IMLebanon

حقائب أم خيارات؟

الجمع يكون للأشياء المفككة، ولجمع الحكومة المنتظرة يتعيّن فكفكة العقد المانعة، مهما كانت صغيرة، وقليلة، فكيف اذا لم تكن كذلك، كما يتراءى للبعض، ممن ينظرون الى التعقيدات المتوالدة من طموحات الحلفاء وحلفاء الحلفاء، الجدد والقدامى، بالعدسة المكبّرة، وبما يتجاوز حجم الحقيبة الوزارية، أو اسم الوزير المطروح، والذهاب بالقراءة والتحليل الى ربط العرقلة والتباطؤ الحاصلين، بخيارات العهد الباحث عن السيادة والنافخ بروح الاستقلال، وبتوجهات الحكومة التي يريدها ان تكون رشيقة وجامعة، وتستطيع احتواء التناقضات، بأقل قدر من التنازلات.

لكن حتى الاستقلال، بات بنظر البعض وجهات نظر، فالاستقلال بمفهوم هذا الفريق له معنى ومضمون يختلفان عما هو لدى فريق آخر، والمطلوب التوحيد، أو على الأقل، التقريب، بين وجهات النظر المتباعدة، ما يتطلب، استقلال البعض عن الوصايات الخارجية، بحسب قول الوزير جبران باسيل، قبل أن يغادر الى البرازيل.

ثمة من يرى ذلك ممكنا، كالرئيس نبيه بري الذي يتحدث عن عقد صغيرة، يأمل تفكيكها مقدمة للتأليف، والرئيس المكلف سعد الحريري الذي يجد في تشكيل الحكومة مصلحة للجميع، خصوصا لمن يعملون لقانون انتخابات، ولانتخابات تجري على اساسه ولمن يريد موازنة عامة، بلغ شوق المال العام اليها حدّه.

والأمر ممكن بالفعل، لمجرد ان تتقارب الرؤية وتصفو النيّات، ويدرك كل طرف انه مهما حكمت عليه الظروف وأبعدته الحسابات فلا بد من العودة الى المنطلقات الأولى، مهما طال السفر، ولا بد من تحرير مستقبل البلد من آسريه، بمعزل عن القناعات أو الذرائع.

اللبنانيون أمام تشكيل حكومة جديدة، بعدما بات لهم قيام عهد جديد، وطموحهم ان تكون على مستوى التطلعات والأماني، حكومة لا بد أن تكون جديدة، ان لم يكن بوزرائها، فبمفاهيمها وبروحها وبأهدافها المحددة، وبمثل هذه الروح، يمكننا الحلم باقالة لبنان من عثراته، وبحفظ استقراره من نوائب الزمن، من خلال العودة الى قواعد التواصل والانفتاح على الأهل وعلى جيران الخير، وبالسلطة السيادية المستعادة، فمعجزة الحياة هي الأجمل…

يبحثون عن حقائب دسمة ووازنة وسيادية، بينما المطلوب أياد نظيفة، ماهرة، قادرة على سحب الفساد من شرايين الوطن، وفق اشارة الرئيس عون، والفساد المقصود بمصدريه السياسي والاداري، وعندما يكون ربّ البيت للطبل ضاربا، فما شيمة أهل البيت إلاّ الرقص… فالفساد السياسي هو الممر الطبيعي للفساد الاداري، الى حدّ تحويل بعض مؤسسات الدولة الى مراكز جباية وسمسرات. انها الثنائية المدمّرة للمجتمعات والأوطان، وفيها تجد القوى الكبرى ضالتها لاختراق الدول والمجتمعات، بعدما استغنت بفضلها عن الاحتلالات المباشرة، لتكتفي ببذر بذور الفساد. ونظرية التفاحة التي تفسد صندوقا، قديمة، وان اتّسع نطاقها لتفسد الكروم والبساتين في زمننا الحاضر…

ان اعاقة تشكيل الحكومة الحريرية يفقد العهد زخم الانطلاق، وقد اتخذت العمليات التأخيرية، أشكالا عدّة، ما زالت تقع ضمن نطاق ما يعرف باللعبة السياسية، كمحاولة تحجيم حصص الكتل الكبيرة وتوريم حصص الكتل أو الأحزاب الصغيرة، الكائنة في متناول اليد، وقد جففت المناكفات أفواها كثيرة، لكن لا بد من الوصول الى الماء، مهما طال الانتظار، إلاّ اذا صار قانون الانتخابات المرتجى، خارج حسبان أحد، ومثله الانتخابات النيابية التي يتلطّى خلف اصبعها معظم القوم، وكذلك الاقتصاد المعتمد على لحس المبرد، وماذا بعد كل هذا؟