الصراع «السياسي البيولوجي» الذي ظهر بين الشقيقين بهاء وسعد رفيق الحريري، كان صامتاً منذ 15 سنة فانفجر، وتقدم الابن البكر، لاستعادة الارث السياسي من اخيه الاوسط، لانه وفق التسلسل العائلي، هو الاولى «بالوراثة السياسية» التي آلت اليه، من غير اجتماع العائلة، كما يحصل في عائلات سياسية في لبنان، او عائلات ملكية او اميرية في دول اخرى.
فبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، شخصت الانظار الى بهاء ليقود «القوم» الذين خاطبهم في ساحة الشهداء، اثر تشييع والده الشهيد الذي اغتيل في 14 شباط 2005، الا ان الرياح الاقليمية والدولية، اطاحت به لصالح النجل الثاني للشهيد الذي كان يرد عندما يسأل عن من من اولاده سيرثه سياسياً، بان لا احداً فيهم مؤهل لذلك، وبما ان الفاجعة حلت بآل الحريري، فان التوريث لم يكن بقرار منهم، وفق ما تذكر مصادر سياسية مطلعة، اذ لعب الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وهو صديق الوالد والعائلة، بتقديم سعد على اخيه بهاء، وكذلك السعودية التي لها الرأي الاول في الشخص الذي سيرث «الحريرية السياسية».
وخلال 15 سنة من اداء الرئيس سعد الحريري، فان شقيقه بهاء، جاء ليسترد الارث السياسي الذي بدده من اوكلت اليه الامانة، وقد حاول بعد اعتقال سعد في السعودية في 4 تشرين الثاني 2017، وفرض عليه الاستقالة من قبل ولي العهد محمد بن سلمان، فان من يعتبر نفسه الوريث الطبيعي، ان يتقدم لحل مكان اخيه، لكن عائلته الصغرى لم توافقه الرأي، كما ان الفريق السياسي الذي شاركه «التسوية الرئاسية» لم يقبل ما حصل مع رئيس حكومة لبنان، فرفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاستقالة وربطها بعودته، ونجحت الاتصالات الدولية لا سيما الفرنسية باطلاق سراح سعد الذي تبلغ الرسالة، على ان اداءه السياسي لا يصب الا في مصلحة «حزب الله» الذي يزداد نفوذاً، وفق ما تشير المصادر، التي تذكر بان حلفاء للحريري ومن داخل «تيار المستقبل»، كتبوا فيه تقارير للمسؤولين السعوديين، عن انه ليس مؤهلاً لقيادة المرحلة، ويجب التفتيش عن بديل، فرأت ما سميت «مجموعة العشرين» من «صقور المستقبل»، ويرأسهم رضوان السيد، بان فؤاد السنيورة هو الشخصية التي تواجه تمدد «حزب الله» في الدولة، وله مواقف تؤيد هذا التوجه، كما ان النائب والوزير نهاد المشنوق، ذهب الى دار الفتوى، ويعلن من على منبرها التوريث السياسي، الذي يجب ان يقف عند سعد الذي جاءت به ظروف عاطفية وسياسية، ولا يجوز ان يتكرر مع بهاء، لان السُنة ليسوا قطيعاً، ولا سيما من ايدوا وساروا على نهج الرئيس رفيق الحريري.
وما لم يتمكن منه بهاء بعد اغتيال والده، واعتقاله شقيقه، فانه يحاول من خلال الحراك الشعبي الذي حصل منذ 17 تشرين الاول من العام الماضي، ان يسلك طريق التغيير لكل «المنظومة السياسية الفاسدة»، كما جاء في بيانه السياسي، الذي عرض فيه لمشروعه، الذي يدعو من خلاله الى «عقد اجتماعي جديد»، سبق وطالب به البطريرك الماروني بشارة الراعي، دون ان يفضح من يتقدم لوراثة «الحريري السياسية»، ما قصده، هل هو قفز فوق اتفاق الطائف ام ماذا؟
فظهور بهاء الحريري، على انه احد محركي وداعمي «الثورة» او الحراك، وهو ما اعلن عنه باسمه المحامي نبيل الحلبي، والذي كشف بان بعض عمليات التظاهر وقطع الطرقات والاعتصامات، كانت باشراف بهاء الذي دعم «المنتديات»، كما قال الحلبي الذي كان مؤيداً «للثورة في سوريا»، وهو ما يترك السؤال حول دوره في «حراك لبنان»، تقول المصادر، التي تشير الى الوساطات التي قام بها لاطلاق مخطوفين في اعزاز او صيدنايا او عرسال، والمجموعات المسلحة الخاطفة، وارتباطها بتركيا ودول اخرى، وهل من رابط بذلك؟
لم يظهر بعد من يقف وراء الظهور السياسي لبهاء، على المستوى الاقليمي والدولي، وان كانت دول اعلنت تأييدها «للحراك الشعبي» الذي رفع مطالب اصلاحية، في مقدمتها الفساد، وقد ايدته اميركا، وشجعته فرنسا ودول اوروبية، فهل تحرك النجل الاكبر لرفيق الحريري، تحت هذا السقف؟
والزيارة التي قام بها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الى بيت الوسط، بعد انقطاع وضعته مصادر في «تيار المستقبل» في اطار الدعم، بعد ان راجت اخبار عن ان المملكة وضعت سعد خارج اهتماماتها، ولم يعد معتمدها السياسي في لبنان، بل هي تفتش عن بديل، فيما تكشف مصادر سياسية، عن ان البخاري سعى الى فك اشتباك بين بهاء وسعد الذي انتقل الى الشارع.