Site icon IMLebanon

أي ” توازن” أولاً وأخيراً ؟

ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة حتما التي يطرح فيها جدوى الحوار بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” بعد اكثر من سنة من انطلاقه، ولا نظن ان موقفا هجوميا مقصودا بمستوى الحدة التهويلية الذي طبع كلام النائب محمد رعد او حتى غير مقصود هو الذي يجب ان يحسم اشكالية هذا الحوار على رغم ان مضمون كلام تهديدي كالذي صدر يستحيل تجاهل ابعاده، فمن الزاوية المنطقية المتجردة لا تتجاوز حصيلة هذا الحوار الصفر المكعب من حيث النتائج المباشرة على مجمل وجوه الازمة الداخلية وكل ما تتحفنا به جولات عين التينة الليلية منذ ولادة هذه المبادرة لا يتجاوز الأسطر الثلاثة الخشبية التي لا تقول سوى ان هذا “القصاص” الملزم لفريقيه ما كان ليكون لولا الخشية من الفتنة،

والحال ان نقطة النجاح النسبية الوحيدة التي حققها هذا الحوار باتت تعود الى عامل دعائي اكثر منه واقعي وهو اعتياد اللبنانيين على لازمة محببة أطلقت احتفاء بهذا الحوار وهي انه الحوار السني – الشيعي الوحيد الذي يشهده الشرق الاوسط الغارق في لجة الفتنة المذهبية الدينية، واذا صحت براعة من زين لهذا الحوار ان يكون بهذه الفرادة فإن ذلك لم يعد يستر على هذا الحوار الانكشاف المتدرج الذي بات يعانيه منذرا باسقاط حتى المبرر الاساسي الذي رفع لافتة له وهو انكشاف يتصل بأمرين على الاقل لا يمكن تيار “المستقبل” المضي في تجاهلهما اذا كان قرر فعلا ان يعيد تقويم التجربة الحوارية من زاوية تجاوز الفريق الاخر الخطوط المبدئية للإطار الذي يلزم المتحاورين البقاء داخل دائرة احترام ما يعد انجازات حققاها حتى الان. البعد الاول هل يجري الحوار فعلا ضمن توازن قوى، ليس في البعد العسكري المسلح ولا في القدرات المتصلة به وهو امر محسوم بالكامل لمصلحة “حزب الله”، وانما المقصود توازن قوى في قواعد الاشتباك الحواري بمعنى توازي القدرة على طرح الاولويات الطارئة ؟ من ذلك مثلا هل يبقى الحوار حوارا اذا اشترط تيار المستقبل اعادة النظر بأدبيات الفريقين وربط مصير الحوار بتخلي المحاور المستقوي بتجاربه المسلحة في الاختلال الداخلي والكف عن استعمال سلاح التهويل عند كل هبة ريح؟ اما البعد الآخر فيتصل بالازمة الرئاسية التي باتت تلزم تيار “المستقبل” نزع هذا البند من الحوار الثنائي ما دام “حزب الله” يسقط بالضربة القاضية اي محاولة لتحريك الازمة.

هذا الامر بات يشكل ازمة “حزب الله” مع سائر الافرقاء السياسيين ولم يعد منطقيا في شيء طرح ازمة الرئاسة في غرفة من عين التينة فيما الغرفة الاخرى للحوار الاوسع تشهد المهزلة الاكبر.