Site icon IMLebanon

اغتيال بدر الدين… والسيناريوات المحتملة

فقد »حزب الله« واحداً من أبرز قياداته العسكرية مصطفى بدر الدين، الذي قضى بانفجار كبير استهدف أحد مراكز الحزب قرب مطار دمشق الدولي في سوريا..

لم يجزم الحزب، ولوقت متقدم يوم أمس، في تحديد طبيعة الانفجار، وأسبابه، وهل هو ناتج عن قصف جوي او صاروخي او مدفعي، وقد غاب عن التداول التفجير بالسيارات المفخخة، وهو – أي الحزب – كان وعد بالاعلان عن »مزيد من نتائج التحقيق«؟!

ليس من شك في ان استشهاد بدر الدين، الذي كان من القلائل الذين تم التداول بأسمائهم على امتداد السنوات الماضية – خصوصاً مع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري – شكل خسارة لا تقدر بثمن لـ»حزب الله«، واثار في المقابل جملة أسئلة وتساؤلات حول الهدف الحقيقي ومن يقف وراء الاغتيال ومن نفذ وكيف خرق حرمات الاحتياطات الأمنية المفترض ان تكون زكثر تشدداً؟!

بعيداً عن المواقف المؤيدة او الرافضة لدخول »حزب الله« في »الحرب الكونية« المشتعلة في سوريا منذ خمس سنوات، فإن ما لا شك فيه ان الحزب، كان قبل هذه الحرب، وسيبقى معها وبعدها مستهدفاً وعلى كل المستويات، وهو الذي اعتمد سياسة »أفضل وسيلة للدفاع عن النفس هي الهجوم..«.

وسواء قضى الشهيد بدر الدين بانفجار صاروخي او مدفعي او بقصف الطيران (إسرائيلياً كان او غير إسرائيلي) فإن اغتياله يمثل انجازاً بالغ الخطورة لصالح »الكيان الاسرائيلي«.. لكن من المبالغة القول، ان مقتل بدر الدين سيكون مناسبة حيوية لـ»حزب الله« من أجل مراجعة نقدية لدور الحزب في سوريا وفي العديد من الساحات.. ولا يبدي الحزب – على الرغم من الضربة الموجعة – أنه على استعداد لمراجعة نقدية لمواقفه، تكون مبرراً كافيا لاعادة النظر بالعديد من المواقف، سواء كانت نابعة من خيارات ذاتية، او تلتقي مع مصالح اقليمية وتستجيب لها.. بل على العكس من ذلك، وهو الذي تجاوز كل »السيناريوات« حول استشهاد بدر الدين، ليركز على دور هذا الأخير الى جانب القيادي الشهيد عماد مغنية في مواجهة الكيان الاسرائيلي وحروبه المستمرة على لبنان واعتداءاته، كما في محاربة »الارهاب التكفيري« في سوريا وغير سوريا..

وليس من شك أيضاً في ان »حزب الله«، الذي رسخ في لبنان سياسة حصر الخلافات بالسياسة والاعلام، يتعرض منذ مدة غير قصيرة الى حملة غير مسبوقة، في السياسة والاقتصاد والاعلام، كما والأمن.. وبات على رأس قوائم »المنظمات الارهابية« لدى العديد من الدول، جراء مواقفه العابرة لحدود الدول والكيانات والمناطق، وهو يدرك ان الثمن في ذلك لن يكون بسيطا.. او محدوداً في ساحة معينة او فترة زمنية محددة.. وقد لا نغالى اذ نقول، في ضوء المعطيات المتوافرة، والتجارب السابقة، اننا مازلنا في أول الطريق.. وهو، اي الحزب، بقدر ما يرى »ان استشهاد بدر الدين يتوج مسيرة من النضال الوطني والقومي في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، والدفاع عن لبنان، من سوريا او من العراق او من غيرهما.. فإن آخرين لا يرون ذلك، بقدر ما يرونه »تورطاً لا مبرر له«، واستجابة لمصالح اقليمية، تحديداً ايرانية، وهم ينظرون الى ذلك على أنه مغامرة يدفع فيها شباب الحزب أثماناً في غير موقعها الطبيعي، وقد أقفلت (لاجل) جبهة الصراع الميداني – العسكري مع العدو الاسرائيلي…

من الطبيعي ان تثير العملية التي قضى فيها القائد بدر الدين، ردود فعل متباينة، عكست طبيعة الاصطفافات الخارجية والداخلية، سواء بسواء، لسائر القوى السياسية المتصارعة وافسحت المجال واسعاً أمام العديد من التأويلات والاتهامات وحملات التشكيك.. وما اذا كان بدر الدين سقط بعملية إسرائيلية او بعملية من نوع آخر، خصوصاً وان خرق الاحتياطات الأمنية المفترض ان تكون على أعلى مستوى، ليس أمراً سهلاً، ولا بد من التعمق في التحقيقات واعطائها الوقت الكافي لاسيما وان احتمال توسع السيناريوات وارد في ظل أوضاع محلية واقليمية غير سليمة، واحتمال خرقها وارد..

ليس مصطفى بدر الدين الأول من القادة الذي يسقط في عمليات عسكرية – أمنية فلقد سبقه عديدون من قادة الحزب، ولا بد من متابعة الشائعات والسيناريوات التي تهدف في جانب منها الى البلبلة واضاعة البوصلة كما وتهدف في جانب آخر الى احداث شكوك، حيث من المتوقع ان تفلت الأمور من عقالها ويطلق العنان للمخيلات تصدر أحكامها..

استشهاد بدر الدين »عيد وطني إسرائيلي بامتياز«.. وتوقيت التنفيذ خضع على ما يظهر لما يمكن ان يسمى خرقاً أمنياً مؤكداً، وهو يتمتع بتغطية دولية – اقليمية كافية، وجاء في ظل ظروف اقليمية ليست سهلة، سقط معها »الاجماع« على تأييد »حزب الله« واحتضانه والوقوف الى جانبه في كل الظروف الصعبة التي مر بها، وهي تستهدف الضغط على الحزب ليعيد النظر في العديد من مواقفه وأدواره، وهو أمر، على ما يظهر، ليس من خياراته في الوقت الحاضر، وقد دلت التجارب السابقة، ان كل من قاتل »العدو الاسرائيلي« يوماً لن يفلت من »العقاب« و»الثأر« ولو بعد وقت طويل.. وقد لا نكون نغالي اذا قلنا، اننا مازلنا في بداية الطريق وعين العدو لا تنام..؟! وهو مؤهل لارتكاب عمليات القتل والارهاب والتهجير والمجازر الجماعية منذ بدايات مرحلة تأسيس الكيان الاسرائيلي، الملطخة بدماء شعب فلسطين عبر ارتكاب أبشع وأوسع عمليات القتل والترحيل؟! والمنطقة اليوم أمام معادلات جديدة ستؤسس لمعادلات جديدة لمفهوم الأمن والسلم وتحديد العدو والصديق«؟