Site icon IMLebanon

البدر

هو حلم خرج من عالم وعي أعمق: القمر بدرٌ في سماء فيها كثير من عالم الأرض، منازل وشجر، كأن المشهد هارب من عالم كرتوني داخل سماء افتراضية، فالقمر ما كان دائرة نور عادية، بل لحق به وشاح من ضوء ملامساً وجهه. ثوان وانتهى الحلم… اتخبرنا السماء أنّنا على أبواب حرب، ثم ألسنا فعلاً في قلب حرب “دولية” متخفيّة وراء إرهاب داعشي، صنعته وأطلقته على بلاد الشام خدمة لقلب الارهاب البشري النابض: اسرائيل الصهيونية، اليهوديّة، الخارجة عن النظام الكوني، قافزة فوق كل قوانين أمم الأرض والسماء؟

وأنت تعلم أن لعبة التواصل ما بين الوعي العادي والوعي الباطني الأعمق تحمل لك أسراراً، لو أنت من الملتقطين لما تبثه لانبأتك بما سيتسّبب بتغيير مؤثّر في الزمان والمكان حيث الأحداث تتوالى…

طعام الفطور لا يقلّل من خوف بدأ يرفّ في مركز طاقة الشمس من جسدك، تحت القلب بقليل: هل المنطقة على وشك اختبار احتدام في الحرب الدائرة في سوريا؟ ثم تمرّ أيام يحمل أحدها خبر استشهاد المقاوم اللبناني “بدر الدين” في سوريا الواقعة بين مخالب صهيونيّة – يهوديّة – دوليّة – عربيّة فاسدة ومدمّرة وقاتلة. صراع بدأ في الثلاثينات من القرن الماضي مستهدفاً بلاد الشام: لبنان وسوريا والعراق وفلسطين والأردن، ليشمل في ما بعد ما أبعد من بلاد الشام وانسانها.

الصهيونية السوداء هدفها “وعي” الإنسان الذي أتى الأرض داخل نسيج كوني لتستفيق ذاكرته تدريجاً على “مصدره”، المصدر الواحد لكل الوجود. وعلى مرّ تاريخه عرف ومضات استنارة على الدرب، أهداها إليه الكون كالموسيقى وكل الفنون، وكل العلوم والأديان التي أقفلت على ذاتها داخل مؤسّسات تحسب حساب الربح والخسارة، فقد اقتحمتها “اليهوديّة” قاضية على نضارة “التطوّر” فيها، “هبة” الكون للانسان، ولن يلتقطها إلاّ حرّاً بلا قيود.

تلك هي لعنة الصهيونية التي تُعيق مسيرة تطوّر الوعي البشري عن قصد بعدما تسلّلت إلى التراث الإنساني المعرفي في شرقنا، لمّا أتت قبائل مشتّتة من جنوب الجزيرة العربية وسرقت علومها وفلسفتها ناسبة إلى مساحتها الضيقة كل قفزات الفكر والفلسفة في بلاد الشام وفي مصر الفراعنة. وتريد الأرض من النيل الى الفرات، جماعة بشرية مريضة، تفتقر إلى “إنسانية” ارتباط العقل بالقلب، فالتة من حكمة نظام كوني هو “الضمير” الذي يميّز الانسان.

“بدر الدين” ليس ضحيتها اليوم، ولا كل من استشهد قبله مقاوماً وصولاً الى الفيلسوف انطون سعادة. هم رسل تطوّر الوعي الإنساني وهم “العارفون”، وهم من مهّد ويمهّد الدرب أمام كل الجنس البشري لإدراك أعمق لأسرار الوجود: الحق والخير والحب، وهم كالأنبياء تماماً، قدراتهم هائلة في بثّ طاقات حبّ الأرض للإنسان وحبّ الإنسان للإنسان ولأمّه الأرض.