IMLebanon

الحريري يخترق شمالاً ويتجاوز حملات التشويش في طرابلس

 

مفاجأة المنية «مدينة الرئيس الشهيد» :حضور شعبي ونخبوي حاشد

 

سقطت محاولاتُ إغلاق الطرُق أمام بهاء الحريري في الشمال ولم تنجح وسائل الترغيب والترهيب في منع الناس من لقائه، كما فشلت سياسة تصيّد الثغرات في فضّ أهالي طرابلس والمنية عن التوافد للاجتماع برجل يعلن أنّه يسعى لاستنهاض المجتمع السني سياسياً وتنموياً واجتماعياً وتربوياً.. وقد تمكّن من الثبات في وجه حملات التشويه والتعطيل والتخريب التي يتعرّض لها بوسائل غير أخلاقية في أحيانٍ كثيرة، وأدرك الجميع أنّه بالفعل لن يتراجع إلى الوراء وأنّه وضع مساراً ورؤية واضحة سيمضي إلى تحقيقها بعد تشكّل قناعة راسخة لديه بأنّ كلّ هذا الاستهداف أغلبه من المتضرِّرين وهو استهدافٌ إعلاميّ مبنيّ على الدعايات السوداء، وهي لا تُغني من الحقّ والواقع شيئاً.

أظهرت لقاءت بهاء الحريري في طرابلس مع النخب والهيئات والجمعيات فرزاً واضحاً بين الكتل السياسية التي ترفض حركته، وبين أطياف المجتمع الطرابلسي التوّاقة لكسر الجمود المُحدق بالمدينة والساعية لإيجاد حيوية تعيد شيئاً من الألق للمدينة، وكان واضحاً أنّ  الحريري مطلع بشكل مفصّل على قضايا الفيحاء وملفاتها التنموية ليس في عناوينها العريضة فقط، بل في تفاصيلها المتعلِّقة بالمشاريع التي يمكنها أن تُحدِث تغييراً إيجابياً في حياة الناس بعد العقود العجاف السالفة.

مفاجأة المنية: التفافٌ نخبويّ وشعبي وبروز فادي الخير

أعطى الاستقبال الحاشد للشيخ بهاء الحريري في المنية رسالة واضحة وقوية بأنّ الجمهور السنّي ينظر بإيجابية إلى عودته وإلى حركته السياسية وأنّه مستعدٌّ لملاقاتها وحمايتها ومواكبتها. فأهل المنية تداعوا لهذا الاستقبال بشكلٍ تلقائي لعلمهم بقدومه وعاشت «مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري» حالة استعادة لمحطات الوفاء لشهيد لبنان وأعلنت بوضوح أنّها مع نجله بهاء في استكمال مسيرته والعمل على إنقاذ أهل السنة في إطار مشروع وطني جامع.

لطالما عُرِفت المنية بأنّها معقلٌ أساس من معاقل الحريرية السياسية في لبنان وليس فقط في الشمال، وهي التي أعطت نفسها تسمية مدينة الشهيد رفيق الحريري، وسبق لها أن ساندت الرئيس سعد الحريري إلى أن قرّر الخروج من المشهد السياسي، وبات هناك من يدعو إلى وضع السنة في الثلاجة بينما يشهد لبنان والمحيط والعالم تحوّلاتٍ مصيرية توجِب وتحتِّمُ الحضور واستعادة التوازن استعداداً للتحديات الآتية.

أهمّ ما في رسالة المنية إلى صيادي الثغرات أنّ الرأي العام السنّي واعٍ وقادر على فهم التحوّلات وعلى مواكبة متطلبات المرحلة، وأنّه قادرٌ على اتخاذ القرار من دون أن يمليه عليه سماسرة السياسة والمتضرِّرون من إمكانية النهوض السني بعودة بهاء الحريري، فعندما تستقبل المنية «ولي الدم» هذا الاستقبال الحارّ والحاشد، تكون قد أبلغت الحاضر والغائب أنّها تفتح أبوابها للعمل الجاد، وللتعاون معه على قاعدة التكامل ووحدة الأهداف، وضرورة إيجاد مظلة سياسية سنية قادرة على القيادة.

وفي قلب هذا المشهد برز حضور فادي الخير الذي يتعاون مع بهاء الحريري منذ سنوات، فقد تمكّن من تنظيم المشهد الجماهيري والنخبوي في المنية بشكل متقن، وتعامل بمرونة مع فعاليات المنية المعارضين لحركة بهاء الحريري بالكثير من الحكمة والاحتواء، وهذا ما نزع الألغام من طريق الزيارة التي شكّلت مفاجأة من العيار الثقيل للأصدقاء والخصوم على حدٍّ سواء. وهذا الأمر ستكون له تداعياته السياسية في المنية، حيث اللعبة الانتخابية تنتقل داخل العائلات وفيما بينها.

الدعوات إلى التعاون تغلب التشويش

لا يدعو بهاء الحريري إلى احتكار السنّة، وإلى فرض آحادية مُفرِطةٍ عليهم، كما كان يحصل سابقاً، بل هو يؤمن بالشراكة ويفتح يديه للتعاون مع الجميع، وهذا ما يشجع النخب على ملاقاة هذا المسار، لكنّه يدعو أيضاً إلى وحدة الموقف والكلمة، حتى يتمكّن أهل السنة من استعادة توازنهم وحقوقهم التي ضيعها الاستبدادُ بالرأي وكسر التنوّع، ولهذا يحرص على تطبيق الشراكة والتشبيك مع القوى الحيّة في المجتمع، ويبحث عن الطاقات الكامنة وعن التجارب الناجحة، للتعاون معها في مسار الاستنقاذ الواعي، الذي يرى أنّ ظروفه باتت ناضحة ولا يجب تضييع هذه الفرصة، وهذا ما أدركته المنية فكان استقبالُها الحاشد ولقاءاتها الشاملة لجميع أطياف المجتمع: السياسي والديني والاقتصادي والاجتماعي والتربوي..

لقد التفّت المنية حول بهاء رفيق الحريري لتؤكِّد أنّه ليس باستطاعة أحد احتكار قرارها وأنّها بهذا التنوع السائد فيها قادرة على صياغة علاقاتها السياسية بشكل حضاريّ وبدون اصطفافات سلبية تؤثِّر على العلاقات الطبية بين أهلها، وهذا أحد المعايير الأساس التي يعمل على أساسها زائرها، فهو فضّل العمل الهادئ البعيد عن الصخب الشعبوي، لكنّ أهل المنية جمعوا الجمهور مع النخب واكدوا مرة أخرى أن مدينتهم تحافظ على ذكرى رفيق الحريري في وجدانها، وفي حياتها اليومية.