العودة إلى استئناف جلسات مجلس الوزراء مشروطة بإسقاط «الفيتو»
سلام لا يرى خياراً أمام الجميع سوى الحفاظ على ما تبقى من الجمهورية
العودة إلى العمل الطبيعي الحكومي لا تخضع لأية شروط من جانب المعارضين لرئيس الحكومة..
وفي الأسبوع الثالث من التعليق تخلله اتصالات مكوكية بين رئيس الحكومة تمام سلام، ومواقف ذات سقوف عالية بذريعة الدفاع عن الجمهورية التي بدأت تتهاوى بسبب الخلاف بين القوى السياسية المسيحية والمارونية تحديداً على الإمعان في تفتيت هذه الجمهورية من خلال الامتناع عن انتخاب رئيس لها، ومن خلال الاصرار على تعطيل عمل الحكومة بهدف دفعها إلى الاستقالة وإغراق البلاد في فوضى تعطيل كل المؤسسات التي تشكّل دعائم هذه الجمهورية.
وحسب المصادر من جهة، والمعلومات التي سرّبت من رئاسة مجلس الوزراء لم يكن الرئيس سلام ليدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء إلا بعدما سلّمت كل الأطراف بوجوب التعاون في ما بينها لتحريك عجلة الدولة، وإزالة كل العراقيل من أمام الحكومة كي تتمكن من تسيير عجلة الحكم وإيجاد حلول للمشاكل المتراكمة، وبالتالي العودة إلى روح الدستور بالنسبة إلى آلية عمل مجلس الوزراء المبنية في الأصل على التوافق، وفي حال تعذّر التوافق فلا بد من اعتماد التصويت حتى لا تتعطل أعمال الحكومة ويقع البلد في ما هو أسوأ من السلاح أي في الفراغ.
وتعتبر أوساط رئيس الحكومة أن زيارة أحد الأقطاب المسيحيين الشيخ أمين الجميّل إلى السراي الحكومي أمس، اعتراف صريح من اللقاء المسيحي التشاوري بأن لا حل للأزمة الحكومية القائمة إلا بالعودة إلى الدستور وروحيته وذلك بعدما أثبتت تجربة الإجماع بعد مرور عام كامل على ممارستها فشلها الذريع في تحريك عجلة الدولة ومعالجة هموم الناس ومشاكلهم الكثيرة، ولا علاقة للحكومة بتعطيل الانتخابات الرئاسية التي هي في مكان آخر يجب البحث عنه وليس التلهي بالحكومة، وخلق أزمة لا وجود لها في الأساس ما دام هناك آلية نص عليها الدستور تحكم عمل مجلس الوزراء وكيفية اتخاذ القرارات العادية والميثاقية.
وتؤكد هذه الأوساط أن العودة إلى العمل الطبيعي للحكومة، لا تخضع لأية شروط من جانب المعارضين لرئيس الحكومة كمثل اعتماد الإجماع في القرارات التي يتخذها مجلس الوزراء كحل مؤقت ريثما يتم انتخاب رئيس للجمهورية وللتأكيد على أن الحكومة حلّت محل رئيس الجمهورية بشكل مؤقت ولذا اعتمدت آلية مؤقتة للتعجيل في طي هذا الملف الذي يهدد الجمهورية والذي على أساسه أوقف الرئيس سلام تعليق جلسات مجلس الوزراء على أن تكون جلسة اليوم بمثابة اختبار النيّات عند اتخاذ القرارات بالنسبة للمواضيع والقضايا المدرجة على جدول أعمال تلك الجلسة، حتى إذا لمس رئيس الحكومة تجاوباً كاملاً من الوزراء المعترضين وعدم وضع العصي في الطريق تابع مسيرة الحكومة، وفي حال لمس أن النوايا ليست سليمة رفع سيف الاستقالة في وجه الجميع، في وقت تكاثرت فيه تمنيات الدول على القيادات اللبنانية والمسيحية على وجه الخصوص بعدم الاستمرار في التعطيل والتحجج بانتخاب الرئيس لأن ذهاب الحكومة أو تحويلها الى حكومة تصريف أعمال بعد استقالة رئيسها يمثل هدفاً لآخر معاقل النظام الجمهوري بما يغرق لبنان في الفوضى غير البنّاءة التي تعيشها المنطقة في هذه المرحلة البالغة الدقة والخطورة.
وتجزم الأوساط بأن الرئيس سلام لم يعد متمسكاً بالحكم وبات على مسافة قوسين أو أدنى من وضع كتاب استقالته، ما لم يقلع بعض الوزراء عن المشاكسة كما درجت العادة ويكون التفاهم الذي فتح الطريق أمام استئناف جلسات مجلس الوزراء ثابتاً وليس مرحلياً ومن أجل تمرير الوقت أو حتى لا تتحوّل الحكومة الى بديل دائم عن رئيس الجمهورية.
وفي هذا الصدد حرصت أوساط سياسية في الطرف المؤيد لتحريك عمل الحكومة، على السؤال عن دور بكركي مع الوزراء المشاكسين ومرجعياتهم من أجل تصويب الهدف وتوحيده في اتجاه إزالة العقبات من طريق انتخاب الرئيس بدلاً من الإمعان في تعطيل عمل الحكومة من خلال التمسك بالإجماع الذي لا وجود له في أي نظام ديمقراطي والذي يهدّد بسقوط كل مؤسسات الدولة بعد سقوط الحكومة، حيث لا حكومة ولا رئيس جمهورية ولا مجلس نواب ممدّد له بطريقة لا دستورية.
والكلام الذي صدر عن الرئيس الجميّل بعد زيارته السراي الحكومي واجتماعه إلى الرئيس سلام يعبّر بشكل دقيق عن خطر الاستمرار في تعطيل أعمال الحكومة وأنه لا بد من العودة إلى اعتماد الأصول التي تمكّن الحكومة من الاستمرار في تسيير عجلة الدولة ومتابعة مشاكل الناس وهمومهم وبالتالي لا بد من تصحيح الوضع على الصعيد الحكومي من خلال تشخيص الواقع واتخاذ الاجراءات الكفيلة بإعادة لبنان إلى الساحة الدولية.