يتزايد الحديث في الأوساط السياسية كما الإقتصادية عن سيناريو «سيىء» ينتظر الواقع الإجتماعي مع اقتراب نهاية العام، من دون بروز أية ملامح لتسوية سياسية تسمح بإنجاز الإنتخابات الرئاسية في وقتٍ قريب، وذلك على قاعدة أن الخسارة اليومية المسجّلة للإقتصاد منذ بدء الشغور الرئاسي، باتت تقدر بالملايين من الدولارات، وهو ما سيترك تداعيات كبيرة على الإقتصاد، ويعزّز الفجوة الكبيرة في ميزان المدفوعات، كما تؤكد مصادر في لجنة الإقتصاد النيابية، التي تستخلص من المؤشرات الواردة في تقرير البنك الدولي الأخير حول الإقتصاد اللبناني، أن حالة الشلل على صعيد استرتيجية التعافي الرسمية، رفعت وبنسبةٍ كبيرة المخاطر الإقتصادية، خصوصاً في ظلّ المراوحة على مستوى الإصلاحات الإقتصادية والنقدية لإنجاز الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، خصوصاً وأن درب الإتفاق والحصول على تمويل منه، هو الوحيد الذي يؤدي إلى الخروج من الأزمة الحالية.
وفي هذا المجال، فإن الشغور الرئاسي ووواقع تصريف الأعمال الحكومي يدفع، ووفق هذا المصادر النيابية، إلى تكريس الأزمة وتعميقها إلى أجلٍ غير مسمّى، إلاّ في حال أدت الإتصالات الجانبية التي حصلت أخيراً بين رؤساء الكتل النيابية، وبعيداً عن الاضواء، إلى إحداث تغييرٍ في الستاتيكو الداخلي، أو على الأقل تقديم المعالجات الإقتصادية على ما عداها من ملفات، من أجل تمرير الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان كما المنطقة راهناً، وبشكلٍ خاص على مستوى الوضع الإجتماعي، حيث أن المصادر النيابية نفسها، تتخوف من أن يكون اللبنانيون متروكين ليواجهوا منفردين التحديات الناجمة عن سلسلة الإجراءات التي دفعت باتجاه زيادة الدولرة، التي وصلت إلى نحو تسعين في المئة في الآونة الأخيرة.
وفي سياقٍ متصل، ترى المصادر أن عودة مؤسسات القطاع العامّ إلى العمل المنتظم، سيؤدي إلى تحريك الواقع المالي وإنعاش الطلب على الليرة، وبالتالي التخفيف من نسبة الدولرة، ويُضاف إلى ذلك التحسّن الموعود في ساعات التغذية بالتيار الكهربائي الذي سيخفف من فاتورة استيراد المحروقات. علماً أن هذه الفاتورة قد تراجعت في ضوء تراجع الإستهلاك بنسبة 45 بالمئة في الأشهر الماضية، ولكن أي تأثير إيجابي في مجال تمويل شراء الفيول لحساب شركة الكهرباء، ما زال مشروطاً بزيادة التعرفة وتحسين الجباية، والتي تعتبر أساساً في الإصلاح في هذا المجال.
وقد كشفت المصادر النيابية، عن أن الجباية يجب أن تشمل المخيمات الفلسطينية كما مخيمات النازحين، ووقف الهدر الحاصل على الشبكة الذي يتجاوز اليوم الـ40%، مع العلم أن الفصائل الفلسطينية في المخيمات، قد باشرت بتطبيق ما هو مطلوب ميدانياً، لكي يتمّ دفع أكلاف الكهرباء التي يستفيد منها سكان المخيمات، وذلك بالتنسيق مع المنظمات الدولية، وأعلنت القيادات الفلسطينية عن تجاوبها التام حيال الطلب اللبناني، على أن يبدأ قريباً العمل بتركيب عدادات من قبل مؤسسة كهرباء لبنان في المخيمات.
ولكن المصادر النيابية نفسها تستدرك محذرةً من عدم السير في الجباية وإجراءات وقف الهدر، معتبرةً أن هذا الأمر قد يؤدي إلى عودة الضغط على الدولار بسبب التمويل، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع السعر في السوق السوداء.