Site icon IMLebanon

الكرة في ملعب الحريري… هل يأتي بجواب

بانتظار ما سيعلنه الرئيس بري من مواقف في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر في الحادي والثلاثين من الجاري، وقبيل موعد انعقاد طاولة الحوار في الخامس من أيلول المقبل، أطلق امين عام حزب الله قنبلته التي مهد لها العونيون عبر تفاؤل مفرط، لتنقسم الآراء بين من قرأ في الاطلالة ومواقفها «مقاربة فتحت كوة في جدار الازمة» وبين من اعتبرها مجرد مناورة «للاحراج فالاخراج».

واذا كانت ردود المستقبل حتى الساعة قد تنوعت مروحتها بشكل لافت، لجهة الاختلاف في قراءة الخطاب وتفسير رسائله، وسط غياب تغريدات الشيخ المعتادة عقب اطلالات «السيد»، الا ان الاجواء العامة اشارت الى «نقمة» في الشارع السني عنوانها «تمنين الشيخ برئاسة الحكومة»، اذ اشار مصدر نيابي مستقبلي، الى ان موازين القوى النيابية هي التي ترجح كفة رئيس الحكومة العتيد، وما دامت كتلة «المستقبل» تملك الاكثرية في مجلس النواب فلا بد ان تأتي الاستشارات النيابية لمصلحة سعد الحريري، الا اذا جاء رئيس للجمهورية على غرار الرئيس السابق امين لحود الذي عرقل تكليف الرئيس رفيق الحريري بتشكيل الحكومة رغم تسميته في الاستشارات، او حصل انقلاب كما حصل عام 2011، غير مستبعد ان تكون «لفتة الحارة» نتيجة حتمية للمازق الذي يواجهه الحزب في سوريا، لا سيما في ضوء نتائج معركة حلب والتقدّم الذي حققته المعارضة.

ورأى المصدر في تيار المستقبل، في هذا الاطار، ان حزب الله الذي طالما اعتُبرت رئاسة الحكومة وقانون الانتخاب العنوانان الرئيسيان في الحرب التي يخوضها في «المعركة الخلفية» للانتخابات الرئاسية، ربما أدرك ان أي إفراج عن الرئاسة في التوقيت الذي يريده لا يمكن ان يحصل من دون إسقاط «الفيتو القاطع» الذي وضعه على عودة الحريري لرئاسة الحكومة في سياق الاشتباك الكبير في المنطقة بين ايران والسعودية، على ان تكون النقاشات حول قانون الانتخاب كفيلة بالوصول الى أرضية مشتركة بما يحفظ التوازنات في البرلمان العتيد وتالياً ضوابط اللعبة السياسية في العهد الجديد، على ان تأتي تباعاً ملحقات «التسوية» على شكل ضمانات متبادلة في ما خص الحصص داخل الحكومة وبيانها الوزاري. الامر الذي قد يفسر مسارعة رئيس المجلس الى البوح بما في داخله تجاه الحريري، معتبرا ان «اعلان نصرالله الالتزام بترشيح عون عشية وصول وزير الخارجية المصرية الى بيروت، حاملاً مجموعة افكار للرئاسة اللبنانية، محاولة واضحة لاجهاض المسعى العربي الجديد، معربا عن خشيته من «تحفظات ضمنية على المبادرة المصرية من حيث المبدأ انطلاقاً من قناعة بعض قوى الممانعة ان مفتاح الرئاسة اللبنانية بات في طهران بمعزل عن التصريحات الايرانية الرسمية التي تكرر القول ان رئاسة لبنان شأن اللبنانيين».

في المقابل تبدي مصادر في الثامن من آذار تعجبها من ردة فعل «الزرق»، اذ ان كلام السيد نصر الله ليس بجدبد، فقد سبق لوفد حزب الله ان نقل مضمونه الى المستقبل خلال جلسة الحوار الثنائية الاخيرة في عين التينة، حيث كان جواب الاخير مهلة زمنية قصيرة ليقوم الرئيس سعد الحريري بالاتصالات الضرورية مع العاصمة السعودية لاقناعها «بالصفقة» المعروضة، الا ان المهلة مرت دون ان يأتي الجواب، ما اضطر امين عام حزب الله الى كشف مستور المفاوضات و«حشر» المتلطين وراء حجة رفض الحزب لعودة «الشيخ» الى رئاسة الحكومة لتبرير تعطيلهم للانتخابات الرئاسية، غامزة من من قناة الازمة المالية الخانقة التي يعاني منها الحريري والتي شكلت في اطارها دعوة السيد «ضربة معلم»، ستدفع بالتاكيد الحريري الى مراجعة حساباته، واجراء «مفاوضات» مع السعودية لحسم قرارها قبل الخامس من ايلول، اما رفضا «للسلة»، او السير بها مقابل شروط وضمانات قد تستدعي بعض الوقت لانجازها بشكل كامل.

وفيما بدأت أجوبة تيار «المستقبل» على رسائل الحزب تتضح، رأت اوساط سياسية مطلعة أنّه يجري تحميل زيارة وزير الخارجية المصري الى بيروت اكثر مما تحمل، حيث انه لا يحمل معه اي افكار محددة، لمعرفته بان اللاعبين الأساسيين أصبحوا معروفين، وأنّ أيّ مبادرة خارج موقف حزب الله ومعه ايران، لن يكتب لها النجاح، مشيرة الى ان الأسابيع القليلة المقبلة، وبعد كلام السيد نصرالله حول الملف الرئاسي، سترسم مسارا سياسيا مغايرا، امّا ان يأتي سعد الحريري بِرَدٍّ وعرض واضحين ومقبولين من الرياض، او أنّ المملكة  ستصر على نهجها وسياستها تجاه لبنان، ما سيؤدّي حتما الى إطالة امد الأزمات من رئاسيّة وغيرها، ما سيضع لبنان فعليًّا أمام خيارات ربما لن تكون في مصلحة أحد.

وفي هذا السياق تكشف الاوساط ان حارة حريك نجحت في ردّ كرة التعطيل الى ملعب الحريري تحديداً، ضاربة عصفورين بحجر واحد، إحداث إرباكات داخل «المستقبل»، واللعب على العلاقة «غير المستقرة» بين الرياض وبيت الوسط، عبر حشْر الحريري والرياض من خلال تحميلها تبعات استمرار تعطيل الاستحقاق الرئاسي ،ساعيا من وراء ذلك الى كسب المزيد من الوقت يسمح باستكمال الحوار الثنائي الاسلامي – الاسلامي، وتوفير مقوّمات «بقاء» طاولة الحوار الوطني.

هكذا صار الخط البياني أكثر وضوحا. فإذا كان «حزب الله» يربط بين رئاسة عون وحكومة الحريري، وإذا كان بري يتمسك بالحريري بشكل مطلق، عندها تصير خارطة الطريق واضحة، علما أن كل القوى اللبنانية الأخرى الوازنة جاهزة ومشجعة ومباركة، بدءا بوليد جنبلاط. فما الذي ينقص للحل اللبناني بعد؟ ولماذا هذا التناقض، وأي النظريات أصح بالنسبة إلى الرئاسة؟

في الواقع لا تغيرات محلية واقليمية تنبئ بتطور ما على الصعيد الرئاسي بحسب الاوساط، بالعكس كل ما يحصل في المنطقة يشير إلى مزيد من التأزم والحماوة. وعليه فإن تفاؤل البعض قد يكون مرهونا بالحديث عن مبادرة فاتيكانية ما، أو حراك مصري. كما قد يكون كل التفاؤل الموزع والمبرمج، بهدف التعمية والتغطية على قرارات ينبغي ان تتخذ وأولها تأجيل تسريح قائد الجيش.

وحدها الرابية، خرجت مطمئنة، نائمة على حرير بعبدا الذي لم يعد بعيدا، وفقا لاوساطها، مع تقديم حزب الله كل الضمانات والتطمينات المطلوبة علنا في خطوة دفعت بالملف الرئاسي الى الامام، على ما اكد عليه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، ناقلا الكرة الى ملعب المستقبل ومن خلفه المملكة العربية السعودية، داعية الى انتظار موقف الرئيس السابق للحكومة ليبنى على الشيء مقتضاه، ذلك ان ما بعد السبت لن يكون كما قبله، وجلستي الحوار والانتخاب في ايلول ستكونان حاسمتين لجهة تحديد المسار الذي ستسلكه الازمة اللبنانية بكل ملفاتها وتشعباتها.