عشية الجلسة الأولى من الحوار المحدد موعده اليوم في مجلس النواب وجولة جديدة في الشارع لمجموعات من الحركات الشعبية بدا بعض المسؤولين في سباق محموم مع الوقت من اجل انقاذ طاولة الحوار وتقديم شيء ما يرجح ان يكون في موضوع ازمة النفايات من اجل تنفيس الحركة الشعبية وافقادها زخمها الضاغط على المسؤولين وحوارهم استناداً الى استمرار المراوحة في موضوع النفايات. الاتصالات كانت تجرى في كل الاتجاهات وكانت ثمة اجوبة في انتظار موقف “حزب الله” عن مطمر فيما كان رفض مطمرين في البقاع تم اقتراحهما لكي يصار الاعلان عن خطة متكاملة تشمل مجموعة مطامر تشارك فيها جميع الجهات. خلال المساعي المتواصلة بدت المسألة متوقفة على جواب “حزب الله” من اجل الاعلان عن خطة النفايات فيما تردد ان العماد ميشال عون لم يبد تعاوناً في موضوع كسارات أو مطامر في جبيل وكسروان. لم يخف البعض خشيته من ان يكون جواب “حزب الله” معلقاً على التسوية المرتبطة بايجاد مخرج للعماد ميشال عون في ما يتعلق بموضوع صهره قائد المغاوير العميد شامل روكز من ضمن ما يتم تداوله منذ بعض الوقت أي ترقيته مع بضعة ضباط عمداء الى رتبة لواء بحيث تحفظ له هذه الترقية احتمال تعيينه السنة المقبلة قائداً للجيش وفقاً لرغبة العماد عون. ففيما كانت المناقشات جدية والنية صادقة في اعطاء الجنرال ما يحلحل ازمة الحكومة رفع سقف شروطه لجهة مطالبته بتعيين روكز قائداً لأفواج النخبة في الجيش في اطار استحداث منصب لترفيعه الى رتبة لواء. وقيادة أفواج النخبة تتخطى قيادته للمغاوير لتشمل مجموعة من الألوية بما من شأنه ان يجعله في موقع رديف لقائد الجيش أو انه يجعل من قائد الجيش العماد جان قهوجي بمثابة من يشغل موقعاً ادارياً نتيجة تفريغ موقعه لمصلحة ما يطالب به عون أي ما يسمى قيادة أفواج النخبة. وهذه المطالبة بدت مستحيلة ليس في اقناع الأفرقاء السياسيين بها فحسب بل في ما تدخله من تعديلات على هيكلية الجيش وهرميته وقيادته ما يجعل متعذراً حتى على قائد الجيش اقتراح أمر مماثل على وزير الدفاع باعتبار ان الأمر يحتاج الى اقتراح يتقدم به هو. وتفيد بعض المعلومات ان هذه المطالب المستحيلة وما قد تحدثه من متغيرات خطيرة في الجيش خدمة لمصالح هي على الأرجح شخصية وضعت بكركي في اجوائها في الساعات الماضية.
وتخشى مصادر سياسية ان يكون “الانحياز” الذي نسب الى السفير الأميركي ديفيد هيل في اطار تدخله من اجل اعطاء العماد ميشال عون منصباً تعويضياً لصهره بدلاً من قيادة الجيش في سبيل إبقاء الستاتيكو الحالي من دون أي تغيير وإبقاء الحكومة فاعلة بالحد الأدنى في ظل الظروف الحالية، هو ما قد شجع زعيم التيار العوني على رفع سقف مطالبه لاعتقاد منه بان الأفرقاء السياسيين عاجزون عن التملص من الضغوط الأميركية الراغبة في المحافظة على الحد الأدنى من الاستقرار القائم حتى اشعار اخر وتالياً الضغط من اجل عدم السماح بخروج على السقف المطلوب. فيضطر الأفرقاء السياسيون من خصوم العماد عون الى تقديم تنازلات كبيرة من اجل الحفاظ على هذا الستاتيكو. وتبدي هذه المصادر انزعاجاً من النصائح التي يبديها السفير الأميركي في هذا الاطار كونها مكلفة جداً للبلد على صعد عدة وتشجع الآخرين على التعنت وتعطيل البلد حتى تلبية المطالب في حين ان الحافز الرئيسي لذلك عدم قدرة الولايات المتحدة على ايلاء لبنان الأهمية اللازمة بحيث يتاح له تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وتالياً فان هذا الستاتيكو في رأي المصادر المعنية بات مكلفاً جداً على الأفرقاء السياسيين وعلى البلد بحيث ان تعطيل الحكومة قسرياً عن العمل والانتاج لا يعني أن إبقاء الأمور على حالها أمر مفيد أو جيد بالنسبة الى البلد بل على العكس. وقد بات سياسيون كثر يعتبرون ان ثمن إبقاء الحكومة كهيكل من دون مضمون بات مكلفاً بدوره وان الوضع قد يحتاج الى اعلان الرئيس تمام سلام استقالته من اجل احداث الصدمة المطلوبة من جهة خصوصاً في حال لم يصار الى حل في موضوع النفايات ومحاولة مقايضته بمطالب امنية ومن اجل وقف الابتزاز من جهة اخرى. اذ ان المراسيم التي تم وقفها على رغم توقيعها لم تنشر في الجريدة الرسمية مع انها مراسيم لا تكتسب أي قيمة جوهرية وهي لتصريف شؤون الناس. وازاء هذا الابتزاز والتعطيل لا يختلف وضع الحكومة الحالي عن وضع حكومة تصريف الأعمال التي باتت فكرة يحض عليها افرقاء كثر بعدما اصبحت الحكومة بمثابة الجثة التي يتم محاولة انعاشها باثمان باهظة جداً ومن دون جدوى لان الابتزاز لن ينتهي وفق ما يعرف الجميع اكان السبب المعلن هو التعيينات الأمنية كذريعة أو سواها من الذرائع. وهو ما المح اليه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل في مؤتمره الصحافي في شأن حض الرئيس تمام سلام على الضرب على الطاولة من اجل حل موضوع النفايات. يقول البعض ان على الكتف حمال نتيجة المواقف التي أطلقها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ومقاطعته الحوار وربطه بشروط معينة. الأمر الذي لا ينعكس على الحكومة فحسب بل على طاولة الحوار أيضاً.