IMLebanon

بغداد… عاصمة الإمبراطورية الفارسية والمنطقة!!

الذين يواكبون الأوضاع الإيرانية يلحظون تعاظما في التصرف وتعاليا في المخاطبة وجنوح الطموحات الإيرانية إلى العنف والقسوة وفرض الأمر الواقع على كثير من البلدان المجاورة بالأسلوب العسكري الفج الذي تعمد إيران فيه بقدر ما تستطيع إلى استعمال واستغلال بعض البلدان العربية المجاورة والقريبة الى مواقعها بأجزاء من شعوبها وجيوشها وبعض ميليشياتها، لتحقيق غزواتها واقتحاماتها حيثما تيسر لها ذلك وعن سابق تصور وتصميم تحقيقا لحلم لها قديم تحيي فيه ماضيها الفارسي.

ولدت ملامح هذا النهج على شيء من التلطيف والتخفيف من خلال تصريحات متفرقة لأكثر من مسؤول إيراني، وفي الطليعة قادة أساسيون في الحرس الثوري الإيراني، وكانت المناسبات كثيرة صرح فيها كثيرون منهم بأن النفوذ الإيراني قد بات ممتداً من إيران فالعراق فسوريا، وصولا إلى لبنان وسواحل المتوسط. وكانت هذه التصريحات تطلق من خلال قفازات باليد واقنعة على الوجوه تغطي بعضا من الغطرسة والتشاوف والشعور بفائض القوة خاصة عندما تجيء على لسان مسؤول كالرئيس روحاني، حيث كان واضحا أنه يستغل تصريحاته كسلاح من أسلحة التفاوض الديبلوماسي مع الولايات المتحدة والمتفاوضين معها، بينما القادة الثوريون يصرحون بلغتهم واسلوبهم الحربجي الجامح الذي يسعى إلى عرقلة وفرملة العلاقات الأميركية – الإيرانية أكثر من إنعاشها وإحيائها والوصول بها إلى نتائج على شيء من النجاح خاصة، فيما تعلق بالموضوع النووي، محور اللقاءات والمساعي والجهود القائمة في هذه الأيام بين فرقائه، ساعية إلى إقراره وأطلاقه، فالموضوع النووي حلم إيراني شامل بذلت إيران في سبيل تحقيقه كثيرا من الإعداد والجهد والمال، وطموحاتها في هذا الميدان المفجر، لا تحصى ولا تعد، وتكاد أن تكون حلما شائعا يدل على ما يضمره الإيرانيون من طموحات غير محددة، جموح نحو العنف والتوسع طمعا في استعادة أمجاد العهد الفارسي الأمبراطوري.

اللغة الإيرانية هذه تتعاظم في حدتها وعنفها وانتقالها إلى مرحلة جديدة، وهي حاليا قد وصلت إلى حدود غير معقولة وغير مقبولة، وباتت تشكل أخطارا واسعة الأفق والمدى، استدعت جملة من التحركات السياسية على أعلى المستويات في العالمين العربي والإسلامي، واذ يبدو النزاع العربي – الايراني مستجدا وشرسا في اماكن جديدة من العالم العربي، ها هو في اليمن يأخد طابعا مذهبيا واضحا خطيرا شمرت فيه إيران عن شتى غطاءات القوة لديها وكشرت عن أنيابها في قلب العاصمة اليمنية، وهي إذ تفعل ذلك من خلال الحوثيين الذين لا يتجاوز تعدادهم الستة بالمائة من الشعب اليمني، فإنها تتوجه بمعظم افتعالاتها، إلى المملكة العربية السعودية والخليج العربي، وفي ظلال قراراتها أن من يضع اليد بأية نسبة كانت. على مجمل مواقع المملكة، إنما يبني زعامة على العالم الإسلامي كله. وقد توضحت هذه النزعة بصورة اشمل من خلال تصريح قادة الحرس الثوري منذ أيام حيث راح يفاخر بأن إيران باتت تحكم من خلال امبراطوريتها الفارسية المتجددة ومن خلال عاصمتها… بغداد! فباتت النزعة العنصرية والتي سادت قديما وأسفرت عن صراعات عربية – فارسية، استهدف فيها الفرس آنذاك كل ما هو عربي، وأدى ذلك إلى إدخال الألغام المتفجرة ضمن الجسد الإسلامي بكيانه الواحد وعقيدته الواحدة وأدت هذه الصراعات إلى اسوأ النتائج وإلى إضعاف منطقتنا ودولنا وانهاكها وإيصالها إلى أن تكون على حالها المؤسف من التراجع والتخلف.

هذا هو الوضع… نتطرق اليه بكل سوئه وفجاجته وأخطاره، ولا شك أن أخطار داعش وأخواتها هي ايضا من المستجدات المؤسفة بل المخيفة، التي أطلقتها الظروف والأحداث ومؤامرات المخابرات الدولية على ساحة الوجود والفعالية والإفتعال، وهي مستجدات يحتمي بها الإيرانيون وملحقاتهم في البلاد التي لحق بها غزوهم وتطاولاتهم الكلامية والعسكرية والميليشياوية التي نشروها في كثير من البلدان والمناطق، فهم يتذرعون بأنهم يواجهون الإرهاب ويباطحونه، متناسين حلقات الإرهاب الأبشع والأفظع التي زرعوها في كل مكان من المنطقة وأصبحت حصيلتها إلى جانب الدمار والخراب الذي الحقوه بالعالم العربي، ما يقارب النصف مليون شهيد، إضافة إلى ملايين النازحين الذين امتلأت بهم أصقاع ومدن وقرى البلدان المجاورة .

وقد رأينا نتيجة لذلك عددا كبيرا من الرؤساء والقادة العرب والمسلمين، يتداعون إلى الرياض حيث عقدوا اللقاءات المستعجلة مع خادم الحرمين الشريفين وهو في بداية عهده لمعالجة الأمور الخطيرة التي ترمي إلى تمزيق جديد للعالم العربي وإلى إبتلاع مزيد من خيراته، وإلى تحقيق أطماع «امبراطورية» مستحدثة وتستهدف بسط النفوذ الفارسي حيثما طاولت أياديها وأسلحتها ومخططاتها. لم يمض كثير من وقت على هذا التداعي والتلاقي حتى الآن، ولكن هل ما تم بهذا الصدد، شعور حقيقي بالمسؤولية وتحسس حقيقي للخطر، أم هو مجرد حماس آني، بات يتلاشى ويذوب كما تذوب في هذه الأيام ثلوج لبنان، بعد أن عاد الجو إلى طبيعته الدافئة؟

مجرد تساؤلات… لا تدل على طمأنينة لدى الناس، وترقب لما سيتم في تلك المفاوضات المقبلة حول السلاح النووي الإيراني. حيث يقال فيها كما يقول المثل المتداول: ذاب الثلج وبان المرج. فهل يكون الثلج ناصع البياض جلابا للخير والإستقرار أم يختلط بما تستجلبه العواصف والرياح العاتية القادمة من الخارج البعيد والقريب، من مفاجآت ستدخل إلى وجود الجميع في شتى شؤون بقائهم واستمرارهم وحياتهم المستقبلية.

وتدور الأيام والأحداث دورانا سريعا، ليتضح يوما بعد يوم أن الولايات المتحدة تخفي على المنطقة أكثر بكثير مما تظهر. وها هم نواب الحزب الجمهوري الأميركي يظهرون إلى العلن بعض الواقع الأميركي الحالي الذي يلقي بعض الضوء على ما أحدثه الرئيس الأميركي الحالي من شروخ كبيرة وخطيرة على المستويات الأميركية المحلية وعلى مستوى الاوضاع الدولية وخاصة منها، اوضاع منطقة الشرق الأوسط .

وعليه، هناك من ينتظر أياما قليلة توقعا منه لمستجدات أساسية ستعقب توقيع الإتفاق النووي الأميركي – الإيراني، وهناك من ينتظر مرور حوالى عامين ترقبا منه لأفول الرئيس أوباما عن موقع التلاعب بمصير الشعوب بما فيها شعبه، وأن غدا لناظره قريب.