في 6 ايار استمرارية للتباين السياسي وفرصة يتبارز فيها التيار الوطني الحر وحركة أمل التي تسعى الى سحب المقعد الماروني الذي حصل عليه التيار الوطني الحر لآل عازار.
صحيح ان حركة امل ليس لديها مقعد شيعي في القضاء لكن «شبح» امل وحضورها في المعركة اساسي وهي تخوض المعركة مع شريكها حزب الله استناداً الى كتلة ناخبة شيعية في القضاء، اما اليوم وبعد ضم صيدا الى جزين فان الوضع الانتخابي زاد تعقيداً واربك الحلفاء الذين يحارون في كيفية التصويت ولاي مرشح يمنحون الصوت التفضيلي، فتيار المستقبل الذي يخوض الانتخابات بمرشح سني او اثنين من صيدا لن يستطيع ان يجير اصواته التفضيلية الا لمعركة مقعد صيدا للحريري مما يضعف حلفاءه الجزينيين الثلاثة، وحزب الله يحار بين دعم التيار الوطني الحر والمرشح أسامة سعد ومع نزيه البزري والارجح انه سيدعم معركة أسامة سعد، وبين حركة امل التي يبدو انها تلتزم كلياً بالمرشح ابراهيم عازار، علماً ان لحزب الله 60 بالمئة من اصوات الناخبين الشيعة في القضاء مقابل 40 بالمئة لحزب الله. فيما المرشحون العونيون الثلاثة يحاول كل واحد منهم ان يستقطب اكبر قدر من الاصوات التفضيلية الجزينية بخوض معركة مستقبلة عن الآخرين. وهذا الوضع استلزم وفق اوساط جزينية «دق ناقوس الخطر» العوني لتدارك فداحة الموقف خصوصاً في ظل التباعد الذي حكم علاقة نواب جزين ببعض وتنافسهم وتراشقهم الاتهامات وعدم حضورهم المناسبات السياسية وحتى ذات الطابع العوني مع بعض، وعليه فان رئيس التيار الذي يولي اهمية خاصة لانتخابات جزين هو بصدد التحضير لخطة تتضمن خلوة سياسية ومصالحة بين المرشحين العونيين تسبق افتتاح الجولة الانتخابية في غضون الايام القليلة القادمة لتجنيب جزين كأس التفرقة والتشرذم لا سيما بين النائبين زياد اسود وامل ابو زيد.
خلاف باسيل وبري حاضر بقوة على مستوى هذه الدائرة، يحاول التيار الوطني الحر ان يثبت نيابة زياد اسود وامل ابو زيد وايصال مرشحه الكاثوليكي جاد صوايا، ودعم امل لعازار ليس خافياً فيما يتطلع المستقبل الى المعركة القاسية في صيدا التي تحتدم فيها المنافسة السنية في ظل الخوف من الصوت التفضيلي الذي يلعب لعبته الانتخابية واذا كان احد المقاعد السنية مضموناً له فان المقعد الثاني سيصب لمصلحة المحور الآخر .
من سيكون ضحية الصوت التفضيلي في الدائرة التي تشهد تناقضات كثيرة وتداخلاً غير طبيعي بيبن القوى والاحزاب واختلاطها ببعض، فالقانون الجديد خلط كل المعادلات جزينياً وصيداوياً، بنتيجته فان كل حزب او تيار سياسي يعمل انتخاباته الخاصة ويصعب احتساب الاصوات في عملية معقدة حيث ان كل حزب او تيار سيكون في بعض الاحيان ملزماً بتوزيع اصواته التفضيلية على مرشحين او اكثر، فالتيار الوطني الحر لديه ثلاثة مرشحين وملزم بتوزيع بلوكه الناخب على الثلاثة، وحزب الله يتمتع بثقل حزبي وانتخابي لكنه سيكون مجبراً على توزيع اصواته بين أسامة سعد والتيار الوطني الحر وقد يكون متضامناً مع حليفه امل في هذه الدائرة، في حين ان المستقبل يخوض معركة المقعدين السنيين في صيدا وبالتالي فان اصواته ستتشتت بين الدعم السني لمرشحه في صيدا عن المقعد السني ودعم التيار جزينياً، وبالتالي على قسمة اصواته مع ترجيح ان يقوم المستقبل بترشيح واحد عن المقعد السني، فيما التيار الوطني الحر محرج امام أسامة سعد بتحالفه مع خصمه في المستقبل، وحزب الله محرج مع التيار الوطني الحر المتحالف مع المستقبل.
الاحراج الانتخابي هو سمة المعركة جنوباً على مستوى هذه الدائرة، يصح فيها توصيف «حليفي عدوي» بحيث يتحالف البعض مع اخصام حليفه السياسي، ويتم التداول بثلاث لوائح واحدة عونية الطابع واخرى للقوات التي رشحت عجاج حداد في افتتاح موسمها الانتخابي ولائحة ابراهيم عازار، وباتت صورة التركيبة في اللوائح واضحة وفق مقتضيات المعركة التي تلزم كل فريق بالمحافظة على حيثيته ووجوده. بدون شك فان لدى تيار المستقبل مرشحاً مسيحياً في جزين لكن هذا الترشيح لن يصمد وسط العاصفة الجزينية ومع ارجحية ان يكون المستقبل والتيار ضمن لائحة واحدة الا اذا حصل افتراق وفق حسابات انتخابية. المعركة الجزينية من اكثر المعارك اثارة وجاذبية، لانها ظل معركة الاستاذ والجنرال سابقاً والصراع الذي يجدد نفسه بين رئيس التيار ورئيس حركة امل اليوم، وعليه فان رئيس التيار الذي يرسم السياسة الانتخابية العونية. هي بدون شك من اكثر المعارك جاذبية وحماوة انتخابية، لانها الظل الخفي لمعركة بري _باسيل بعد ان كانت معركة عون وبري في الانتخابات الماضية.