يقول سياسي مخضرم في مجالسه الخاصة، في معرض توصيفه وضع صهرَيْ العماد ميشال عون، إنّ أبرز نقاط قوة جبران باسيل هي في كونه صهر الجنرال، فيما أبرز نقاط ضعف شامل روكز في كونه صهر الجنرال أيضاً.
يأتي هذا الكلام في ضوء المجهود الذي يقوم به رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» لوقف اندفاعة التمديد الذي اقترب من اليرزة وضمّ مرة جديدة مدير مخابرات الجيش العميد الركن ادمون فاضل إلى قافلة المُمدد لهم، فيما تدنو الساعة من لحظة استحقاقَيْن بارزين: موعد إحالة مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص إلى التقاعد في الخامس من حزيران المقبل. وموعد إحالة قائد الجيش العماد جان قهوجي إلى التقاعد في أيلول المقبل.
صار جلياً أنّ عون يدفع باتجاه ترفيع العميد الركن شامل روكز إلى رتبة عماد طالما أنّ سيف التقاعد لا يزال مصلتاً فوق رقبة قهوجي، وطالما أنّ ورقة رئاسة الجمهورية لم توضع بعد في الجيبة ولا يمكن تالياً إحداث التغيير بسهولة في قيادة اليرزة إذا لم يكن مسبوقاً بتغيير على المستوى الرئاسي.
ولهذا يجسّ نبض القوى السياسية الأخرى، وتحديداً سعد الحريري ووليد جنبلاط، من امكانية كسر قاعدة التمديد نهائياً بعدما تمّ خرقها بتعيين لجنة الرقابة على المصارف، لتكون قيادة قوى الأمن الداخلي المدخل، وقيادة الجيش «الطربوش».
ما تمّ استخلاصه من الحوار العوني – المستقبلي، وقد تمّ إبلاغه للجنرال شخصياً هو أنّ «التيار الأزرق» لا يقف حاجزاً ضدّ تجديد عروق قيادة الجيش، وهو أصلاً يميل إلى كسر عرف التمديد في مديرية قوى الأمن الداخلي. واستطراداً، لا فيتو مرفوعا بوجه شامل روكز، شرط تأمين أغلبية حكومية تؤيد وصوله إلى قيادة الجيش فيعطي وزراء «المستقبل» ضوءهم الأخضر للسير بهذا التعيين. ولهذا فإنّ بقية الحِمل متروك على كتفيّ ميشال عون.
ولكن يُقال إنّ الحريري سجّل نقطة هامة أمام محدثه، وهي أنّ تعيين روكز قائدأً للجيش فيه سابقة لم تحصل من قبل وهي وصول ضابط إلى رأس الهرم العسكري محسوب على جهة سياسية محددة، مع ما يمكن أن يستدعي ذلك من تداعيات على بنية المؤسسة، مع أنّ معظم الكتل السياسية لا تملك في جيبها أي ملاحظات سلبية على أداء قائد فوج المغاوير تمنعه من سلوك سلّم المراتب العسكرية. علامة الاستفهام الوحيدة تأتي من كونه صهر ميشال عون.
طبعاً، لم يُبلغ الحريريون ضيوفهم العونييين كلاماً صريحاً، لا بنيّتهم تأمين هذه الأغلبية، ولا اشتكوا من موانع قد تحول دون تحقيق هذا الهدف. تركوا الرمادية تلوّن مربع موقفهم. ولهذا ثمة من يشكك في أداء هؤلاء وجديّتهم في السير حتى النهاية في مشروع إيصال روكز إلى القمّة، على قاعدة أنّ الحريري لا يريد أن يكون العثرة بوجه هذا المشروع، حيث سيتكفّل الخلاف السياسي بالوقوف عثرة أمام تحقيقه.
في المقابل، هناك من يرى أنّ جبهة الاعتراض التي يقودها ميشال عون بوجه طرح تأخير تسريح قائد الجيش، قد تعيد إنعاش مشروع قانون رفع سنّ التقاعد للضباط، بكونه آخر ورقة قد تلجأ إليها القوى السياسية لتفادي الشغور في القيادات الأمنية، من خلال «تعميم» مبدأ التمديد للقادة الأمنيين، بمن فيهم روكز، ما قد يسمح لرئيس «تكتل التغيير والإصلاح» بتليين موقفه وضمّ صوته لأصوات المؤيدين لهذا الطرح.
ولكن حتى الآن، يواجه المشروع اعتراضات كثيرة لأسباب مختلفة. الرئيس فؤاد السنيورة، وعلى سبيل المثال، يسجل اعتراضه على المشروع ربطاً بترتيباته المالية التي ستزيد الأعباء على الخزينة العامة، حيث يتساءل الرجل أمام من يلتقيه أنه كيف يمكن السير بهذا المشروع في وقت لا تزال فيه سلسلة الرتب والرواتب معلقة على جدار التصحّر المالي الذي يحول دون تمويلها؟ ماذا سيُقال للأساتذة وموظفي القطاع العام إذا تمكنت المالية العامة من إيجاد موارد لتغطية نفقات رفع سنّ التقاعد للضباط وتمنّعت عن إيجادها لتمويل السلسلة؟
بالنتيجة، يصف أحد السياسيين الوضع بتوازن الرعب. «المستقبل» سيواجه قريباً استحقاق مديرية قوى الأمن الداخلي، ولهذا ينتظره ميشال عون على الكوع. فيما الأخير يرصد مساريْ الرئاسة وقيادة الجيش.. وتنتظره البقية على الكوع أيضاً.