كيف سيتمكَّن المعنيون من التوفيق بين التوازن في الإنتخابات النيابية وإنجاز الموازنة العامة للعام 2018؟
الملفان باتا كالقدر الذي لا مفر منه، فالموازنة مطلوبة داخلياً لضبط الإنفاق، ومطلوبة خارجياً كشرط مسبق لإنعقاد المؤتمرات الثلاثة الخاصة بلبنان.
والإنتخابات النيابية مطلوبة داخلياً لأنَّها مرجأة منذ أعوام، وكان يجب أن تُجرى عام 2013، ومطلوبة خارجياً لإعطاء إشارة إلى المجتمع الدولي أنَّ لبنان يُجدِّد ديمقراطيته:
جلسات مناقشة مشروع موازنة العام 2018 بدأت أمس في القصر الجمهوري في بعبدا، الجلسات اللاحقة المتتالية يُفترض أن تتواصل في السراي الحكومي خلال وجود رئيس الجمهورية خارج لبنان، في الزيارتين المتتاليتين إلى كل من العراق وأرمينيا، واللتين تنتهيان بعد غد الخميس. في غضون ذلك سيتلاحق درس الموازنة قبل أن تدهم الإنتخابات الجميع. ولن تكون معركة الموازنة أقلَّ قساوة من معركة الإنتخابات النيابية، لأنها ستكون مرفقة بمعايير الإصلاحات التي يجب أن تتضمنها قبل مؤتمر باريس – 4، الذي بات يُعرَف بسيدر – 1، والمزمع عقده في أواخر شهر آذار المقبل، حيث وعد كل من رئيسي الحكومة والمجلس بتسريع المناقشات، حتى إذا انتهت في الحكومة يتمُّ الإتفاق فوراً بين الرؤساء على فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي لمناقشة وإقرار الموازنة.
والتحدي الأكبر للموازنة، أنَّ الدول المانحة تريد في الموازنة إصلاحات مالية واقتصادية متوازنة كشرط لتكون المساعدات، من أجل الإستثمارات وليس من أجل أشياء أخرى.
مع ذلك فإنَّ الأرقام مخيفة:
الإيرادات في المشروع الذي تقدَّم به وزير المال لا تتجاوز ال 18 ألف مليار، والعجز فيها يقدر ب 8 آلاف مليار ليرة. هكذا تكون الموازنة مقدرة ب 26 ألف مليار أكثر من ثلثها عجزاً.
وفي التفاصيل الرقمية المخيفة أنَّ هناك 1500 مليار ليرة لخدمة الدين العام.
و 2000 مليار ليرة لسلسلة الرتب والرواتب.
و 150 مليار ليرة لتنظيف مجرى نهر الليطاني.
و 400 مليار ليرة للجيش اللبناني.
و 150 مليار ليرة للصندوق الخاص لدعم العائلات الفقيرة المستأجرة، بموجب القانون الجديد للإيجارات.
و75 مليار ليرة للإنتخابات النيابية.
هذا هو رعب الأرقام، وحين تتم قراءتها، ألا يجدر التوقف ملياً للتفتيش عن كيفية ترشيد الإنفاق؟
الرعب الآخر هو رعب الإنتخابات النيابية في ظلِّ الغموض البنَّاء أو غير البناء لنتائج هذه الإنتخابات، وفي ظلِّ قانون جديد لم يعهده اللبنانيون من قبل. بعد أسبوعين من اليوم يُقفَل باب الترشيح، لتبدأ مرحلة تركيب اللوائح التي تنتهي في السابع والعشرين من الشهر المقبل.
الموازنة والإنتخابات، إنهما الإختباران الأكثر قساوةً، فهل يتمُّ تمريرهما بأقلِّ خسائر ممكنة؟