من تابع محطّات الممانعة قبيل فجر الثلاثاء وهي تتحدّث عن قصف مجهول المصدر لمطاريْ الضْمير والشعيرات بتسع صواريخ وتباهي المحطات الممانعتيّة بإسقاط عدد منها ـ كالصواريخ السبعين التي أسقطت ليلة القصف الثلاثي المسخرة ـ غرق في نوبة ضحك مرير مع تكشّف الأخبار ليل أمس أنّه إنذار خاطئ وأنّ أيّ هجوم صاروخي لم يقع!
يشبه الحديث عن الردّ الإيراني الموعود على إسرائيل بعد قصفها مطار الـ T4 تماماً إنذار فجر الثلاثاء الخاطىء، من يتذكّر ذلك الردّ الفاشل الذي اضطرّ حزب الله لتوجيهه عبر مزارع شبعا في العام 2015 بعد عمليّة اغتيال نفذّتها إسرائيل في القنيطرة السورية في حزيران من العام نفسه والتي قتلت فيها أربعة ضباط إيرانيين وقيادييْن في حزب الله أحدهما جهاد ابن عماد مغنية بعد بضع سنوات على تنفيذها عملية اغتيال أبيه في دمشق، وحتى اليوم لم يردّ حزب الله على اغتيال قائده الحقيقي عماد مغنيّة!
الحديث عن تصاعد التوتّر الشديد الإيراني ـ الإسرائيلي في المنطقة بسبب عمليّة قصف مطار الـT4 التي استهدفت الحرس الثوري الإيراني حديث مضحك، أيّ حماقة قد ترتكبها إيران باندلاع مواجهة بينها وبين إسرائيل على الأراضي السوريّة، يشبه الأمر الحديث عن صعوبات تواجه إسرائيل في الوصول جوّاً وبرّاً وبحراً لخوض حرب ضدّ طهران، نريد أن نرى هذا الردّ في ظلّ المسافة الشاسعة التي تفصل بين طرفي المواجهة، وفي وقت تحتشد فيه الأساطيل الغربيّة وتقف حاملات الطائرات على مرمى حجرٍ من الوجود الإيراني في سوريا!
عمليّاً، نتمنّى ارتكاب إيران هكذا حماقة كبرى لتجد كلّ حرسها الثورية وفيالقها وميليشياتها تحت النّار والدّمار الذي سبق وألحقته إسرائيل بحزب الله ومربعه الأمنيّ في الضاحية الجنوبيّة الذي سوّي بالأرض في الساعات الأربع وعشرين الأولى من اندلاع الحرب، بعيداً عن هراء النصر الإلهي والأعلام المنصوبة على الدّمار الواقع على مدّ النّظر.
إيران لا تحارب بنفسها، الدمّ الفارسي غالي ونفيس، إيران تحارب بالآخرين، تحارب بشيعة الدول العربيّة والإسلاميّة الذين تختطفهم من انتمائهم وبيوتهم وعائلاتهم لترمي بهم في أتون معاركها تارة في العراق وطوراً في اليمن وأطواراً في سوريا، وهؤلاء هم أنفسهم الذين تحدّث مرّة أمين عام حزب الله حسن نصرالله، مهدّداً بمئات آلافهم الجاهزين لمشاركته أي حرب مقبلة مع إسرائيل، على اعتبار أن الطيران الإسرائيلي سيتفرّج عليهم و»الباصات الخضراء» تنقلهم من سوريا إلى لبنان!
«الرد الإيراني آتٍ»، حسناً.. فليأتِ الردّ الإيراني، علينا أن نتمنّى أن يأتي هذا الردّ، وأن يأتي عاجلاً وأن يكون ردّاً حقيقيّاً لا كذاك الردّ الوهميّ لصاروخيْ مزارع شبعا في انتقام مزعوم لجهاد مغنيّة والذين قتلوا معه، ومن المؤسف أن نجد بعض الإعلام اللبناني يتورّط في الترويج للمواجهة المقبلة..
على البعض مراجعة تاريخ مواجهات الدولة العثمانية زمن السلطان سليمان القانوني، مع شاه الدولة الصفوية إيران «ولاية الفقيه» الأولى، طمهاسب الجبان في كلّ مرةٍ كان يخسر عاصمته تبريز ويفرّ بجيشه فزعاً من مواجهة القانوني «سلطان العالم والقارات الثلاث» في زمانه، الخامنئي لا يختلف كثيراً عن طهماسب، والخميني كذلك، هؤلاء لا يحاربون إلا بالآخرين!