Site icon IMLebanon

عودة الى الجذور

 

لا بد من التوقف طويلاً عند حديث فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في المقابلة المباشرة، عبر شاشات التلفزة، التي أجراها فريق من الزملاء بمناسبة مرور سنتين على عهده، عشية بداية السنة الثالثة، ماذا لاحظنا في كلام الرئيس؟

 

أولاً- اول ما شعر به المشاهدون أنّ الرئيس يعيش في ألم وحيرة بين حلمه بالدولة القوية العادلة السيدة المستقلة وبين ما نحن عليه، فالآمال في مكان والحقيقة في مكان آخر، لذلك ما قاله عن الاستراتيجية الدفاعية كلام مهم وجدي وحقيقي، إذ لا يمكن بناء دولة بدون اتفاق ووفاق بين جميع أطياف الوطن، وأن يكون سلاح الدولة الشرعي هو السلاح الوحيد المقبول والمسموح به… وأن تنخرط قوات “حزب الله” العسكرية في صفوف الجيش اللبناني.

 

إنّ “حزب الله” شارك في الانتخابات النيابية وفاز بالعدد الوازن من المقاعد في مناطقه، بمعنى أدق أنّ “حزب الله” دخل الى المجلس النيابي لأنه بحاجة الى الشرعية والنيابة تعطيه شرعية يمكن أن يقف وراءها.

 

من ناحية ثانية، دخل “حزب الله” الى الوزارة وهذه خطوة ثانية نحو الشرعية…

 

ويبقى السؤال الذي يطرح ذاته: ما دام “حزب الله” يريد أن يدخل في الشرعية فلماذا لا يكون أيضاً جزءًا من الشرعية العسكرية ويدخل الى الجيش اللبناني ويكون أساسياً فيه؟

 

أعرب الرئيس عون ليل أول من أمس عن خوفه من الأوضاع الاقتصادية وهو يدرك أنّ عدم الاستقرار هو السبب الرئيسي في عدم الاستفادة من الفرص التي مرّت على لبنان بسبب الحروب… وكم من الفرص التي مرّت على لبنان بسبب حروب المنطقة، وبدل أن نستفيد منها فإنها ذهبت مع الرياح بكل بساطة بسبب سلاح “حزب الله”، لذلك عندما طرح موضوع الاستراتيجية الدفاعية فإنّ طرح الرئيس لم يأتِ من فراغ.

 

بكل بساطة لا يمكن بناء دولة عندما يكون هناك سلاح خارج الشرعية، لأنه في هذه الحال يمهّد لاستقواء فريق على فريق آخر، ولن تكون هناك عدالة مع هكذا وضع.

 

كذلك فإنّ دول الخليج بدأت تبتعد عن لبنان بسبب “حزب الله” خصوصاً أنّ قرارات الحزب تأتي من إيران وهي التي تموّله، لذلك كما يردّد آية الله خامنئي، المرجع الديني الأعلى في طهران (الولي الفقيه)، اننا نسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء… من هنا نقول ان على “حزب الله” ان يعود حزباً لبنانياً وليس جندياً في ولاية الفقيه.

 

القضية الثانية في كلام الرئيس كان عن المعارضة السنّية، وقال بالفم الملآن ليس هناك معارضة سنّية لأنّ كل نائب سنّي ينتمي الى كتلة أو جهة غير سنّية، وقد وصل الى النيابة بأصوات غير سنّية… وهنا لا بد من التوقف عند مطالبة الرئيس الحريري بأن يعطي مقعداً وزارياً للمعارضة السنّية… وكم أعجبني قول وزير الداخلية “إنّ الرئيس الحريري ليس كاريتاس لكي يعطي هدايا مجانية، فمَن يرد أن يعطي فليعطِ من حصته”… وهناك سابقة في هذا الموضوع وهي ان الرئيس نبيه بري في يوم من الأيام تنازل عن مقعد وزاري وأعطاه لإحدى الشخصيات السنّية ما خلق خللاً في التوازن، ولكن دولته بيمون وهو المرجعية الوطنية الكبرى وهو حلاّل المشاكل.

 

إلى ذلك، كان لافتاً قول الرئيس ميشال عون عن العلاقة مع الدكتور سمير جعجع: قد نختلف في السياسة ولكننا متفقون في القضايا الوطنية… وهذا كلام عاقل ومفيد، ومن شأنه أن يخفّف ما يكون قد بدر، على هامش “الحصص الوزارية” من تشنّج بين حزبي “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”.

 

عوني الكعكي