طرح الكثير من علامات الاستفهام حول الانفجار المشبوه الذي استهدف بنك لبنان والمهجر، خصوصاً انه حصل في توقيت حساس بعدالسجال الذي حصل مؤخراً بين حزب الله وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومعه جمعية المصارف على خلفية الاجراءات التي تنفذها المصارف بتوجيه من مصرف لبنان الذي يتحرك لحفظ الاستقرارالنقدي من جهة والتعاطي مع الاجراءات التي اتخذتها وزارة الخزانة الاميركية ضد حزب الله والتي يراد منها التضييق على الحزب.
ويبدو واضحاً من خلال توقيت الانفجار المجرم ان الذين خططوا ونفذوا ارادوا من وراء ذلك اصابة اكثر من عصفور بحجر واحد، وليس فقط استهداف حزب الله، تماماً كما قال الرئيس نبيه بري.
ولهذا تقول مصادر سياسية بارزة ان ما اريد من وراء الانفجار الامور الآتية:
ـ اولاً: محاولة استغلال الخلاف بين حاكمية مصرف لبنان وحزب الله لرفع وتيرة التوتر بين الطرفين ومعهما ايضاً المصارف اللبنانية، وبالتالي استغلال هذا الخلاف لدفع ليس فقط الادارة الاميركية بل حتى الغرب من اجل توسيع دائرة العقوبات التي تستهدف الحزب تحت حجج وادعاءات واهية تنطلق من مزاعم مواجهة الارهاب الى «كليشهات» ممزوجة مثل تبييض الاموال وغير ذلك.
ثانياً: التشويش على القطاع المصرفي بما يؤدي الى ضرب الثقة بالاقتصاد اللبناني ومناعة الاستقرار النقدي الذي يتمتع به لبنان، وصولاً الى السعي لتهريب رؤوس الاموال الى الخارج.
ثالثاً: ايهام الرأي العام اللبناني بان حزب الله كان وراء ما حصل، في محاولة مكشوفة لاثارة الرأي العام ضد الحزب، بل حتى الى محاولة استجرار الفتنة الداخلية في ضوء ردود الافعال التي يسارع اليها البعض في الداخل اللبناني، وهو الامر الذي ظهر في مواقف بعض الاطراف التي غمزت من قناة حزب الله ومحاولة تحميله مسؤولية ما حصل، وحتى الادعاء بأنه هو من كان وراء ذلك.
انطلاقاً منذلك، كيف ترى المصادر خلفية هذا الاستهداف للقطاع المصرفي، وما هي الاحتمالات والترجيحات حول الجهات التي تقف وراءه؟
بداية تقول المصادر ان حزب الله لن يقوم بهذا الفعل لاسباب عديدة اولها انه حريص على الاستقرار الداخلي بما في ذلك الاستقرار النقدي وثانيها، ان مواقف الحزب واضحة تجاه العقوبات الاميركية واستطراداً القرارات والاجراءات التي اتخذها مصرف لبنان، فالذي يريد ايصال الامور الى هذا المنحى، لا يطالب مصرف لبنان ومن ورائه المصارف بتصويب منحى التعاطي مع هذه العقوبات، بحيث لا يصار الى الذهاب ابعد مما يريده الاميركي، وتضيف المصادر ان حزب الله لجأ منذ اللحظة الاولى لصدور العقوبات وما رافقها من اجراءات لمصرف لبنان الى التعاطي بمسؤولية مع ذلك من خلال فتح باب الحوار مع مصرف لبنان، وبالتالي فالذي يضع عبوة ناسفة لا يذهب الى الحوار وحتى الانتقاد العلني لبعض الاجراءات المصرفية.
ولهذا ترى المصادر ان مَن له مصلحة بضرب الاستقرار الداخلي، وتوسيع دائرة التضييق على حزب الله هم اكثر من طرف ابرزها ثلاثة:
– الطرف الاول لا يستبعد ان يكون العدو الاسرائيلي وراء هذا الانفجار المشبوه، فهذا العدو يعمل ليل نهار ليس فقط لاستهداف حزب الله، بل ايضاً لاستهداف الاستقرار النقدي، وما يتمتع به لبنان من ميزة خاصة في هذا المجال.
– الطرف الثاني قد يكون التنظيمات الارهابية بدءا من تنظيم «داعش» الذي اعلن صراحة انه يعمل لاستهداف الساحة اللبنانية بكل تنوعاتها، وتمكن الاجهزة الامنية مؤخراً من احباط سلسلة عمليات ارهابية كان ينوي هذا التنظيم القيام بها دليل على ذلك، وبالتالي لا يستبعد ان يكون «داعش» وغيره من تنظيمات القاعدة وراء ذلك، نظراً للدور الاساس الذي يؤديه الحزب في قتال الارهاب داخل سوريا وعلى الحدود معها.
– الطرف الثالث قد يكون احد اجهزة المخابرات العربية، وتحديداً الدول التي وضعت حزب الله على قائمة الارهاب، بحيث ان هذه الدول، او احدها على الاقل، قد يلجأ الى كل الاساليب للتضييق على الحزب.
وعلى هذا الاساس تقول المصادر ان كل المعطيات تشير الى ان احد اجهزة المخابرات او احد التنظيمات الارهابية دخل على خط الخلاف القائم اليوم بين مصرف لبنان وحزب الله بهدف اصابة اكثر من عصفور بحجر واحد، بدءاً من التضييق على الحزب وبالتالي توجيه الاتهامات باتجاهه.
الا ان المصادر تبدو متأكدة ان هذه اللعبة المخابراتية ستسقط، ولن يتمكن المخططون والمنفذون من تحقيق اهدافهم، ولا حتى من وضع اسفين بين الحزب ومصرف لبنان ومعه المصارف اللبنانية، بل ان ما حصل يشكل حافزاً للتعاطي بكثير من المسؤولية من قبل الجميع.