تحاول الإدارة الإميركية توزيع التطمينات حول الإتفاق النووي المحتمل مع ايران، باراك اوباما أراد طمأنة الفرنسيين بقوله إن اميركا ستغادر طاولة التفاوض اذا تعذّر الوصول الى إتفاق يمكنها من التحقق من ان ايران لن تحصل على سلاح نووي، ولكن ما الذي يطمئن الخليجيين والعرب؟
لا شيء وخصوصاً عندما يعرض جون كيري مظلة حماية نووية اميركية على دول “مجلس التعاون الخليجي” كما هو الحال مع اليابان وكوريا الجنوبية ودول الأطلسي، لأن هذا العرض يعني ان أميركا تريد ان تأكل باليدين معاً، باليمنى تتفق مع ايران وتنخرط معها في تنسيق إقليمي تبدو ملامحه وعناوينه واضحة الآن في العراق، الذي سبق لها ان قدمته هدية لطهران منذ عام ٢٠٠٨، وباليسرى تريد جعل دول الخليج تحت مظلة حمايتها والهيمنة.
لكن أميركا التي تنخرط ثلاثة أعوام في مفاوضات سريّة مع طهران جرت في عمان، أي داخل البيت الخليجي من وراء حلفائها التاريخيين، لا يمكن الركون لا الى ضماناتها ولا الى حماية مظلتها النووية، فمن يبيع بالصغيرة يبيع بالكبيرة، ثم اننا في زمن السياسات الخارجية التي تصنعها المصالح لا المبادئ كما كان الأمر أيام دوايت ايزنهاور.
المشكلة ليست في حصول ايران على السلاح النووي فحسب، بل في الإنفلاش الايراني في الإقليم الذي يحصل على مباركة أميركية بعد التعامي الطويل عن فصوله المتعاقبة من العراق الى سوريا فلبنان واليمن، لمجرد حصول اوباما على اتفاق نووي “يمكن التحقق منه”!
واذا امتلكت القنبلة النووية فأنها لن تلقيها غداً على خصومها بل ستستعملها فزّاعة لتثبيت إطار توسّعها الإقليمي، ولفرض نفسها قوة محورية وشريكاً في النادي النووي، وفي أي حال قد يكون من المناسب ان يقرأ أوباما تصريح علي يونسي مستشار حسن روحاني، الذي قال بالتزامن مع تلويحه بمغادرة طاولة المفاوضات:
“ان ايران اليوم اصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا كما في الماضي… ان جغرافية ايران والعراق غير قابلة للتجزئة وان ثقافتنا غير قابلة للتفكك… ان كل منطقة الشرق الاوسط ايرانية وكل شعوب المنطقة جزء من ايران، ونحن نريد تأسيس إتحاد ايراني في المنطقة”.
قد يرى البعض في هذا الكلام اشارة الى إعادة الأمبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعل المدائن عاصمة لها، لكن البعض الآخر يرى فيه ان حصول ايران على المنطقة هو أخطر من حصولها على السلاح النووي، فقبل ان تستكمل طهران سيطرتها على الاقليم ها هو مستشار روحاني يعلن الحرب على الجميع: “سنقف في وجه التطرف والتكفير والعثمانيين الجدد والوهابيين والغرب والصهيونية”!