ليست انتخابات بلدية تلك التي ستشهدها غداً بلدة بخعون، كبرى بلدات الضنية، بعدما أرادها تيار المستقبل محطة لإنهاء حالة النائب السابق جهاد الصمد سياسياً
لا تبدو الانتخابات البلدية التي ستجري في بلدة بخعون ــــ الضنية غداً مشابهة لأي انتخابات سابقة شهدتها البلدة الأكبر سكانياً وبلدياً (18 عضواً) في المنطقة.
الحدّة السياسية التي تتميز بها الانتخابات في هذه البلدة تجعل أهميتها تتجاوز بأشواط بعيدة حجمها ودورها، خصوصاً بعدما نقل عن الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري قوله، قبل أيام، إن التيار «يولي الانتخابات البلدية أهمية قصوى في بيروت وطرابلس وصيدا… وفي بلدة بخعون»، وهو ما رأت فيه مصادر متابعة محاولة لـ»ضرب» المعقل الرئيسي للنائب السابق جهاد الصمد، ومحاولة تفتيت قاعدته الشعبية العريضة في البلدة (7500 ناخب)، وإنهاء حالته السياسية التي استعصت على المستقبل وصعب عليه إحتواؤها أو تحجيمها.
فمنذ خروج الصمد من المجلس النيابي عام 2005، لم يتمكّن نواب القضاء الثلاثة، أحمد فتفت وقاسم عبد العزيز والراحل هاشم علم الدين ثم خلفه كاظم الخير، مجاراته في الحضور خدماتياً وشعبياً في بلدته ومنطقته. وهو كان رأس حربة في مواجهتهم في انتخابات 2009 النيابية، وفي معظم الاستحقاقات التالية، كالانتخابات البلدية عام 2010 التي مُني فيها فتفت بخسارة كبيرة في مسقط رأسه بلدة سير، وانتخابات بخعون التي خسرها عبد العزيز، وانتخابات اتحاد بلديات الضنية التي خسرها المستقبل. كذلك نجح الصمد في حشر التيار في انتخابات القضاء الفرعية بعد رحيل علم الدين، وفي انتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى العام الماضي.
بقاء الصمد «شوكة في حلق المستقبل»، يدفع قيادة الأخير إلى اغتنام الانتخابات البلدية أملاً في أن تكون فرصة للقضاء على حالة سياسية رفضت أن ترفع لها الراية البيضاء وتذعن لـ»بيت الوسط»، أو تهادنه كما فعل كثيرون. علماً أن الصمد لم ينجرّ، طوال الأعوام الـ11 الماضية، إلى أي إشكال مع التيار الأزرق، أو التعرّض شخصياً لأي من قياداته كما فعل هؤلاء معه غالباً، وهو ما جعله أمس في مهرجان إعلان لائحته البلدية يقول إنه «منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، عام 2005، لم تشهد الضنية أي إشكال بين مناصري 8 و14 آذار، ما يدلّ على وعيهم وأصالتهم». علماً أن الطرف الآخر، من النائب عبد العزيز ومنسق تيار المستقبل في الضنية هيثم الصمد إلى رجال أعمال ومتمولين، بالتنسيق مع فتفت، لم يتركوا وسيلة ممكنة (أموال، بث شائعات، جلب مغتربين، شقّ صفوف عائلات وغير ذلك) للقضاء على الحالة التي يشكّلها الصمد.
غير أن تدخل الحريري ونوابه وكوادره في انتخابات بخعون البلدية بشكل فجّ وواضح، كان له مفعول عكسي، وجعل العامل السياسي يتقدم على البلدي. إذ إن الدخول في زواريب العائلات وتوازناتها أثار حفيظة كثيرين، وأدى إلى ردّ فعل من قبل أغلب عائلات البلدة الذين أغلقوا الأبواب أمامهم.
وما رفع منسوب الحماسة الانتخابية أن مناصري التيار الأزرق روّجوا أن الحريري سيزور بخعون لدعم لائحة حلفائه. لكنه على الأرجح سيعيد النظر في مجيئه بعد استنهاض مناصري الصمد قوتهم واستعراض ثقلهم وحضورهم، وتأكيد الصمد أمامهم في مهرجان إعلان اللائحة أن «أهالي بخعون ليسوا قاصرين ويرفضون أي وصاية من أي جهة أتت، وهم أدرى بشعابها».