كان يمكن للاخراج السعودي السيئ في اعلان استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة، ان يقطع لبنانياً على الصعيد الرسمي والشعبي، ولدى شعبية تيار المستقبل والطائفة السنية، لو ان الامور بعد الاعلان سلكت الطريق الصحيح في مثل هذه الحالة، وخرج الرئيس الحريري الى الاعلام ليؤكد على مضمون كتاب استقالته ويتمسك به، الا ان الاخراج السيئ اياه، الذي ما زال مستمراً، قد حرف الاهتمام المفترض بالمضمون الى تكبير صورة الشكل والبناء عليه، ما حول الاستقالة الى ورقة عادية تتناهبها، ليس الشكوك والشائعات والقراءات المختلفة فحسب، بل تحولت الاستقالة الى فعل اساءة للرئيس الحريري وما يمثل ومن يمثل والى لبنان وشعبه، والى الاعراف والسبل الديموقراطية، وحتى اساءة الى المملكة السعودية نفسها التي تكن لها الاكثرية الساحقة معن اللبنانيين المحبة والاحترام.
هذا التخبط الذي رافق ويرافق خطوات تدرج هذه الاستقالة، هل افاد السعودية بشيء، وهل افاد مسيرة وتضحيات سعد الحريري وجمهوره وناسه، ونضال قوى 14 آذار منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والد سعد، وهل افاد العلاقة المتينة بين المملكة ولبنان، التي بنيت منذ اكثر من 70 سنة على التعاون والاحترام المتبادل؟؟
الاوضاع الداخلية في السعودية، لا تعني اللبنانيين بشيء الا بالتمني لها بدوام الاستقرار والازدهار، ولكن اللبنانيين مجمعون على عودة سعد الحريري، رئيس الحكومة، والقيادي الكبير، وصاحب الشعبية العابرة للطوائف والمذاهب، ليكمل مشواره مع تياره وحلفائه في النضال من اجل سيادة لبنان واستقلاله وحريته وعروبته على قاعدة «لبنان اولاً» واذا كان قد قرف السياسة واراد التنحي موقتا او بصورة دائمة فليكن هذا الموقف خياره الشخصي وبكامل حريته.
***
على المسؤولين السعوديين، وعلى الاصدقاء في السعودية، ان يعرفوا ان جميع اللبنانيين، يشعرون الآن انهم في غربة عن وطنهم، طالما ان الرئىس سعد الحريري ما زال في الغربة، حتى ولو كان عند اهله في السعودية.
مراجل التوتر تغلي في اكثر من دولة في منطقتنا العربية، وطبول الحرب التي تقرع في عدد من الدول العربية، قد تقرع على حدودنا او قريبا منها، وامام المسؤولين اللبنانيين الكثير من العمل والجهد، لابقاء لبنان الذي يأوي على ارضه مليوني نازح ولاجئ واقتصاده يترنح منذ سنوات، بمنأى عن هذه المراجل والطبول وهو ليس بحاجة الى محنة جديدة كبيرة تضاف الى محنه ومشاكله، وهو في هذه الظروف الصعبة بالذات بحاجة الى جهود جميع ابنائه المؤمنين بأن لبنان هو وطن نهائي، وليس وطنا مرحليا او هو جزء من دولة اخرى، وسعد الحريري ابن الشيهد رفيق الحريري واخو الشهداء الذين سقطوا ليبقى لبنان، هو احد المسؤولين الذين يحتاجهم لبنان اليوم.