IMLebanon

بهاء الحريري يثبِّت حضوره شمالاً وبدء تقييم الثغرات والإستعداد للمرحلة التنظيمية

 

إختتم بهاء رفيق الحريري زيارته إلى طرابلس والمنية الضنية وعكار واضعاً بذلك المدماك الأساس في بناء علاقته المباشرة مع النخب والقواعد الشعبية على قاعدة التواصل والتفاعل، على وقع استمرار حملات الاستهداف من تيار المستقبل وامتداداته، لكنّ الواضح أنّ كلّ الدعاية التي راهنت على أنّ حركة بهاء الحريري حركةٌ عابرة وغير ثابتة سقطت تحت وطأة الأمر الواقع الذي شكّله في زياراته وما تضمنته من مواقف ومبادرات عملية بدأت تؤشِّر إلى جدّية المشروع الذي جاء به، وذلك بالتوازي مع إجراء تقييم متواصل للثغرات التي شابت الحركة العامة خلال الأيام المحدودة التي قضاها في الشمال، بينما باشرت المواقع السياسية والدينية تقييم هذه الزيارة ومدى نجاحها وتداعياتها في المرحلة المقبلة ليُبنى على الشيء مقتضاه.

بإمكان بهاء الحريري أن يشعر بالرضى عن حركته الشمالية العكارية، لكنّه في الوقت نفسه يقف أمام تحديد الثغرات، وهي في أغلبها تنظيمية وليست سياسية، وهذا ناتج عن بعض الاختيارات غير الموفقة في الأشخاص في بعض المناطق، مما أنتج امتناعاً لشرائح تنظر بالإيجاب إلى حركة بهاء الحريري عن المشاركة، نظراً لوجود هؤلاء الأشخاص الذين لا يوحون بالثقة في قدراتهم وكفاءاتهم ولا في وصولهم إلى النخب الفاعلة في المجتمع، وهذه ثغرة كانت مدار نقاش في فريق الحريري ومن المتوقع أن تجري معالجتها، خاصة أنّ مجمل العاملين خلال هذه اللقاءات يتحرّكون تلقائياً وعفوياً من دون هيكلية تنظيمية تنتظر انتهاء الجولات ليرسو الهيكل التنظيمي بشكل الواضح.

 

لا يمكن تجاهل «القرقعة» التي مارسها المؤتمِرون بأوامر الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري في كل المحطات. ففي طرابلس عمل أحمد هاشمية على تعليق الصور واليافطات الاستفزازية ومحاولة الضغط على الفعاليات لمقاطعة لقاءات بهاء الحريري، وفي المنية عمل النائب أحمد الخير على محاصرة الزيارة فضغط على أعضاء صندوق الزكاة، رغم مساهمة بهاء الحريري للصندوق وحرصه على دعمه، بينما تحرّرت غالبية الفعاليات في المنية وسجّلت لقاء 1330 شخصية مع بهاء الحريري، في حين حضر أعضاء صندوق الزكاة في الضنية وشارك رؤساء بلديات ومخاتير وفعاليات بوفود كثيفة، رغم الضغط على صاحب الفندق الذي كان مقرراً أن ينزل فيه بهاء الحريري وتغيير مكان الإقامة.

أمّا عكار فإنّ الزخم الشعبي والنخبوي ظهرا في اليوم الثاني للزيارة، حيث ضغطت الوفود وبرز دور الجمعيات الأهلية في التفاعل حول ما تحتاجه المحافظة المحرومة من مشاريع ضرورية، وحيث اشتكى تجار سوق الخضار مما يمارسه بحقهم أحمد هاشمية من تضييق وابتزاز وقيامه بخنق السوق بمخالفات جرى توقيفها من خلال القضاء، لتكون لبهاء مبادرة بتقديم كلّ ما يلزم لحلّ هذه المشكلة قانونياً ومالياً لحماية أرزاق العائلات التي تعمل في سوق عكار للخضار، وكانت هذه المسألة مناسبة لإعلان بهاء الحريري عن تحضير مخطط توجيهي لعكار تُبنى عليه الخطوات التنموية اللاحقة.

من الطبيعي أن تقاطع الشرائح المرتبطة بالسلطة زيارة الحريري وهي ليست معياراً في قياس القبول أو الرفض السياسي أو الشعبي، لكنّ الامتحان الكبير يبقى في تشكيل الفريق الذي سيعمل في المكاتب السياسية والتنموية خلال الفترة المقبلة التي أعلن الحريري أنّها ستكون بحدود الثلاثة أشهر، والإفادة من كلّ الأخطاء والثغرات التي وقعت، وقد تقع في زيارة البقاع، فالبناء هو الأصعب، خاصة في ظل الشكوك القائمة لدى شرائح كبيرة بإمكانية الاستمرار وبقاء عناصر الرفض والضغط القائمة من بقايا تيار المستقبل الذين يستخدمون كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة في حربهم ضدّ بهاء الحريري.

يمكن القول في الخلاصة إنّ الشارع السني بدأ ينفض غبار انتظار الفراغ وبات يتلمّس خياراته بحرية أكبر ووعي أعلى، وما الموقف الحازم الذي أدلى به النائب الدكتور بلال الحشيمي الرافض للوصاية على أهل البقاع في من يستقبلون ومن لا يستقبلون والمؤكِّد على حريتهم الكاملة في حركتهم السياسية والاجتماعية، إلاّ مؤشِّر كبير على رفض الهيمنة والتسلّط على القرار السنّي، وما ذلك إلاّ شرارة اشتعلت وستضيء طريق الباحثين عن الحرية والحقوق السنية والوطنية.