Site icon IMLebanon

«شرشحة»!

 

«الشرشحة»، الوصف الأفضل وبمعناه الحرفي لمعنى «البهدلة» ما هذا الشعب الذي لا يغضب، ولا يُحرّك ساكناً إزاء ما يُفعل وبشكل يومي وممنهج لإذلاله، كيفما تلفّت اللبناني يعيش حياة «البهدلة» بكلّ ما لـ «البهدلة» من معنى، كلّ الخوف من أن نكون كشعبٍ بلغ حدّ اللامبالاة بكلّ التّنكيل اليومي الذي يُفعل به، أو أن نكون بلغنا قمّة اليأس من الدولة والسّلطة والحكومات والأحزاب والقيادات، قمّة اليأس وفقدان الأمل والرّغبة في تغيير حرف مما يمارس بحق الشعب اللبناني كيفما وجّه وجهه، هذه ظاهرة خطيرة تستدعي تحرّك خبراء السلوك الإجتماعي العام لدراسة ردّ فعل الشعب اللبناني العجيب إزاء المشهد اليومي الذي يمارس بحقّه!

 

في المعنى اللغوي، «بَهْدَلَ يبهدل، بَهْدَلةً، فهو مُبهدِل، والمفعول مُبهدَل، وبَهْدَلَ فلانًا:حَطّ من شأنه، أهانه، أساء معاملته. ثمة حال لاطبيعيّة يعيشها البلد واللبنانيون يوميّاً، على الطرقات، في القدرة على عيش حياة طبيعيّة، في تحمّل تكاليف وأعباء الحياة من أقساط المدراس إلى دفع عبء كل فواتير الحياة اليومية «مدوبلة» وأكثر، في الطبابة، في الدواء، حتى عندما يذهب اللبناني ليدفع ضبط مخالفة أو فاتورة للدولة يتبهدل بكل ما للإهانة من معنى، ومع هذا الصمت سيّد «ردود فعله»، أكاد أقول إنّه «كلّ وملَّ» حتى من رفع صوته متذمّراً، مع أنّنا شعب «يطقّ وينقّ» إلى أبعد الحدود، حتى هذه «الفضيلة» في «النقّ» فقد اللبنانيون القدرة على ممارستها، أغلب الظنّ أنّ تراكم خيبات الأمل حتى بلغت عنان السماء منذ ما بعد 14 آذار العام 2005 هي التي أوصلت الشعب اللبناني إلى هذه الحال من اللامبالاة، عندما يصدّق شعب ما أنّه غيّر المعادلات، ثم يوماً بعد الآخر يكتشف أنّه خُدِع، من الصعب أن تطالبه بأن ينتفض من جديد لإحداث تغيير في واقعه، هذا الشعب فقد ثقته بالجميع، وهذا أخطر وأسوأ ما في المشهد اللبناني!

 

والـ «بَهْدَلَةٌ» لغويّاً، «إظْهَارُ السُّخْفِ وَالتَّفَاهَةِ وَالضُّعْفِ»، سمّوا لنا دولة في العالم يحدث فيها المشهد الذي حدث بالأمس في المطار بين جهازيْن أمنيّين «وعلى عينك يا تاجر»!! المشاهد الفضائحيّة ليس في المطار وحده، بل في معظم مؤسسات الدولة وقطاعاتها ينذر مشهدها بانهيار الدولة اللبنانيّة بالمعنى الأخلاقي للدّولة، ككيان له منظومة قيمه وأخلاقيته وهيبته، عندما تنهار هذه المنظومة تسقط الدّولة من عين الشعب، هذه هي الحقيقة ربما، هذه الدولة سقطت في نظر شعبها، قد يكون هذا هو التفسير الوحيد لمعنى إدارة الشعب اللبناني ظهره للجميع والدّخول تحت قناعة عامّة «الناس بدها تعيش»!

 

في كلّ يوم يشهد اللبنانيّون على فضائح دولتهم «ولا يهشّون ولا ينشّون»، حتى الشّجار اليومي وحلبات «الديوك السياسية» التي «ينتف» فيها الفرقاء ريش بعضهم على مواقع التواصل الإجتماعي لم تعد تهزّ اللبنانيين عموماً، على الأقلّ اللبنانيّون المنسحبون من لعبة القطعان وشلعات المعزي التي تخوض حروباً واهية تنتهي في لحظة تعلن فيها «التهدئة» بين المتحاربين في العالم الافتراضي!

 

أيها السّادة، لقد بلغنا أسفل الدّرك، صرنا نشبه حقيقة تلك الجملة في أغنية إسمع يا رضى»صارت حياتي كلّها شي بهدلة» هذه اللامبالاة أخوف ما نخاف أن تؤدّي إلى «موت الشعب»هذه المشاهد والأخبار المخزية التي تُعرض علينا يوميّاً تعلن يوميّاً وبشكل صارخٍ موت الدولة اللبنانية وبصراحة، دولة مريضة وهشّة و»مفوْخرة حلّها تموت»، هذه دولة كأيّ دولة كانت في التاريخ ثم زالت، «حلّها تموت»، هذه حالة تشبه البناء الآيل للسقوط، مهما وضعت له من دعامات فهي ستبقيه واقفاً «تسكيج»، الأولى هدّه وإعادة بنائه من جديد!

 

ميرفت سيوفي