وفي الأسبوع الثالث دعا الرئيس تمام سلام إلى استئناف عقد جلسات مجلس الوزراء بعدما كان علّقها بسبب سوء استخدام عدد من الوزراء للآلية المتفق عليها لعمل هذا المجلس، وتعمّد الرئيس سلام أن يؤكد في هذه الدعوة على أمرين هما أساسيان وملزمان من وجهة نظره: إعطاء الأولوية القصوى في المرحلة الراهنة لتسيير عجلة الدولة للحؤول دون تعريض المناعة الوطنية للخطر وعلى أساس التوافق الذي يشكل جوهر ميثاقنا الوطني، والثانية الدعوة الى انتخاب رئيس سريعاً لإعادة التوازن إلى المؤسسات الدستورية والنصاب الطبيعي إلى الحياة السياسية.
ماذا يُفهم من كلام رئيس الحكومة، هل هو استسلام لأولئك الذين رفضوا إلغاء أو تعديل الإجماع في مجلس الوزراء أم العكس هو الصحيح، أي أنه ما زال متمسكاً بموقفه وهو أن التوافق لا يعني الإجماع من أجل تعطيل الحكومة ومنعها من الإنتاجية بل يعني العودة إلى تطبيق الآلية التي نصّت عليها المادة 65 من الدستور وهي التوافق إذا أمكن واعتماد التصويت إذا تعذّر التوافق، وبمعنى أكثر وضوحاً يعني اعتماد النص الدستوري في كل الحالات لتمكين الحكومة من تسيير شؤون البلاد والعباد، ووضع حدّ لهذا الشلل الحاصل بحجة التعجيل في انتخاب رئيس الجمهورية حتى لا تبقى الحكومة تقوم مقام الرئيس، كل هذا فيما الفريق نفسه وليس الحكومة يتحمّل مسؤولية عدم انتخاب الرئيس حتى الساعة برفضه النزول إلى مجلس النواب لإكمال النصاب الدستوري لانتخاب الرئيس وهو ما أشار إليه ضمناً الرئيس سلام عندما تحدث بوضوح عن ضرورة تسريع انتخاب الرئيس لإعادة التوازن إلى المؤسسات الدستورية، ذلك لأن بقاء رأس الدولة شاغراً يشكّل بالنسبة الى الرئيس سلام إخلالاً في توازن المؤسسات بينما يتعامل معه بعض المرجعيات المسيحية والمارونية تحديداً كورقة ضغط على كل الأفرقاء والمكونات للقبول بها لرئاسة الجمهورية وإلا ما معنى أن تستمر في تعطيل جلسات انتخاب الرئيس وهي تعلم أن حضورها إلى مجلس النواب كافٍ لإكمال النصاب الدستوري الذي يتم بموجبه انتخاب الرئيس بالتوافق إذا أمكن وبالمنافسة الديمقراطية التي تميّز هذا البلد عن سواه من دول المنطقة إذا تعذّر التوافق.
الرئيس سلام متمسّك باحترام الجميع للدستور والعمل بموجبه بما في ذلك انتخاب الرئيس بهدف إعادة التوازن إلى المؤسسات الدستورية في حين أن الفريق المسيحي يقيس الأمور من منطلق ضمان مصالحه بصرف النظر عن مدى الحفاظ على الدستور وعلى توازن المؤسسات الدستورية.